السبت 08 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

البحيري والهلالي.. عنوان جديد لفشل تجديد الخطاب الديني

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شاهدت أمس الحلقة التليفزيونية التي جمعت بين الباحث إسلام البحيري ودكتور الفقه المقارن سعدالدين الهلالي والذي دار الحوار فيها حول بعض الأفكار والآراء الفقهية التي تشكل عقبة فيما أطلق عليه تجديد الخطاب الديني، وبعيدا عن تلك الآراء الفقهية ومدى صحتها وخطأها الذي شغل الباحث اسلام البحيري طوال الحلقة في محاولته للتأكيد على خطأ الفقهاء، والذي حاول الدكتور سعد الهلالي مرارًا أن يوضح له أن هناك تعددًا في الآراء الفقهية، وفي وطيس النقاش تناسى المتحاوران أن الفقه الإسلامي ما هو إلا مجموعة من آراء الفقهاء في الدين، والرأي بشكل ما أو بآخر هو رأي بشري يقبل الصواب والخطأ وليس هناك رأي فقهي مقدس، وأن وجود المذاهب الإسلامية سواء كانت المذاهب الكبرى "سنة وشيعة" أو مذاهب السنة الأربعة المعترف بها والتي تصل في بعض الأحيان إلى ستة عشر مذهبا، وجود تلك المذاهب على كثرتها انما يؤكد أن الأولين اختلفوا كثيرا في فهم الدين وقدموا أطروحاتهم التقريبية للحقيقة ومقاصد الشارع في كتابه الكريم، وأن أخطأ البعض منهم في استخراج حكم تبعا لظروفه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فهذا لا يمنع أن نناقش هذا الحكم، بل نعيد مناقشة المذهب كاملا، وهذا ما فعله السابقون ويحق لنا ان نفعل فعلهم هذا دون تعصب وحدة وبشكل علمي، حتى نصل لنتيجة نحن بحاجة إليها، فكل من الفقهاء اجتهد بناء على معطيات عصره وقدم لنا أحكام تتناسب مع عصره ولم يدِّع أي منهم امتلاكه الحقيقة المطلقة أو صحيح الدين، ومن هنا يحق لنا الاقتداء بهم في جهدهم العلمي واجتهادهم في تناول الموضوعات الدينية بالفحص والتمحيص بما يتناسب مع الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لنا، إن الأزمة الحقيقية التي نحن بصددها في موضوع الخطاب الديني هي أن المؤسسات والحركات الدينية على مختلف أشكالها وألوانها إنما تطالبنا بتطبيق الآراء والأفكار الفقهية التي تم إنتاجها في القرون الأولى بسياقاتها التاريخية والاجتماعية على المجتمع الآني بسياقاته المغايرة تماما وهذا لقصور حقيقي داخل هذه المؤسسات، فالأولى بنا ان نتعلم مناهج البحث الحديثة وآليات البحث المعاصرة ونحاول استخدامها في التعرف على ما يتناسب مع مجتمعنا المعاصر من أفكار دينية، كان القدماء يهتمون بالعلم والبحث والمعرفة بينما نحن نهتم بالترديد والحفظ والتلقين وهذا ما أوجد هوة شاسعة بيننا وبينهم وكذلك اصرار المؤسسات الدينة على عدم الاجتهاد في قضايانا المعاصرة والحكم عليها بما أنتج في القرون الأولى هذا ما يؤخرنا ويحدث نوع من أنواع التناقض بين الفكر الديني والمجتمع واستطيع ان اقول اخيرا ان ما تقوم به المؤسسة الدينية هو السبب الرئيس في انتشار الجماعات والحركات الإرهابية من ناحية ومن ناحية أخرى ما يؤدي بالبعض إلى ترك الدين وهجره إما إلحادا أو كفرا به.
أما طريقة التناول التي قدمها لنا اسلام البحيري وسعد الدين الهلالي مع حفظ الألقاب ما هي إلا مبارزة "ديوك" لا تغني ولا تسمن من جوع لأن الاثنين على اختلاف مذهبيهما لم يتناولا الطريقة أو المنهج الذي استخدمه الفقهاء في استنباط الأحكام، وهذا أهم بكثير من المبارزة والاستعراض المعرفي الذي قدم في حلقة الأمس، إصرار البحيري على تخطئة الفقهء وإلقاء الاتهامات دون التعرف على الطريقة التي استنبطوا بها أحكامهم والظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المحيطة بصدور هذه الأحكام من ناحية، ومن ناحية اخرى الهلالي وسرد آراء مغايرة لفقهاء آخرين عن هؤلاء الذي ينقدهم البحيري، وأيضا بغض النظر عن ظروفهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وبعيدا عن تناول الأسباب الحقيقية لاختلاف العلماء والفقهاء في المسألة الواحدة. ما يزيد من حالة البلبلة وعدم اليقين، بل وعدم قدرة من يتصدرون المشهد الديني على قراءة الواقع والتاريخ، وبالتالي مزيد من الفشل لأطروحة "تجديد الخطاب الديني" التي أصبحت مبتذلة ولا تثير الاهتمام وضياع مفهوم التجديد بين المؤسسات الدينية والباحثين الجدد.