فى الوقت الذى تعانى فيه الكثير من الدول المتقدمة من الشيخوخة، نتمتع نحن بأننا أمة شابة وولودة، وهو ما يجعلنا قادرين على النهوض من عثراتنا إذا استطعنا تأهيل الشباب والاستفادة من حيويتهم وجرأتهم، لأنهم طاقات الأمل فى أى مجتمع، لذلك اهتم الرئيس السيسى بالشباب الذى يمثل حوالى ٦٠٪ من السكان، وقد تابعنا مؤتمر الشباب بشرم الشيخ وحيوية مناقشاته، ثم التوصيات التى خرج بها والتى بدأ تنفيذها بالعفو الرئاسى عن بعض الشباب المحبوسين، وبحث تعديل قانون التظاهر، ثم بإقامة أولى جلسات الحوار الشهرى، ورغم المشهد الحضارى للجلسة التى حضرها الرئيس وكبار المسئولين فى الدولة، إلا أن هناك بعض الملاحظات التى أتمنى من مؤسسة الرئاسة مراعاتها فى الجلسات والمؤتمرات القادمة، لأننا نريد أن يكون الحصاد بحجم العمل، فهذه الفاعليات تكلف الدولة مبالغ طائلة فى ظل الظروف الاقتصادية العصيبة، وبالتالى لا نريد أن تكون مظهرية، ونحتاج أن نرى نتائج ملموسة لها، وتحقق أهدافها بضم الشباب تحت جناح الدولة، وإشراكهم فى تحمل المسئولية وصياغة مستقبل وطنهم فعليًا، لذلك كلما تم توسيع دائرة المشاركين وضمان تمثيل فئات أكبر من الشباب جاءت النتائج أفضل، وكلما شعر الشباب غير المشارك أن المشاركين يمثلونهم بحق ويعبرون عنهم فى طرح مشكلاتهم وأسئلتهم، وقد بلغ عدد المشاركين ألف شاب وفتاة ٦٠٪ جددًا و٣٠٪ من المشاركين فى مؤتمر شرم الشيخ، ولا أعلم أين العشرة فى المائة المتبقية؟!! ورغم أن تخصيص تلك النسبة للشباب الجدد يعد إحدى الإيجابيات إلا أننى تمنيت أن تكون ١٠٠٪ لإشراك نسب أكبر من الشباب، وإشعارهم بأنهم على مسافة واحدة من الدولة، إلى جانب وضوح المعايير التى يتم بناء عليها اختيار المشاركين، حتى لا يشعر الشباب أننا ندور فى نفس دائرة العلاقات والمحسوبيات التى تجعل المشاركين هم الدوائر المغلقة حول المسئولين، والتى تقتصر على أقاربهم ومعارفهم، ورغم أهمية جميع الملفات التى تمت مناقشتها فى الفاعليات، إلا أننى أعتقد أنه كان من الأجدى اختيار ملف واحد كل شهر، لمناقشته من جميع الجوانب واستيفاء جميع النقاط والاستماع إلى آراء العلماء حوله باستفاضة، وكذلك الاستماع إلى مقترحات الشباب وإجابة أسئلتهم، وإدارة مناقشات وافية تصل إلى نتائج محددة، وحتى لا نشعر بعدم فاعلية الشباب فى الحوار المخصص لهم، لضيق الوقت والذى لم يسمح بالاستماع إليهم وتلقى أسئلتهم، وتم الاكتفاء بأعداد قليلة للغاية من المشاركين، وللأسف حتى هؤلاء لم تتم الإجابة عليهم. فنحن لا نريد الحوار الفوقى من المسئولين إلى الشباب، ولكن نريد حوارًا حقيقيًا للاستفادة من العقول الواعية التى تملك أفكارا قادرة على التغلب على المعوقات، فلا ضرورة للاستماع لبعض المسئولين الذين يقرأون من الأوراق أمامهم ويعرضون ما يريدون تنفيذه وكأنهم فى اجتماع مجلس الوزراء. ماذا ينتظرون وهم فى موضع السلطة؟!..فمن المفترض أن يتحدثوا عن المعوقات التى يجب أن يفهمها الشباب للمشاركة فى مناقشتها وحلها. أما أسوأ المظاهر فكانت عدم التزام بعض المسئولين بالوقت المخصص لهم ورفضهم التوقف عن الحديث، فالمسئول غير القادر على تنظيم وقته والتحكم فيه وعرض أفكاره فى الوقت المحدد غير جدير بمنصبه، فكيف نثق فى إدارته إن لم يستطع إدارة وقته؟ نحتاج مسئولين على قدر الأمانة الملقاة على عاتقهم، وكفانا صورة المسئول الموظف الذى لا يعى ما الهدف مما يقوله ومع من. أما الشباب الذين تم اختيارهم لعرض أفكارهم فى بعض الملفات، فكان من المفترض أن يصلوا إلى الهدف بإيجاز دون مقدمات عصماء، فرئيس الجمهورية وقادة الدولة ليسوا فى احتياج لتلقى محاضرة حول أهمية السياحة أو السينما. ومن يعتلى المنصة يجب أن يكون قادرًا على تقديم فكرته باختزال وعرض حلول قابلة للتنفيذ بخطط زمنية محددة. ومن جهة أخرى فقد ظهرت السيدة منى السيد بجوار الرئيس طوال الفاعليات وهو ما وعدها به الرئيس أثناء استضافتها فى القصر الجمهورى باعتبارها رمزًا للكفاح والعمل..ولكن هناك ملايين المكافحين الذين يستحقون إلقاء الضوء عليهم أيضا، وعلى الدولة ألا تستسهل وتبحث عنهم حتى يلقوا أيضًا ما يستحقونه. أما مسمى الجائزة التى منحت لها «الإبداع». فهو مسمى غير معبر، وكان من الأفضل أن يمنحها الرئيس جائزة بمسمى العمل أو الكفاح أو أى مسمى آخر ويصبح جائزة سنوية تذهب لأمثالها من المكافحين. أما إحدى أهم الإيجابيات فكان تكريم بعض النماذج الشبابية المشرفة مثل الصحفى أحمد فايق والذى يقدم البرنامج الهادف «مصر تستطيع»، والملحن المتميز عمرو مصطفى والذى سعدت بتكريمه رغم تأخره كثيرا، والذى يثبت أن الدولة لا تهتم فقط بمعارضيها وتتجاهل من يدافعون عنها. فلا أحد ينكر دوره الوطنى الكبير منذ ٢٠١١ حيث تصدى باستماتة لما حدث من ضرب فى كيان الدولة وسخر نفسه للأغنية الوطنية، فقدم عددًا كبيرًا من الأغنيات التى يتغنى بها أطفالنا فى كل المدارس الآن والتى تسهم فى زرع الانتماء وحب الوطن، وكنت أرى أنه الأجدر بجائزة الإبداع. أما مسك الختام فكان الملازم البطل أحمد محمد عبداللطيف والذى كان أحد أبطال العالم الرياضيين، ولكن شاء القدر أن يفقد إحدى ساقيه فى العمليات التى تتم فى سيناء، لكنه لم يستسلم وأوفى بوعده للفريق صدقى صبحى الذى زاره بعد الإصابة بأن يظل بطلًا، وحقق بالفعل بطولات ولكن للمعاقين هذه المرة، وكنت أتمنى أن أراه فى الصف الأول جالسًا بجوار الرئيس، لأنه فخر لمصر ورمز مشرف للوطنية والتضحية والقوة والمثابرة ويستحق أن نضعه نصب أعيننا كمثال للأمل والعمل، كما أتمنى تمثيل شباب الجيش والشرطة لاحقًا، لأنهم جزء لا يتجزأ من شباب مصر بل هم خير من يمثلهم.
آراء حرة
من أجل أن نبدع وننطلق
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق