السبت 26 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بنوك

"البوابة نيوز" ترصد الرابحون والخاسرون بعد ٥٠ يومًا من تعويم الجنيه

كشف حساب ما بعد تحرير سعر الصرف

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المتعاملون فى البورصة حققوا مكاسب تاريخية وصلت إلى ٢٠٠ مليار جنيه.. والمؤشر الرئيسى سجل رقمًا قياسيًا جديدًا
المواطنون تكبدوا خسائر فادحة ويعانون موجة غلاء قاسية.. وخبراء يحذرون من حدوث ركود تضخمى خلال 2017

فى الوقت الذى نزل قرار تحرير سعر الصرف مطلع الشهر الماضى بردًا وسلامًا على قلوب بعض المصريين، كان القرار نفسه بمثابة كرة لهب سقطت فى حجور بقية المواطنين، إذ بدأ المتعاملون فى بورصة الأوراق المالية حصد مكاسب كبيرة فى أعقاب القرار وظهرت التداعيات الإيجابية للقرار بارتفاع أسعار الأسهم بصورة قياسية، ما تسبب فى مكاسب كبيرة وربح خلالها رأس المال السوقى ما يقترب من ٢٠٠ مليار جنيه، لتصبح سوق المال هي الرابح الأكبر بعد ٥٠ يومًا من القرار المصيرى، وعلى العكس بدأت التداعيات السلبية تظهر على بقية القطاعات الأخرى، ليستشعر المواطن البسيط أثرها بارتفاعات كبيرة ومتوالية فى أسعار السلع والخدمات الضرورية، ما يهدد من تدنى مستوى معيشة الفرد.
وبحسب بيانات صادرة عن البنك المركزى، فقد بلغت معدلات التضخم الأساسية فى مصر على المستوى السنوى ٢٠.٧٣٪ خلال شهر نوفمبر الماضى مقابل ١٥.٧٢٪ خلال شهر أكتوبر، كذلك سجل التضخم الأساسى المعد على المستوى الشهرى ارتفاعا فى شهر نوفمبر بنسبة ٥.٣٣٪ مقابل ٢.٨١٪ خلال شهر أكتوبر، والسؤال الذى يطرح نفسه: متى يستشعر المواطن البسيط الانعكاس الإيجابى لقرار تحرير سعر الصرف؟
الخبير الاقتصادى هانى توفيق يجيب على السؤال مؤكدًا أن المواطن البسيط الذى لا يملك فائضًا ماليًا يمكن أن يستثمره فى البورصة ولا يرغب فى شيء سوى توفير قوت يومه يحتاج إلى وقت كبير قد يمتد إلى أعوام من الإصلاح الاقتصادى ليرى التداعيات الإيجابية لقرارات الحكومة الأخيرة، مؤكدا أن الحصيلة السلبية فقط لقرار تحرير سعر الصرف بدأت تظهر ملامحها وسوف تمتد خلال عام ٢٠١٧.
وأوضح أن هناك ارتفاعات قياسية فى أسعار السلع والخدمات، نتيجة عدم توافر البديل المحلى منها، إذ نعتمد على استيراد غالبية السلع الأساسية، والخامات ومدخلات الإنتاج وقطع غيار السيارات والأدوات الكهربائية، وغيرها من الآلات والمعدات الضرورية لمنظومة الإنتاج، ما يهدد بحدوث ركود تضخمي فى ظل انخفاض القوة الشرائية للأفراد وفى المقابل ارتفاع فى أسعار السلع والخدمات. 
وتوقع توفيق أن تزيد وتيرة التعثر وإفلاس الشركات مع بداية العام الجديد، جراء ارتفاع قيم المديونيات الدولارية، بسبب خفض قيمة الجنيه، خاصة لدى الشركات التى توقفت عن التصدير وليست لديها موارد دولارية، لافتا إلى أن انخفاض ربحية وتدهور المراكز المالية لبعض البنوك نتيجة ديون دولارية واعتمادات مستندية مفتوحة ومكشوفة قبل قرار تحرير سعر الصرف سوف يؤدى إلى ارتفاع قيم المخصصات للديون المشكوك فى تحصيلها أو المتغيرة. 
ويرى توفيق أن الشركات العقارية هى الأسوأ حظًا خاصة التى قامت ببيع وحدات سكنية بنظام التقسيط على ٧ سنوات دون أخذ إجراءات تحوطية بشأن ارتفاع تكلفة مواد البناء والمرافق خلال فترة الإنشاء ما يهدد بمزيد من الارتفاعات فى أسعار بيع الوحدات فى الفترة المقبلة.
على صعيد سوق المال، يؤكد «توفيق» أن البورصة كانت الرابح الأكبر من قرار تحرير سعر الصرف، إذ بدأ المتعاملون فى حصد المكاسب من البداية ، وعاود المستثمرون الأجانب ضخ استثمارات غير مباشرة، كما بدأ القطاع المصرفى يشهد حالة من الانتعاش بعد عودة تحويلات المصريين فى الخارج مرة أخرى، فى ظل الخطوة القوية للقضاء على السوق الموازية للدولار، ويتبقى بحسب الخبير أن يستشعر المستثمر الأجنبى حالة من الاستقرار السياسى والأمنى، كى تبدأ الاستثمارات المباشرة فى التدفق من جديد، وتعاود السياحة لنشاطها السابق، وهى الخطوة الأولى لتحسن الاقتصاد، بصورة تدريجية.
وكانت البورصة قد بدأت رحلة صعودها ليستهدف مؤشرها الرئيسى EGX ٣٠ مستويات قياسية غير مسبوقة، كما عادت الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة فى التدفق بصورة تدريجية ليحقق الأجانب خلال شهر فقط أكثر من ٥٠٠ مليون دولار بما يوازى ٤ مليارات جنيه هى قيمة صافى مشترياتهم فى البورصة، وعلى صعيد القطاعات فقد تصدر قطاع العقارات والبنوك والخدمات المالية قائمة القطاعات الأنشط خلال الفترة الماضية، بعد أن ارتفعت قيم الأسهم فى السوق بنسبة تراوحت ما بين ٥٠٪ إلى ١٠٠٪.
من جانبه قال نادى عزام خبير أسواق المال إن انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار فى أعقاب قرار تحرير سعر الصرف ، تسبب فى زيادة أسعار غالبية الأسهم، لا سيما أسهم الشركات القيادية، إذ حطمت مستويات تاريخية غير مسبوقة، وخيم على المستثمرين الأجانب حالة من التفاؤل فعادوا لتكثيف مشترياتهم خلال الفترة الماضية.
وأضاف الخبير أن المستثمرين المصريين بدأوا فى تعويض قدر من خسائرهم المتحققة منذ ٦ أعوام الماضية ، مؤكدا أن عودة تدفق الاستثمارات غير المباشرة إلى السوق شجع المستثمرين على القيام بالمتاجرة وتحقيق مكاسب سريعة من ورائها، وأوضح عزام أن انخفاض قيمة الجنيه تسبب فى إعادة تقييم أصول الشركات، فارتفعت قيم الأسهم لتقترب من القيمة العادلة، متوقعًا استمرار المتعاملين فى حصد المكاسب على مدار الأشهر المقبلة خاصة بعد ارتفاع السيولة فى السوق، وعودة تدفق الاستثمارات غير المباشرة إلى السوق.
توجهنا بسؤال حول توقيت شعور المواطنين بالآثار الإيجابية لقرار تعويم الجنيه إلى أحمد يونس رئيس الجمعية العربية لأسواق المال، فأكد أن هذا لن يحدث ما لم يحصل المواطن على سلع وخدمات بأسعار غير مبالغ فيها، وهو ما لن يتحقق إلا بتشجيع الشركات المحلية على التصنيع وإيجاد البدائل للمنتجات المستوردة بالسوق المحلية، للقضاء على عجز الميزان التجارى.
وأكد يونس أن عودة الاستثمارات الأجنبية المباشرة تحتاج إلى اتخاذ قرارات قوية ورادعة، للقضاء على الإرهاب، وسرعة البت وإصدار قانون الاستثمار الموحد، مشيرا إلى أن الانعكاس الأكبر الذى يمكن أن يشهده المواطن البسيط سوف يظهر بعد سنوات بتشجيع الصناعة المحلية وافتتاح مزيد من المصانع ورفع الميزة التنافسية للمنتجات المحلية، وزيادة قدرتها التصديرية.
ويطالب يونس بضرورة تفعيل مشروعات تنمية محور قناة السويس وإعطاء الفرصة للمستثمرين المصريين والأجانب على حد سواء، ما قد يوفر فرص عمل للشباب، بالإضافة إلى التوسع فى مشرع استزراع ١.٥ مليون فدان والمشروعات القومية الأخرى. ويتوقع يونس أن ينعكس تفعيل المشروعات القومية على البورصة ، لا سيما بعد إعلان الحكومة عن الاستعانة بالبورصة كإحدي أهم وسائل تمويل المشروعات، من خلال طرح حصة من رأسمال بعض الشركات الحكومية، بالإضافة إلى الشركات الجديدة خلال الفترة المقبلة وبالتحديد فى عام ٢٠١٧. 
ويرى يونس أن عام ٢٠١٧ سوف يشهد تحديات كبيرة خاصة بعد إعادة تسعير الأصول بعد قرار تحرير سعر الصرف، والذى أدى إلى خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار، والعملات الأخرى، مؤكدا أن ما يحدث فى الوقت الحالى من تداعيات سلبية على المدى القصير، لا يجب أن يقارن بما سوف يحدث للمواطن من تحسن فى مستوى معيشته على المدى الطويل خلال السنوات القادمة، ولكن شريطة أن تستمر الحكومة فى تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادى والتى بدأت بتعويم الجنيه.