الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تفجير الجبهة الداخلية.. من فوضى الشائعات إلى مخطط توريط مصر فى حرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تواجه الجبهة الداخلية المصرية، من جديد، واحدا من دفعة الاختبارات الصعبة، التى نمر بها منذ يناير 2011 حتى الآن، فبعد أن تجاوزنا الكثير من الصعوبات، هناك مخطط جديد لتفجير الجبهة الداخلية، ولا يعيه الكثير من المصريين، تحت وطأة الضغوط الاقتصادية القاسية وضبابية الأجواء .. ففى الوقت الذى يشغلوننا فيه بفيضان شائعات لا يتوقف بشكل يومى، اضطر مجلس الوزراء لإصدار بيانات متكررة لوأد هذه الشائعات، التى تفكك الجبهة الداخلية، فى مهدها، كان يتكشف المخطط الأكبر لأعداء الوطن، وهو توريطنا فى حرب، لا نحدد موعدها، ولا نستعد لها اقتصاديا ولا سياسيا ولا عسكريا، ولا حتى من جبهتنا الداخلية التى تم الضغط عليها، حتى تفكك أجزاء منها .
كان من الضرورى أن نبدأ بهذه المقدمة المعلوماتية البانورامية، التى لن يتقبلها البعض، مدعيا أنها سوداوية، لكن هؤلاء لا يعلمون أننا ندخل عام الانتخابات الرئاسية خلال فترة وجيزة، تزامنا مع قرب انتهاء إثيوبيا من سد نهضتها وتعطيشنا، وبالتالى يركز أعداء وطننا فى الداخل والخارج على استغلال هذه الأجواء لإحداث فعل جلل يؤصل واقع الدولة الفاشلة فى مصر، ويوطن الفوضى والعربدة، فتصبح بالفعل هيكل دولة يجمع الملايين من البشر الباحثين دائما عن أكلهم الذى لا ينتجون حوالى 60% منه، وبهذا يعيشون فى ضغوط اقتصادية باستمرار، فلا ترفع رؤوسهم أبدا، وتنتهى مصر تماما.. هذا السيناريو، الذين يريدونه لنا .
وللأسف بعض مكونات الجبهة الداخلية تقودنا مع الخارج إلى هذا الخطر، فمن الضرورى أن نحذر منه باستمرار.. رغم اتهام البعض لنا بالسوداوية .
الجبهة الداخلية المستهدفة خلال الفترة الأخيرة بتسونامى شائعات لا يتوقف، وللأسف يستغل أعدائنا أخطاء مسئولينا المقصرين أو الجهلة لزيادة الاحتقان فى الشارع، آخرها أزمة تعريب مناهج الثانوية العامة، وأزمة الدولار التى لا تهدأ، وحتى أسعار الوقود، وشطب 10 مليون من بطاقات التموين، هذا الملف الذى ينال استهدافات عديدة بالشائعات لأهميته طبعا، وتأثيرها على كل بيت مصرى .
لكن هذه الشائعات لا تحتاج أحيانا إلى بعض المنطقية، معتمدة على مجموعات المشككين فى كل شيء، بخلاف الكارهين للدولة المصرية من الداخل الخارج، من صهاينة الإسلام "الإخوان" وحلفائهم الأناركيين من مجموعات الإبريليين والاشتراكيين الثوريين وغيرهم، فحتى مشهد بكاء الرئيس السيسى نال الكثير من الجدل والتشكيك، بدلا من أن يعتبره البعض شعور بالمسئولية وتحمل الكثير والقلق على المستقبل الصعب، وصفوه بأنه ندم على ما اقترف من جرائم أو فشل، الغريب إنه ليس من مجموعات الكارهين لمصر، لكنهم هذه المرة من مجموعات المشككين، الذى أصبح أثرهم أقوى أحيانا من مجموعات الكارهين، لمصداقيتهم لدى البعض، ومن هنا يتبلور خطر تفكيك الجبهة الداخلية .
كان هذا جليا فى أزمة القرار المصرى لإدانة الاستيطان الإسرائيلي فى مجلس الأمن، حيث تحول الكل إلى وزراء خارجية ومندوبين لمصر فى الأمم المتحدة، ويفتون فى كواليس دقيقة جدا، لا يعرفون عنها أى شيء، خاصة فى غيبوبة من الإعلام المصرى يجب أن يحاسب عليها، حيث تركوا المصريين إلى الشائعات والأكاذيب الإخوانية و"هرى الفتايين" من مجموعات المشككين، فتكون رأى عام داخلى ضد مصر فى هذا الموضع، رغم أنه إنجاز دبلوماسي بالفعل، قامت فيه مصر بمناورة الكل، حتى مررت القرار الأول من نوعه منذ 38 عاما، وتلاقت وجهتا النظر الإسرائيلية والإخوانية فى هذا الحدث كالعادة، وحملت عنوان، أن نتنياهو شكر السيسى، وبالفعل تحولت الصحف الإسرائيلية عن كارثتها بإدانة الاستيطان وعواقبه من عدم ترشح إسرائيل للعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن وتفكير إدارة ترامب ألف مرة فى أى موقف حيال الاستيطان بعد ذلك، لتشكر السيسى وتتحدث عن ضغوط ترامب ونتنياهو عليه، وتتلقف المجموعات الإخوانية والأناركية هذه الأكاذيب وكأنها انتصار لهم وانكشاف لحقيقة النظام المصرى، وسارت ورائهم مجموعات المشككين، ولم تركز الجبهة الداخلية التى يجب أن نعترف إنها فى حالة تشوه، فى شكر القيادات الفلسطينية لمصر والسيسى على تمرير هذا القرار المهم جدا، الذى يقوى المخطط المصرى لإحياء عملية السلام، كما طالب السيسى من جديد خلال مكالمته الأخيرة مع ترامب .
كل هذا تزامن مع أعمال تتم فى العلن، وأخرى فى الخفاء لدعم إثيوبيا لوجستيا وماليا لإنهاء المراحل الأخيرة فى سد النهضة بسرعة، مع تحركات مريبة وأخرى داعمة للموقف المصرى فى باب المندب والقرن الإفريقي وحوض النيل، وكان من الأمور المعلنة فى مخطط توريط مصر فى حرب أقربها مع إثيوبيا، هو صراع الزيارات المتبادلة من القيادات الخليجية والتركية لسد النهضة، وفى المقابل زيارة الرئيس المفاجئة لأوغندا، التى أعادت الحديث عن المجرى المائى من وسط إفريقيا إلى البحر المتوسط مرة أخرى، لكن مجموعات الكارهين والمشككين طبعا تركت كل ذلك وأثارت الجدل بفيديو مضروب حول خناقة حرس الرئيسين المصرى الأوغندى، بل والحديث عن ضرب الحرس الرئاسى فى الدولة التى تحمل المنابع الأولى للنيل، بعيدا عن منابع الحبشة، التى تهددنا بها إثيوبيا وحلفاؤها إسرائيل وأمريكا وتركيا وغيرهم. 
يستمر مخطط توريط مصر فى حرب أقربها مع إثيوبيا لفترة، خاصة مع تواصل تحرش رئيس وزراء إثيوبيا بمصر، بحجة إننا نأوى من تسميهم بالإرهابيين الإثيوبيين، فيجب أن نواجه هذا المخطط الذى تضع له الدولة المصرية السيناريو المضاد، لكننا فى حاجة لجبهة داخلية قوية، لا متفككة تعانى من حرب الشائعات والتشكيك والضغوط الاقتصادية القاسية، وهى مسئولية مشتركة بين الدولة والشعب.