الجهاز المركزي أكبر الأجهزة
الرقابية في مصر من بين 6 أجهزة رقابية أخرى، بدأ العام بحدث ضخم تمثل في الإطاحة
والضرب بيد من حديد على رئيسه، فأصدر الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، قرارًا
جمهوريًا بإعفاء المستشار هشام أحمد فؤاد جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات،
من منصبه، وتكليف المستشار هشام بدوي بمهام المنصب.
وجاء قرار السيسي بعد
ساعات قليلة من صدور بيان لنيابة أمن الدولة العليا أعلنت فيه أن تصريحات جنينة
بشأن الـ600 مليار جنيه تكلفة الفساد في مصر خلال عام 2015 غير منضبطة، وأن الجهاز
المركزي للمحاسبات غير معني بتحديد الفساد.
كما ذكرت نيابة أمن
الدولة العليا أنه استمرارًا للتحقيقات التي تجريها في واقعة إصدار رئيس الجهاز
المركزي للمحاسبات لتصريحات بشأن تكلفة الفساد في مصر عن عام 2015، واعتبرها مقدمو
الشكوى ضده مخالفة للحقيقة وتنطوي على بيانات غير صحيحة وتفتقر إلى الدقة بما من
شأنه تعريض السلم العام للخطر وإضعاف هيبة الدولة والثقة في مؤسساتها.
وأضاف البيان: "لقد
أقرت رئيس قسم الحوكمة بوزارة الدولة للتنمية الإدارية والمشرفة والمنسقة للجهات
الخمس المعنية بإعداد التقرير، بأن الفترة الزمنية لهذه الدراسة حددت ما بين 2008
إلى 2012 وأن تكون في إطار مفهوم الفساد المقرر بالاتفاقيات الدولية النافذة في
مصر، التي تقتصر على الجرائم العمدية".
كما لفت إلى أن
"أعضاء اللجنة المشكلة من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات أقروا بنفس ما قررت
به رئيسة قسم الحوكمة، إضافة إلى أن التقرير تضمن احتساب مخالفات سابقة على عام
2012 وكذلك احتواؤه على أخطاء تمثلت في تكرار قيم الضرر".
وأشار إلى أن الرقابة
الإدارية كشفت قيام هشام جنينة بجمع المستندات والتقارير والمعلومات والاحتفاظ
بصورها وبعض من أصولها، مستغلًا صلاحيات منصبه.
وكانت لجنة تقصي الحقائق
التي شكلتها الرئاسة المصرية قد كشفت عدم صحة ودقة الأرقام التي أعلنها جنينة حول
وصول تكلفة فاتورة الفساد في مصر إلى 600 مليار جنيه خلال العام الماضي 2015.
كذلك قالت اللجنة خلال
بيان صحافي لها: إنه تم الاتصال برئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بتاريخ 27 ديسمبر
الماضي للاستفسار عن حقيقة ذلك التصريح، وأفاد بأنه قد أعد دراسة بواسطة لجنة فنية
شكلها من بعض العاملين في الجهاز، انتهت إلى صحة ذلك الرقم وأنه يتضمن الفترة من
عام 2012 حتى عام 2015. وقام بإرسال نسخة من هذه الدراسة إلى اللجنة معنونة باسم
"دراسة عن تحليل تكاليف الفساد بالتطبيق على بعض القطاعات في مصر"، وذلك
دون الإشارة للمدى الزمني للدراسة. وتبين بعد ذلك أنها تتحدث عن فترات زمنية من
القرن الماضي. وقد سادات حالة من الارتياح، بين أعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات،
بعد القرار الذى أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسي، بعزل المستشار هشام جنينة من
منصبه، وتكليف المستشار هشام بدوي رئيسا للجهاز التحق «بدوي» بنيابة أمن الدولة
العليا، بعد قبوله فى النيابة العامة، وتدرّج فى السلك القضائى بالنيابة، حتى شغل
منصب المحامى العام لنيابات أمن الدولة العليا، كما شغل منصب رئيس محكمة استئناف
القاهرة.
ويعرف عن «بدوي» الحسم
والحزم فى اتخاذ القرارات، كما أنه متخصص فى قضايا الإرهاب والتجسس وإهدار المال
العام، وعندما تولت جماعة الإخوان الإرهابية حكم البلاد، انتهزوا الفرصة وأطاحوا
به من النيابة. وأكدت الدراسة التى تضمنت 347 صفحة، أنها تهدف بصفة أساسية الى
تحليل تكاليف الفساد فى بعض القطاعات فى مصر من خلال التعرف على الإطار التشريعى
والقانونى المنظم لكل قطاع على حده، الإطار التقنى والفنى والتنظيمى لآليات العمل
بكل قطاع، نواحى القصور فى منظومة الأداء لكل قطاع على حده، مظاهر إهدار المال
العام فى كل قطاع، دور الجهاز المركزى للمحاسبات فى رصد العديد من المخالفات
المالية والإدارية والقانونية، فضلاَ عن توصيات الجهاز فى إطار أداء القطاعات
المختلفة.
كما اشتعلت أزمة أخرى،
الجهاز المركزي للمحاسبات مع هيئة النيابة الإدارية، بسبب الخلاف بينهما حول
مراقبة الجهاز على الهيئة، حيث تري هيئة النيابة الإدارية أنها مستقلة، ولا يحق
للجهاز مراقبتها.
فيما يرفض الجهاز المركزي
للمحاسبات، قرار الهيئة، مؤكدًا أنه من دوره مراقبة أعمال وتقارير الهيئة، طبقًا
للدستور والقانون.
وأكد المستشار عبد الله
قنديل رئيس نادي مستشاري النيابة الإدارية، أنه ليس من القانوني مراقبة الجهاز
المركزي للمحاسبات الهيئة، ويخالف نص الدستور الذي يؤكد على استقلال هيئة النيابة
الإدارية، وليس من اختصاص المركزي للمحاسبات مراقبة قرارات الهيئة، لأنه يقوم بمراقبة
الجهات الإدارية التي من اختصاصه وهي المرافق العامة الداخلية بالدولة ولم تكن
النيابة الإدارية منها.
وأضاف قنديل أن النيابة
الإدارية، تواصلت مع مجلس النواب لتعديل دور الهيئة ومراقبة الجهاز عليها، مؤكدًا
أن ذلك مخالف للقانون والدستور.
فيما رد المستشار هشام
بدوى رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، في تصريحات صحفية، على مطلب النيابة الإدارية
للبرلمان ومناقشته لمطلبها بأن الجهاز إذا تسلم قرار البرلمان بوقف مراجعة قرارات
النيابة الإدارية سوف يتخذ الإجراءات القانونية ضد القرار.
من بين آلاف التقارير
التي تصدر عن الجهاز كان التقرير الذي يحمل شعار "سري"، أرسله المستشار
هشام بدوي رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، حول وقائع
فساد منظومة القمح، مشيرا إلى أن السيسي طلب تقارير أجهزة رقابية أخرى عن ذات
الموضوع.
"التقارير كشفت تورط
مسئولين في ارتكاب بعض المخالفات سواء في توريدات القمح المستورد أو الأقماح
الموردة والرقابة على التخزين داخل الصوامع والشون، وكذلك عدد من مديري الإدارات
بوزارة الزراعة لتوريد كميات وهمية من الأقماح واستلام وصرف المبالغ المستحقة عن
تلك الكميات الموردة والاستيلاء عليها".
وأضافت التقارير، أنه
بإجراء التحريات بشأن ما ورد إليه من معلومات وبالرجوع للمصادر السرية تبين أن أصحاب
الصوامع والشون الترابية قاموا باصطناع تفويض باسم الجمعيات الزراعية وهو ما أكدته
تقارير الرقابة الإدارية التي رفعت إلى الرئيس عقب تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات.
ماسبيرو أيضًا كان من ضمن
التقارير الأضخم فقد كشف تقرير جديد للجهاز المركزي للمحاسبات عن القوائم المالية
للشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي، عن وجود نزيف لإهدار المال العام
بالمدينة.
التقرير الصادر في 17
أكتوبر الجاري، أكد أن القوائم المالية تم اعتمادها على القوائم المالية المعدلة،
والتي لم يتم اعتمادها من قبل الجمعية العامة للشركة لعدم انعقادها في تاريخه،
وكذا النظر في تقرير مراقب الحسابات عليها.
كما أظهر التقرير رصيد
أرباح مرحلة بنحو 2.45 مليون جنيه، دون تخفيضها بنحو 5 ملايين جنيه، تمثل باقي
قيمة حكم المحكمة لصالح شركة "ثري اس" للاستثمارات السياحية، هذا بخلاف
الرسوم القضائية البالغة نحو 3 ملايين جنيه.
التقرير كشف أيضًا أنه لم
تدرج الشركة حتي تاريخ المركز المالي نحو27 مليون جنيه لحساب الأرصدة الدائنة، من
خلال شراء بعض قطع الأراضي، وعدم توافر عدد من التأكيدات الكافية لأحقية هذا
الشركات في تلك المبالغ.
كما رصد التقرير إجراءات
التسوية لباقي التسويات، البالغة نحو 16 مليون تخفيضًا من حساب الأرباح المرحلة،
والإيرادات منها 10 ملايين قيمة المديونية من اتحاد الاذاعة والتلفزيون، و13 مليون
قيمة دمغة النشر المستحقة عن تنفيذ إعلانات مع خلال بعض وكالات الإعلان العامة،
كمديونية للشركة على الشركة بدفاتر القطاع الاقتصادي باتحاد الإذاعة والتليفزيون.
كم أظهر التقرير وجود
3.65 ملايين جنيه عوائد حقوق استغلال للأعمال الفنية تحت مسمي رصيد قطاع القنوات
المتخصصة على الرغم من أنه لم يتضمن سوى 800 ألف جنيه فقط.
على الصعيد الداخلي، قام
هشام بدوي بإعادة ترتيب أروقة الجهاز من الداخل والتقى عددًا من أعضاء الجهاز
المركزي للمحاسبات، مشيرًا إلى أنه وعدهم خلال الاجتماع أن قانون الجهاز المركزي
للمحاسبات سوف يتم إرساله إلى مجلس النواب خلال الثلاث شهور القادمة وأنه وفقا
للدستور الجديد على الأجهزة الرقابية جمعيها أن تعرض القوانين الجديدة الخاصة بها
على مجلس النواب حتى تتم مناقشته.
وأوضح أن من أهم بنود
مشروع القانون: "إحالة أى جهة لم تقم بتصويب ملاحظات تقرير الجهاز المركزى
للمحاسبات إلى المحكمة التأديبية ومساءلتها تأديبيًا واعتبار ما قامت به هذه الجهة
مخالفة تدون فى تقارير الجهاز"، كما يتضمن المشروع توسيع دائرة اختصاصات
الجهاز فى الرقابة المالية على كافة الصناديق الخاصة التى يتم تمويلها من الموازنة
العامة للدولة، إضافة إلى مد مظلة عمل الجهاز إلى الجهات التى تمول من الموازنة
العامة ولا تخضع للرقابة المالية.
وينص مشروع القانون على
منح الأعضاء سلطة الضبطية القضائية بدلًا من إصدار قرار وزارى فيها حتى لا يكون
عرضة للإلغاء، ويتضمن مشروع القانون منح ضمانة لأعضاء الجهاز الرقابى تحول دون
ترهيب اعضائه عند ممارستهم لدورهم الرقابى بألا يجوز القبض عليهم، وتفتيشهم دون موافقة
من مكتب الجهاز المركزى للمحاسبات على هذا الإجراء ويضم المكتب كبار قيادات الجهاز.
يشار إلى أن مشروع
القانون أعدته لجنة من كافة إدارات الجهاز القانونية وتم تعديله عدة مرات على مدار
ثلاث سنوات متتالية، مشيرًا إلى أن المادة 215 من الدستور منحت الجهاز المركزي
للمحاسبات سلطة الاستقلال الفني والمالي والإداري.
كما عمم المستشار هشام
بدوي، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، منشورًا على أعضاء الجهاز، بعدم تلقى أى نوع
من التدريب فى أى مؤسسة أو جهة، غير الجهاز المركزى للمحاسبات، وذلك بعد توصيات من
جهات أمنية لعدم نشر معلومات تخص أعضاء الجهاز، وحياتهم الشخصية، وهو ما يضر
الأعضاء رقابيًا.
وأوضح «بدوي»، فى
المنشور، أن الجهاز سيوالى فى الفترة المقبلة نشر خطوات يجب أن تأخذ فى اعتبارها
احتياجات أعضائه التدريبية، لضمان مسايرة أحدث التطورات فى مجال المراجعة.
وتشمل مجالات التدريب؛
التطورات فى المعايير المهنية، التى ترتبط بأداء مهامهم الرقابية، وتعديلات
القوانين الحالية، وما قد يصدر من قوانين جديدة، ذات صلة بمهامهم الرقابية،
والتطور التكنولوجي، والتوسع فى استخدام الحاسب الآلي.
كما تضمنت المهام الموكلة
للجنة وضع خطة قصيرة الأجل لتدريب العاملين بالجهاز لمدة الستة أشهر المقبلة،
والتى تسهم فى تحقق الأهداف، التى يتضمنها المخطط الاستراتيجى للجهاز، الجارى
إعداده بمعرفة اللجنة المشار إليها.
كما أصدر رئيس مجلس
الوزراء القرار رقم 3009 لسنة 2016 بتشكيل لجنة وزارية لدعم النزاهة والشفافية
برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وضمت اللجنة في عضويتها هشام بدوى.
وجدير بالذكر أن اللجنة تُقدم تقارير بنتائج أعمالها وتوصياتها يعرضها رئيسها على السيد رئيس الجمهورية.