رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تفجير "البطرسية" لن يكون الأخير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد كل عمل إرهابى أجد حالة من الانفعال والغليان والصراخ.. والدموع.. ويصحبها ارتداء ملابس الحداد السوداء.. وحزن يخيم على استوديوهات الفضائيات.. وشارات داكنة سوداء على صدر الصحف وعناوين باللون الأسود.
حماس ممزوج بالغضب لتغيير القواعد الحاكمة القانونية فى المحاكم أو الإجراءات.. كما أسمع أيضًا عبارات من نوعية القصاص من مرتكبى الحادث.. ومن يحركهم.
مطالب الشارع المصرى: عاوزين حرق الإخوان.. ومطالب الدولة: نحتاج للاصطفاف.. وهناك -طبعا- مطالب لأهالى الضحايا.
إذا أردنا أن نعرف القصة على حقيقتها: عدد من الدول ترى أن القاهرة يجب أن تلتزم بما هو مقرر لها.. وهو تحديد مساحة لمصر تتحرك فيها وغير مسموح لها باللعب خارجها.
بمعنى أوضح.. غير مسموح لمصر أن تحصل على أسلحة معينة تزيد من قدرتها العسكرية وبالتالى تهدد دولا أخرى!!
أيضًا غير مسموح لمصر أيضًا بعمل تنمية حقيقية بشكل أوسع يتيح لها أن تستغنى عن القروض والإعانات وهو ما ينعكس على رفضها للضغوط أو الرضوخ للشروط بأنواعها.
مصر محاصرة بمجموعة من القواعد والقوانين المكبلة لطموحها.. العالم أدرك أن مصر القوية عادة ما تهدد مصالح الآخرين؟ لدينا تجارب وحقائق تاريخية.
العالم أيضًا يوقن أنه ليس هناك مرة واحدة تمرد حكام مصر فيها على الحصار العالمى إلا وامتد تأثير القاهرة إلى خضوع دول ومناطق وزيادة النفوذ.
مصر الآن تمردت على قواعد اللعبة الدولية التى حددها الغرب وتراقب تنفيذها أمريكا وهو ما أزعج الدول الغربية.
الهجوم على الكنيسة البطرسية محاولة جديدة لإضعاف مصر.. ومن أجل دفع مصر للعودة إلى حالة الاستسلام قرروا فرض حزمة من العقوبات الثأرية!!
الملاحظ أن البلد يخرج من حفرة تواجه حفرة أخرى.. ينجح فى علاج مشكلة أمامها الأخرى.
هذا السلوك واضح وبدون شك لمجلس إدارة العالم - الغرب - والذين أزعجهم تمرد مصر على ما حددوه ورسموه لها من مساحات للتحرك وحد أقصى للقوة وراء ما يحدث لنا من مشاكل أو معوقات تهددنا.
تفجير الكنيسة البطرسية لن يكون الأخير.. فربما نستيقظ على أصوات تفجيرات أخرى وسنسقط فى حفر جديدة.. لأن قدرنا أن ندفع تلك الضريبة الموجعة.
المشكلة أننا كشعب يجب أن يزداد الوعى لدينا.. نلتف حول بلدنا.. كل شخص لديه ما يفيد.. والملاحظ أن حالة الاسترخاء تضربنا جميعًا.
مع أن البلد فى خطر من الداخل حيث «يد» الغرب تعبث بنا فى كل المساحات.
الولايات المتحدة تحديدًا ودول الغرب عموما غيرت من استراتيجية التدخل المباشر لحسم الأمور لصالحها واستبدلت هذا المنهج بتجنيد أبناء البلد. عن طريق جمعيات حقوقية أو تحت مسميات حقوق المواطن، الإنسان، الانتخابات الديمقراطية.. التى تحصل على الدولارات مقابل تنفيذ خطط الغرب لإضعاف مصر ومحاصرتها.
المواطن فى مصر لم يعد يلعب دورًا فى حماية البلد.. هو يعتقد أن «تفويض» الجيش والرئيس السيسى لمحاربة الإرهاب كاف.. هذا أمر غير مستقيم.
التحرك الشعبى أمر مهم ومفيد.. الإرهابى يعيش بيننا.. يعمل معنا.. يسير فى الشارع ويركب مواصلات ويصلى بجانبنا.. ويقتلنا لو أتيحت له الفرصة.. والمواطن هنا هو الأقرب للدفاع عن البلد ومقدراته.
الإعلام يصرخ ويتبارى فى البحث عن جمل وأشخاص وأصوات أعلى.. وبعد الحداد يعود للبحث عن مصيبة أخرى لتسويقها.
ولأن الحكومة لم تتحمس لأى طرح أو فكرة أطلقت وقت الغضب، سواء بتغيير قانون أو اتخاذ إجراءات استثنائية، هذا دليل مؤكد على أننا نتعامل مع تلك الأحداث كظواهر صوتية!! لن تخرجنا إلى حيز المواجهة الفعلية والميدانية والعملية بالطبع، فمجموعة الحلول المستقاة هلامية تفتقر إلى التطبيق المطلوب.
ادرسوا السلوك الفرنسى فى مقاومة الإرهاب والتظاهرات.. والقانون الإنجليزى والأمريكى وتلك دول لم تكن ما تمارسه ديمقراطيتها أبدًا عائقًا أمام قتل من يخرج عنها بأى طريقة!!
ومن الطبيعى أن يدعو الرئيس السيسى الحكومة والبرلمان لاتخاذ إجراءات أكثر فعالية لمكافحة الإرهاب، قائلًا: «إنه يجب معالجة الإرهاب بشكل حاسم وعدالة ناجزة». 
من غير المعقول كذلك أن نحمل الشرطة مسئولية حمايتنا من التطرف.. هذه هى النقطة الأخيرة لهذا النوع من الإرهاب.. لكن قبل الوصول إلى تلك النقطة.. علينا أن نجذب العلماء والفقهاء ليزوروا السجون التى تضم الشباب حتى لو كان هناك من غُرر بهم فهم فى النهاية يحتاجون لعلاج ليس شرفًا أن يكون أمنيًا فقط.
الجامع والكنيسة لم ينجحا فى أى خطوة تجاه إنقاذ الشباب من الوقوع فى براثن وفخ الإرهاب ذى الوجه القبيح الذى ترتعد منه مفاصل الشعوب.
لاستئصال شأفة الإرهاب من أساسه فالتعليم، والشباب والرياضة وزارات يجب أن تتضمن برامجها مع الشباب التعمق.
السطحية لن تعالج شبابا غاضبا.. أو متطرفا نجح الإرهابيون فى تجنيده وبرمجته.
ما أراه أننا نعالج هذه الظاهرة بسطحية مفرطة. وكأن المطلوب منا الظهور ضمن المشهد بالصورة أو الكلمة غير المؤثرة.
القوات المسلحة والداخلية تقع عليهما المسئولية الأكبر.. لكنهما يحاربان المتطرفين ممن وصلوا فى تطرفهم إلى إيذاء المجتمع.. واستهداف أبنائه المسالمين.. ولكن الذى يبرز الآن هو هل منا كفرد أو كمؤسسات أو حتى أفراد من يؤدى دورًا وقائيًا للحيلولة دون عودة الإرهاب.. وكذلك ماذا أعددنا للعلاج الناجح لتلك الظاهرة المجتمعية المدمرة؟
علينا أن نبذل جهودا لدراسة واقع عشناه ونتجرعه فى ثمانينيات القرن الفائت وواجهنا فيه الإرهاب ونجحت الدولة وقتها فى الحد منه.. وبالتالى فهى تجربة تستحق الدراسة.
وإن كان إرهاب موديل ٢٠١٦ هو إرهاب يتسم بالتنظيم وتدعمه دول ودوائر غربية وأخرى مرتبطة بها تنتعش وتنفذ بتكاملهما الكثير سويًا.
نعم مصر لن تسقط كدولة لكن أيضًا لا أحد يضمن عدم سقوط ضحايا فى العمليات الإرهابية.
سيظل مجلس إدارة العالم يخشى مصر وينظر لتصرفاتها نحو بناء قوتها بالريبة والخوف أيضًا.. أنهم يخشون مصر القوية.