عندما تعرضت بالكتابة عن ازدياد صورة الغش فى الأسواق وحياتنا كنت أدلل على موقف خاص حدث معى فى قطع غيار سيارة اشتريتها من مول بالتوفيقية، المشكلة بعد التعمق أنه لا أحد من الجهات الرسمية يراقب لحماية هذا النوع من البيزنس القاتل، لأن قطعة غيار مضروبة أو فاسدة تعنى حاجتين تقليل العمر الافتراضى للسيارة أو صاحبها.
ما علمته أن فى كل دول العالم -طبعا من تحترم شعوبها- هناك مواصفات فنية يحب أن يلتزم بها المستورد تتيح توافر السلامة للمركبة ولصاحبها، مراقبة حركة الاستيراد سواء بالجمارك أو النوافذ الجمركية يقوم بها متخصصون فى هذا الشأن.
فى مصر قد تكون هناك قواعد تمنع استيراد المغشوش والذى يهدد عمر السيارات وحياة الإنسان، ولكن الحقيقة المؤلمة أن السوق مليئة بأردأ أنواع قطع الغيار، ومتأكد أن الحكومة لا تمارس أى نوع من المراقبة فى هذا الشأن وتترك تجار الموت من المستوردين لقطع الغيار المغشوشة للسيارات وغيرها يتاجرون فينا فى أرواحنا وليس سياراتنا فقط.
تجار الموت يستغلون حالتنا الاقتصادية الصعبة، والتى تمنعنا من الذهاب إلى التوكيلات والأخطر أن هناك توكيلات تبيع أيضا بضاعة إنتاج الصين أو بلد المنشأ دون الشركات المصنعة.
أيضا لا أتصور أن يدخل جيوب سماسرة الموت من تجار قطع الغيار المضروبة مليارات من الجنيهات والحكومة تتفرج، الغش أصبح سمة ما يباع فى الأسواق وتحديد الأسعار فى يد التاجر.
إذا كانت الحكومة انتفضت لأن السكر غاب بعض الوقت عن الأسواق من باب أولى للحكومة أن تعيد النظر فى التسهيلات التى يستغلها تجار الموت من السلع المغشوشة لتحقيق أرباح تنافس المخدرات.
لدينا طوفان شكاوى من الغش التجارى فى الكثير من قطاعات الحياة، مواد غذائية وكل أنواع قطع الغيار بدءا من نظارة طبية وحتى الأدوية وهو ما يؤكد ازدياد صورة الغش بكل صوره.
أنا الآن أصبحت مدركا أن حوادث السيارات -التى يتهم فيها دائما السائق- هناك مسئولية تقع أيضا على تاجر الموت مستورد قطع الغيار الرديئة، فمثلا تيل الفرامل لأى نوع يباع بأسعار بسيطة لأنه منتج فاسد ويجب الانتباه إلى ضرورة البحث فى أسباب أخرى لتلك الحوادث.
بالطبع اعتمدت الحكومة على ضمير التاجر فى حركة البيع والنتيجة فوضى وسرقة وغش لم تشهدها البلد من قبل.
يجب أن نعلم أن عائد بيع قطعة الغيار المغشوشة يحقق ربحا لتجار الموت يصَل إلى ١٠ أضعاف الربح الطبيعى.
الحكومة هنا مطالبة بالبحث عن آليات الإعلان عن كود للحماية يمنع استيراد أى قطع غيار تقل جودتها عما اتفق عليه، وأن تقوم بإعدام البضاعة غير المطابقة للمواصفات، لأن تراخى الحكومة فى التعامل مع هذا الأمر بات غير مقبول بالمرة.
نظافة السوق والتزام التجار بالقوانين ترجمة لوجود الدولة، الحكومة مطالبة بتجفيف كل روافد الغش حتى لو أدى الأمر إلى الإعلان عن أسماء الشركات العالمية التى تحقق رغبات تجار الموت بتصنيع بضائع غير مطابقة للمواصفات، لأنها هنا شريك فى الجريمة.
أعلم أن الفساد الموجود فى الأسواق أقوى من الجهاز الحكومى والذى يعمل فى هذا الشأن وتحت أى مسمى.
السوق المصرية فى ظل غياب أدنى أنواع الرقابة أصبحت الأسوأ فى تاريخ مصر، ومع تأزم الموقف وحالة الارتباك بالأسرة للظروف الاقتصادية الصعبة سيصعب علينا اللجوء للتوكيلات وسنذهب لمول التوفيقية لقطع غيار السيارات، الذى باع لى قطعة اتضح أنها مش مضروبة بس بل أسوأ من المضروب، وسنظل نكتب ونصرخ ونتألم حتى تنتهى حياتنا.