الوضع يقلق.. الصعايدة غاضبون.. وجه قبلي بدون خدمات أو تنمية.. المؤشرات الأخيرة تشير إلى استمرار الفرار من محافظات قبلي، هجرات جماعية إلى بحري، والسبب غياب برامج التنمية والفقر المتصاعد بين العباد، الأخطر أن أجهزة الدولة ترصد ذلك في تقارير سنوية، لكن هل تحسن وضع الصعيدي؟.. لم يتحسن الحال باستثناء تصريحات وكبسولات حكومية دعائية ومسكنة منذ قديم الأزل، تزيد من إحباط الجنوب.
قبل ساعات خرجت تصريحات خطيرة على لسان اللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، حيث أكد أن مستويات الفقر في محافظات الصعيد وحدها قد وصلت إلى أكثر من 50%، وفي أسيوط تحديدا وصلت إلى 66%، في الوقت الذي تصل معدلات الفقر 27.8% على مستوى الجمهورية.
تصريحات أبو بكر أشبه باللغم، تلقتها الحكومة بصدر واسع، وقرأها البرلمان دون اهتمام، فيما تقول المعلومات إن أكثر من 16 دراسة لتنمية الصعيد خرجت طوال العشر سنوات الماضية، وعقد عشرات المؤتمرات التي انتهت إلى حزمة من التوصيات، ولم يتحقق شيء،.. لماذا؟.. سؤال طرحناه لإنقاذ الصعيد.
ويرد الدكتور صلاح هاشم، أستاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم، الوضع خطر ومتراكم، ويضيف أن الصعيد يعاني من التهميش وغياب الاهتمام الاقتصاد والثقافي، وارتفاع معدلات الفقر، بما يصل إلى نحو 45% مقارنة بمحافظات الوجه البحري منذ عشرات السنين.
وتابع: يوجد بالصعيد مشاكل مزمنة أخرى مثل تدني دخل الفلاح، وانخفاض خصوبة الأراضي، وهي مشكلة بدأت تظهر بالتزامن مع إنشاء السد العالي، بالإضافة إلى انخفاض معدل الخدمات أو المشروعات القومية التي تعود بدور إيجابي على الشباب، ولعل ما يؤكد ذلك هو ارتفاع معدل هجرة أبناء الصعيد إلى المحافظات المليونية الكبيرة مثل القاهرة والإسكندرية، حيث تعد البيئة داخل الصعيد بيئة طاردة للسكان في ظل غياب التنمية.
وأضاف: غياب التنمية في محافظات الوجه القبلي يهدر على الدولة مليارات الجنيهات التي من الممكن تحقيقها حال إتاحة فرص العمل في الصعيد، ومنع هجرة الشباب إلى المحافظات الأخرى، لافتا إلى أن غياب التنمية داخل المحافظات التي تحدث الهجرة منها، مطالبا بأن يكون هناك نقل للوزارات والمؤسسات الرسمية إلى المحافظات التي تشهد غياب الخدمات وفرص العمل، لافتا إلى أن المشروعات القومية الكبرى التي يتم تنفيذها حاليا لا تخدم قطاعات كبيرة من أبناء الصعيد؛ نظرا لأن أغلبها يتم تنفيذه بالصحراء التي لا يوجد بها عمران، وهو ما يتطلب الاهتمام بالصعيد.
وشدد الدكتور عبدالحميد زيد، رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة الفيوم ووكيل نقابة الاجتماعيين،على أننا بحاجة إلى إزالة الفوارق بين المحافظات المختلفة داخل مصر، فمحافظة مثل القاهرة يوجد بها أغلب الخدمات ومقرات العمل الرئيسية، وهو الأمر الذي لا يتوفر داخل محافظات أخرى، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب توزيع المناطق الصناعية على تلك المحافظات المختلفة، ويمكن تحقيق ذلك بفعالية من خلال إعادة رسم الخريطة السكانية داخل مصر مع تفعيل سبل تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية داخل شتى المحافظات، حيث إن حل الأزمة سيتم عندما نجد الصعيد يتمتع بوجود الخدمات العامة وشبكة المواصلات والاتصالات، إضافة إلى مراكز التجارة والصناعة والتعليم.
ولفت إلى أن محافظات الصعيد مثل سوهاج تعاني من قلة فرص العمل والبطالة، وعدم وجود أنشطة اجتماعية واقتصادية، وضيق مساحة الأراضي التي تزرع، وهي عوامل تسهم في خلق المشكلة وتأزم الوضع أكثر داخل المحافظات ذات الزيادة السكانية الكبيرة التي يهاجر لها أبناء الصعيد.
وعلى صعيد آخر، أشاد جمال عباس عمر، النائب البرلماني بأسيوط، بالمشاريع التي دخلت حيز التنفيذ في الصعيد، مشيرا إلى وجود الكثير من المشروعات، منها إقامة مدن سكانية جديد كمحافظة المنيا الجديدة، وأسيوط الجديدة، وتطوير محطات إنتاج الكهرباء، وإقامة قناطر أسيوط الجديدة لتحسين الري في خمسة محافظات، وتوليد 32 ميجاوات من الكهرباء، بجانب توفير المياه لأكثر من مليون و650 ألف فدان، وخلق 3000 وظيفة، لافتا إلى أنه تحقق جزء كبير من خطة التنمية المستدامة عبر المشروعات القومية الكبرى من شبكة الطرق القومية، وحلم المليون ونصف المليون فدان، ومشروعات الإسكان الاجتماعي، والبدء في القضاء على العشوائيات.
وأكد ياسر جابر، المستشار الإعلامي لوزارة الصناعة والتجارة، أن هناك خطة للاهتمام بالصعيد وفق توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي من خلال العمل على جذب المستثمرين، وهو ما تقوم به وزارة الصناعة حاليا من خلال استخدام قرض البنك الدولي، لافتا إلى أن القرض يستهدف تنمية المناطق الصناعية، واستكمال مشروعات البنية التحتية داخل تلك المناطق، الأمر الذي سيعمل على جذب المستثمرين المصريين والأجانب داخل تلك المناطق التي تعاني من غياب البنية التحتية داخلها من كهرباء ومياه وغاز، لافتا إلى أنه يتم الاهتمام بأبرز المناطق في عدد من المحافظات منها قنا والأقصر وسوهاج، وهي مناطق يوجد بها مصانع يعمل بها الكثير من الأيدي العاملة التي من الممكن أن تسهم في نجاح أي مشروع، مشيرا إلى أن الرئيس وجه بتذليل العقبات أمام المستثمرين المصريين، وإعطاء الأراضي بالمجان لهم لتشجيعهم على الاستثمار داخل مصر.