في مثل هذا اليوم من كل عام، تحتفل محافظة بورسعيد بعيدها القومي، في ذكرى انتصار المقاومة الشعبية على دول العدوان الثلاثي "إنجلترا، وفرنسا، وإسرائيل"، التي هاجمت المدينة الساحلية بجيوشها ردًا على تأميم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر لقناة السويس.
وقدم أهالي المدينة الباسلة، ورجال المقاومة الشعبية، ملاحم من البطولات التي كتبت بحروف من دمائهم وتضحياتهم وبطولاتهم في تاريخ مصر، حتى تم جلاء آخر جندي من على أرض مصر، لتنقذ بورسعيد مصر والعروبة بأكملها من بحور الدم، ومن بين تلك البطولات قصة اختطاف الملازم أنطوني مورهاوس.
في صباح يوم 11 ديسمبر عام 1956 كان أفراد المقاومة الشعبية بمحافظة بورسعيد يمرون في الشوارع مستقلين السيارة (57 قنال) وأعطاهم الضابط سامي خضير بدلتي شرطة، في الوقت الذي قام "حسين عثمان"، بدور بائع "العاديات" لاستدراج أي ضابط إنجليزي، وفجأة تغيرت الخطة عندما كانوا يمروا أمام الملازم أنطونى مورهاوس، الضابط بالجيش البريطاني، ابن عمة ملكة إنجلترا، ومجموعته ووجدوه ينطلق بسيارته الجيب خلف طفل يركب دراجة فأسرعوا خلفه.
ارتبك الطفل فوقع من على دراجته فنزل إليه "مورهاوس" فتكلم أفراد المقاومة معه وأقنعوه أنهم من الشرطة المصرية، وتعهدوا له بأنهم سيأتون له بالطفل فاقتنع واستدار ليركب السيارة، فخطف "أحمد هلال" السلاح الخاص به وقام "محمد عبدالرحمن" بلي ذراعه اليسرى ووضع إصبعه في ظهره وكأنه مسدس فانهار تمامًا، وقادوه إلى السيارة، وحاول مورهاوس ضرب السائق "علي زنجير" فلكمه لكمة شديدة أسقطته على أرض السيارة.
ذهب الفدائيون إلى ما يسمى "بلوكات النظام" حيث اعتادوا قبل ذلك على خطف المصريين الذين يتعاونون مع الإنجليز والذهاب بهم إلى هناك لمحاكمتهم، وجردوا "مورهاوس" هناك من متعلقاته الشخصية (الكارنيه- نوته مذكرات) وحاول الهرب فوضعوا منديلًا علي فمه وربطوه حول وجهه ووضعوا "الكلابشات" في يديه ورجليه ووضعوه في جوالين ثم في صندوق ثم وضعوه في سيارة تابعة لفرق الأمن بعد أن ذهب "علي زنجير" لكل يتخلص من السيارة التي استخدموها في العملية".
تم نقل الضابط البريطاني إلي سيارة أخرى تابعة لعمليات خدمة المياه، وذهبوا إلي بيت في شارع أحمد عرابي ووضعوه في الدور الأرضي، ولسوء حظه فقد وضع الصندوق مقلوبُا، وبعد أن علم الإنجليز بعملية الخطف ثاروا وبدأوا نشاطًا موسعُا للبحث عن الضابط المخطوف، وعلي مسافة قريبة من البيت الذي أخفوه فيه وجدوا السيارة التي استعملوها فبدأوا في عمل حصار من شارع كسري حتي طرح البحر ومن شارع الأمين حتي شارع محمد علي وهو مستطيل كبير جدا ووضعوا الأسلاك الشائكة.
حاصر جنود الاحتلال المنطقة ثلاثة أيام، ما تسبب في خوف رجال المقاومة الشعبية من الذهاب إليه لتقديم الطعام أو الشراب لـ"مور هاوس"، وخلال هذه الفترة مات في صندوقه أي أن الإنجليز هم الذين قتلوه حيث كانوا يفتشون المنازل والعجيب أن البيت الذي أخفوه فيه كان داخل منطقة الحصار، ودفنه أفراد المقاومة بعد ذلك أسفل العقار".