السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

محافظ البنك المركزي.. عيب وحرام!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الدولار رايح على فين؟! لا يخلو حديث بين اثنين أو أكثر من المصريين من هذا التساؤل الذي بات من أدبيات الحياة اليومية لأبناء هذا الشعب الصابر الصامد، وذلك بعد أن أصبح المواطن يُفاجأ بتغيير أسعار السلع، ليس كل أسبوع، أو حتى كل يوم، بل إن السعر قد يرتفع مرتين في ذات اليوم.
وبكل أسف لا تقتصر هذه الحالة على سلع دون غيرها، بل إن جميع الأسعار بداية من الطماطم، ومرورًا بالزيت والسكر والأرز وانتهاءً بأسعار السيارات والعقارات، وفي جميع هذه الحالات لا يملك رجل الشارع العادي إلا أن يشق جيوبه، ويلطم خدوده، ويرفع كلتا يديه للدعاء على طارق عامر محافظ البنك المركزي، ليس بصفته الشخصية، بل كرمز لكل مسئول أسهم ولو بنسبة 1 في الألف فيما وصلنا إليه.
والواقع أن أزمة، بل قل كارثة، ما وصلت إليه الأمور لها أكثر من حيثية، فمن ناحية لا ينسى المصريون حين خرج عليهم محافظ البنك المركزي بتصريحاته الإعلامية التي أكد خلالها بالحرف الواحد أن تحريك سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي من 7.73 جنيهات إلى 8.85 سيجذب الاستثمارات عبر إغراء رجال الأعمال الأجانب لجلب استثماراتهم في مصر، فتدور عجلة الاقتصاد، وساعتها سيصبح سعر صرف الدولار بـ 4 جنيهات.
وبطبيعة الحال مرت الأيام واكتشفنا أن كلام المسئول "مدهون بزبدة" قبل أن يطلع عليه الصباح ساح، وراح في خبر كان، فلا المستثمرون تم إغراؤهم بضخ أموالهم ، وربما تم إغراؤهم بأشياء أخرى، ولا الدولار انهار ووصل إلى 4 جنيهات، مما جعلنا أمام واقع جديد بعد أقل من 6 شهور مفاده تخفيض قيمة العملة المحلية بمقدار النصف تقريبًا، وكانت الحجة التي حاول أن يضحك على ذقوننا بها ضرب السوق السوداء في مقتل بتوصيل سعر صرف الجنيه أمام الدولار إلى 13 جنيهًا كسعر ابتدائي وكخطوة أولى لتحرير سعر صرف الجنيه أو ما يسمونه "التعويم"، الذي يقصدون به على ما يبدو "الإغراق".
فبعد مرور أقل من شهرين على تخفيض قيمة العمل بمقدار 48% ومع وصول سعر صرف الدولار أمام الجنيه إلى نحو 20 جنيهًا نجد أن الأرقام تضعنا أمام حقيقة واحدة أنه تم تخفيض سعر العملة بقيمة تزيد على 90% وهو ما يسميه خبراء الاقتصاد بـ"انهيار العملة المحلية"، ولو لدى أي خبير اقتصادي أي وصف آخر يرد علينا.
الحقيقة الأخرى التي باتت لا تقبل الشك أيضًا، أننا دخلنا في دوامة لا نعرف طريقًا آمنا للخروج منها، فلا ندري إذا كان هذا الإجراء هو بحق كما حدثنا المسئول محاولة لضرب السوق السوداء واجتذاب المتعاملين بالدولار المفتري كما قيل، أم أنه خضوعًا لإملاءات خارجية تضغط على مصر منذ فترة كبيرة لتخفيض قيمة الجنيه المغلوب على أمره، كما لا نعرف إن كان هذا التخفيض سيكون في صالح الاقتصاد المصري أم أنه سيزيد المشهد ارتباكًا، المصيبة الأكبر أننا لم نعد نعرف إلى أي مدى سيواصل الدولار ارتفاعه أمام الجنيه.
وإذا حاولنا إقناع المواطنين بأن هذه "الحقنة" تأتي ضمن أجندة الإجراءات المؤلمة التي وعدنا إياها المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء على أمل تدوير عجلة الاقتصاد بتقديم حوافز استثمارية، إلا أننا لم يخرج علينا مسئول "يوحِّد ربنا" ليشرح في المقابل حزمة الإجراءات الوقائية لحماية محدودي الدخل، ومعدوميه، من الاكتواء بنار ارتفاع الأسعار التي لم يعد أحد يقدر على مواجهتها في ظل "تفطيس" قيمة الجنيه "الغرقان لشوشته".
وفي مفاجأة من العيار الثقيل تراجع محافظ المركزي عن تصريحاته للرئيس السيسي، كالعادة، حول قرض البنك الدولي مؤكدًا أنه لن يدعم الاحتياطي بعد أن ذكر للرئيس عكس ذلك، ونقل بيان رسمي عن الرئاسة تصريحات محافظ البنك المركزي بأن مبلغ الـ 1.5 مليار دولار الذي حصلت عليه مصر خلال الأيام الماضية من البنكين الدولي والأفريقي بواقع مليار دولار من البنك الدول و500 مليون دولار من البنك الأفريقي سيستخدم في سداد التزامات على الحكومة، ولن يضاف إلى الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي .. مما يزيد جرعة التشاؤم حول وضع الاقتصاد المصري.
نعلم أن المسئولية ليست سهلة أو هينة، لكن ما نريد أن نلفت الانتباه إليه هو أن المواطنين ينتظرون حلولًا عملية لإنقاذ بلدهم ولن يلتفتوا هذه المرة لكلمات طارق عامر المعسولة عن انتصار الجنيه، ولا عن فرحة السيدة الفاضلة زوجته بارتفاع قيمة وديعتها التي لم نعرف هي كام بالضبط، المصيبة أننا بهذه الصورة مقبلون على خطر لا يُحمد عقباه، وربنا يستر.