وصل ولى عهد الإمارات إلى مصر مدة من الزمن من أجل مهمة تاريخية لن ينساها الجميع من أجل تقارب مصر والسعودية، ليضع حدًا للفتور بينهما. إن العلاقة بين مصر والسعودية لا تسمح بحالة من الأحوال أن تطول فترة الفتور أو المقاطعة بينهما.
إن الخطر الذى يمكن أن يهدد هذا النوع من الخلاف هو حينما تدخل أصابع المؤامرات، لتساهم فى زيادة تصاعد علاقة التوتر بين المملكة ومصر التى لها أبعاد استراتيجية أمس واليوم على كل المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية، وكل هذه الأبعاد لا تسمح لمصالح البلدين أن تمس بسوء، ويجب إلا ننسى كيف أن التقارب كان سريعًا غداة وفاة- الراحل المرحوم- الملك عبدالله، لأن الطرفين كانا يشعران بمسئوليتهما تجاه أنفسهما وتجاه المنطقة.
أما دور ومسئولية الإمارات فى التقارب والإصلاح بين البلدين الشقيقين فهو جزء من تاريخ ودور وأخلاقيات الإمارات، الذى سبق أن لعبته فى الماضى والحاضر، أيمانًا منها أن التضامن والتعاون العربى هما جزء لا يتجزأ من حماية الأمن القومى العربى.
وحول الأمن القومى العربى، نحن نعلم جميعًا كيف أن إيران تتربص للمصير العربى بخطط ومناورات لحماية وتحقيق مصالح خاصة بها، ولا تملك الدول العربية وبالذات مصر والمملكة والإمارات والبحرين إلا دعم وتقوية التنسيق بينها وبين بعضها لصالح الجميع ولصالح الاستراتيجية العليا.
وليتنا جميعًا نعود إلى صفحات من الماضى لنتبين ونتذكر العصور الذهبية التى مر بها تاريخنا فى عهد الملك فيصل بالذات، وما زالت الأمة العربية وبالذات مصر والمملكة تذكر الأيادى البيضاء التى ساهمت فى ازدهارها، أيمانا منها بالمصير المشترك والمصلحة المشتركة العليا لأبنائها وشعوبها.
وعودة مرة أخرى إلى دور الإمارات العربية نحو التقارب السعودى المصرى، لنقول إن القدرة الاقتصادية والمالية للإمارات تدعم مبادراتها على المستويات العسكرية والاستراتيجية والسياسية، تلك المستويات الثلاثة فى الأبعاد العالمية مكملة لبعضها.
بقى أن ننظر نظرة واقعية للتقارب المصرى السعودى، لنقول إن الحجم الاستراتيجى للدور السعودى يسمح بأن نقول إن الدور السعودى مكمل للدور الإماراتى، لأننا سبق أن وضحنا أن الإمكانيات المالية مكملة لبقية عناصر القوة.
وأذكر فى الماضى كيف كانت تتكامل مع الشخصية المسئولة قدرتها على إدارة الاقتصاد والنتائج السياسية التى يمكن تحقيقها، وكانت هذه الحالة تنطبق على الاقتصادى العملاق الدكتور عبد العزيز حجازى- رحمه الله- فى عهد الرئيس السادات، فدعمت من دعمت من نجاح دوره السياسى كرئيس للوزراء، وعلى مستوى آخر استطاع الدكتور عزيز صدقى بقدراته السياسية حينما احتاج إليه الرئيس السادات أن يذهب إلى سوريا لمحاولة إقناع الرئيس حافظ الأسد بأن يلعب دورًا تكتيكيًا هامًا فى الجولان، ونظرا لعلاقته المتميزة بالرئيس السورى نجح فى مهمته، وعاد عزيز صدقى سعيدًا بتحقيق الهدف الذى ذهب من أجله إلى سوريا.. إذن القدرة السياسية لرجل الدولة تساعده فى تحقيق بقية الأهداف.
ولن أدخل فى حسابات وفلسفة العمل السياسى، كل ما أريد أن أبرزه هنا هو كيف أن اللعبة السياسية تحتاج إلى حسابات دقيقة تضمن نتيجة الأبعاد النهائية التى تحقق الأهداف.
وعودة إلى أرض الواقع، لنقول إن الهدف أو الأهداف التى يضعها رجل السياسة نصب عينيه تقتضى منه وباستمرار الواقعية، والواقعية هى الرهان الحقيقى فى سياسة النجاح لتحقيق الأهداف.
ليت الدول العربية كلها توحّد أهدافها، لا سيما فى سياستها الاقتصادية أولا، باعتبارها بيت القصيد دون أن ننسى- كما ذكرنا سابقا- التنسيق فى التعاون العسكرى وطبيعة الحالة السياسية.
وحينما تقوم مصر والإمارات والسعودية بدور يسمح ببناء صرح يمثل نموذجًا مشرفًا للجميع، ويفيد معظم الجيران، وأنا أعلم أن هناك دولا مثل سوريا والعراق لها دور سلبى فى الممارسة على الأرض، ولكن لنحمد الله أن الدول الثلاثة مصر والسعودية والإمارات ستظل تحمى نفسها ودورها ومستقبلها.