أهي سنة وعدّت، بملحها، بمرها، بفسادها، كانت كبيسة وخبيثة.. حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي خلالها على أن يُطهر البلاد من رءوس الفساد بها، ووجّه الأجهزة الرقابية بالمطاردة ودَعّم قادتها في رحلات اصطيادهم لحرامية المال العام، التقارير تقول إن مصر في مرتبة متقدمة عالميًا بالنسبة للانحراف المالي وخراب الذمم، وأن بعض المؤسسات الحكومية وبعض هيئاتها هم الأكثر شبهة في هذا الملف اللعين، فيما جاءت وزارات التموين والصحة والزراعة على رأس قوائم الفساد والفضائح.
منظمة الشفافية الدولية خلال عام 2016 قالت في بيان لها أن ترتيب مصر هو 88
من أصل 100، لافتة إلى أنه في عام 2015، انخفضت مصر من 37% عام 2014 إلى
36% عام 2015، وهذا يضع مصر في الطرف الأدنى للمؤشر، ويشير في الوقت ذاته
إلى وجود مشكلة كبيرة في مدركات الفساد في القطاع العام على حد ما جاء في
بيان المنظمة ردًا على تصريحات مسبقة لرئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل
تفيد بتقدمها في نسب مكافحة الفساد.
الحقائق تقول إن الفساد الحكومي وصل ذروته خلال عام 2016 وتشير تقارير رقابية إلى أن
وزارات بعينها في الحكومة الحالية ضربت الرقم القياسي في الفساد تمثلت في
جرائم التلاعب فى السلع التموينية وألبان الأطفال وتوريد القمح مع رشاوى.
نجد
وزارة التموين الأبرز من بين الوزارات التي وقع بها وقائع فساد، حيث وجهت
لجنة تقصي الحقائق التهم بالفساد للدكتور محمد حنفي وزير التموين السابق،
وأكثر من 12 متهمًا من أصحاب شركات الصوامع وشون القمح، ترتب على ذلك
استقالة حنفي بعد إعلان النائب العام عن وقائع لإهدار المال العام حين
قال: "إن ما يصل إلى سبعين مليون دولار أنفقت على قمح مصري لم يتم توريده،
وكشف الأمر عن إهدار أكثر من مليار جنيه، قيمة العجز فى محصول القمح داخل
الصوامع والشون بالمحافظات"، كما وقعت أزمات أخرى تتعلق بارتفاع اسعار
ونقص كل من الزيت والأرز والسكر في ظل ارتفاع أسعار الدولار وتعويم الجنيه
فيما بعد.
ومن التموين إلي وزارة التربية والتعليم، الفساد يمتد حيث وصل عدد القضايا بالوزارة إلى نحو 400 قضية أحيلت للنيابة الادارية والنيابة العامة خلال الـ9 أشهر الماضية بداية من شهر يونيو.
ومن التموين إلي وزارة التربية والتعليم، الفساد يمتد حيث وصل عدد القضايا بالوزارة إلى نحو 400 قضية أحيلت للنيابة الادارية والنيابة العامة خلال الـ9 أشهر الماضية بداية من شهر يونيو.
وفي السياق، رصد
تقرير حقوقي لمؤسسة "شركاء من أجل الشفافية التقرير السنوى الأول، وقائع
فساد أخرى، التقري غطى الفترة من يوليو 2015 حتى يونيه 2016، وقال أن وقائع
الفساد بلغت 1102 واقعة خلال العام المالى 2015/2016، حيث حازت وزارة
التموين علي النصيب الأكبر من وقائع الفساد بواقع 215 واقعة بنسبة 19.77%،
ويليها المحليات برصيد 127 واقعة فساد بنسبة 11.5% تقريبا، ثم الصحة برصيد
97 واقعة فساد بنسبة 8.8%، ثم وزارة الزراعة برصيد 88 واقعة بنسبة 7.9%،
ويليها وزارة الداخلية برصيد 76 واقعة بنسبة 6.89%، ويليها وزارة التربية
والتعليم بعدد 59 واقعة فساد بنسبة 5.35%، ثم وزارة المالية برصيد 49 واقعة
بنسبة 4.44%، ثم ووزارة الإسكان برصيد 36 واقعة بنسبة 3.26%.
هنا
يشدد الدكتور رشاد عبده، خبير الاقتصاد الدولي ورئيس المنتدى المصري
للدراسات الاقتصادية، علي ضرورة إنشاء صندوق مكافحة الفساد بكل وزارة أو
مؤسسة أو مصلحة حكومية داخل مصر وإعطائها الصلاحيات بحيث يتم إشراك الموظف
العامل بها في إرسال الشكاوى الخاصة بوقائع الفساد وفحص تلك الشكاوى
وتقديمها للنيابة لتتولي التحقيق في حالة ثبوت وقائع فساد بالفعل، مضيفا أن
سبب انتشار الفساد يعود إلى ضعف القوانين الخاصة بمحاكمة الفاسدين والتي
لا ترقي لمواجهة الفاسدين ولذلك لابد من تغليظ العقوبات الأمر الذي سيعمل
على ردع الجناة وتقنين الفساد.
ولفت عبده، إلى أن دول مثل سويسرا وسنغافورة وغيرها من البلدان المتقدمة استطاعت تحقيق أعلي معدل في الشفافية ومكافحة الفساد على مستوي العالم بسبب تغليظها للقوانين ووضعها في الاعتبار وهو ما ساهم في رفع معدل التنمية داخل تلك الدول ووصول متوسط الدخل للفرد إلى أعلي المعدلات العالمية، مشددا على ضرورة إعطاء صلاحيات كافية للجهات الرقابية المختلفة لتولي أمور الفساد ومنعه.
ولفت عبده، إلى أن دول مثل سويسرا وسنغافورة وغيرها من البلدان المتقدمة استطاعت تحقيق أعلي معدل في الشفافية ومكافحة الفساد على مستوي العالم بسبب تغليظها للقوانين ووضعها في الاعتبار وهو ما ساهم في رفع معدل التنمية داخل تلك الدول ووصول متوسط الدخل للفرد إلى أعلي المعدلات العالمية، مشددا على ضرورة إعطاء صلاحيات كافية للجهات الرقابية المختلفة لتولي أمور الفساد ومنعه.
وقال عاصم
عبد المعطى، وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات والإحصاء سابقا، ورئيس المركز
المصري للشفافية ومكافحة الفساد، أن تواجد الفساد على مدار الفترة السابقة
جاء للعديد من الأسباب بينها وجود قوانين قديمة تعوق مكافحة الفساد شرعت
خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، خلال عهد الرئيس المخلوع محمد
حسني مبارك، وضعت بغرض حماية الفاسد وحماية مصالح الفرد على حساب الامة
ولم نري من الحكومة حتى اللحظة خطوات إيجابية لتعديل هذه القوانين، لافتا
إلى أن مواجهة الفساد يرتبط بالعديد من الإجراءات من بينها دعم الأجهزة
الرقابية وتفعيل دورها في مكافحة الفساد، مشيرا إلى أنه يجب أن تتعظ
الحكومة بالجهود السابقة التي حاولت استئصال الفساد ولم تنجح في ذلك، وهو
ما تجلي خلال عام 2007 حينما تشكلت لجنة للشفافية من خلال وزارة التنمية
الإدارية، ولكنها فشلت ولم يصدر لها تقرير واحد عن الفساد، وتكرر ذلك في
عام 2010 حيث تشكلت لجنة برئاسة وزير العدل ولاقت مصير اللجنة السابقة
وخلال العام الحالي تشكلت اللجنة التنسيقية لمواجهة الفساد لافتا إلى أن
القضاء على الفساد يتحقق بالإرادة السياسية..