الأربعاء 19 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

سيادة القانون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى إطار "السيمنار" العلمي الذي نظّمته مؤسسة "فريدريش ناومان من أجل الحرية"، لمناقشة ضمان الحرية الفردية، و"الديمقراطية والديمقراطيون والمؤسسات"، والذي عُقِد فى الفترة من 3 إلى 14 نوفمبر الجاري، قام السيد "فولف بابست"، مدير الدورة، بالتطرق إلى ما يعرف باسم "شجرة سيادة القانون"، وقد تبارت الوفود العربية المشاركة إلى التأكيد على أن سيادة القانون هي المخرج الوحيد – والمنقذ في الوقت ذاته - للثوارات العربية، من العودة إلى الأنظمة الاستبدادية والشمولية، إلا أن الشباب العربي المشارك – الأغلبية العظمى من الأكاديميين – لم يختلفوا حول عناصر المفهوم، أو درجة تراتبيته، من المهمّ إلى الأكثر أهمية.
وفي الواقع، أثارت طريقة السيد "فولف" في شرح المفهوم وعناصره، إعجاب المشاركين - من حيث الشكل والمضمون - حيث أكّد أن مفهوم سيادة القانون يشمل عدّة عناصر مميّزة، ولكنها في ذات الوقت مرتبطة ببعضها البعض، وهي تشمل ما يلي:
أولاً.. عدم وجود سلطة عشوائية، بمعنى أن القانون هو أعلى سلطة في الدولة، وأنه لا يمكن أن تتمّ معاقبة شخص على أي فعل، سوى بمقدر الفعل الذي خرق به القانون، وبالعقوبة التى يحدّدها القانون أيضًا.
ثانيًا.. قضاء مستقل، والاستقلال هنا ليس معناه أن تكون السلطة القضائية غير خاضعة لأيّة سلطة أخرى في الدولة، ولكن أيضًا أن تكرّس السلطة القضائية نفسها لتحقيق العدالة، التي هي شرط أساسي لسيادة القانون.
ثالثًا.. المساواة أمام القانون، والتي تعني امتثال الجميع – دون تمييز- للقانون، وهذا يترتّب على فكرة احتمال تمتع البعض بامتيازات، مما يجعل القانون عندئذ عشوائيًا، وهو ما حدث في النظم السلطوية السابقة، وكان من ضمن الأسباب الرئيسية لتفجر الثورات العربية. 
وقد أكد السيد "فولف" أن مفهوم المساواة أمام القانون، يقتضي - ضمنا - توفر إمكانية حصول الفرد على استشارة قانونية، واستطاعته اللجوء إلى المحاكم، بغضّ النظر عن إمكانياته المادية، وهي مشكلة يمكن حلُّها من خلال توفير المساعدة القانونية، أو المساعدة التطوّعية من قبل أصحاب المهن القانونية.
رابعًا.. يجب أن تكون العدالة عي الغاية في حدِّ ذاتها، وأن أيّ غرض آخر غير هذا، يشير - ضمنًا - إلى أن القانون قد وجد لتعزيز عنصر آخر غير العدالة، وبناء عليه قد يصبح القانون منحازا لمصالح إحدى المجموعات أو الأحزاب دون غيرها.
خامسًا.. حين يكون هناك دستور رسمي، يجب أن تكون جميع القوانين متماشية مع الدستور، وألا تنتهك الحريات والحقوق المنصوص عليها في الدستور، واتباعا لنفس المنطق المذكور سابقا، فإن جميع القوانين خاضعة للمراجعة القضائية من قبل المحكمة الدستورية العليا، على سبيل المثال.
سادسًا.. يقتصر إطار عمل المؤسسات الحكومية على ما كُلِّفت به من مهمّة قانونية، أي يعملون بتلك الوسائل القانونية التي منحت لهم، وعلى أن تكون داخل الأطر والحدود التي وصفها الجهاز التشريعي لمهمّة محددة، أو –بتعبير آخر- أنه لا يجوز لأيّة مؤسسة حكومية أن تعمل خارج إطار القانون.
سابعًا.. وفيما يتعلق بالحالات التي تشمل مخالفة أو نزاعا ينشأ نتيجة لفعل إداري، أو ينتج عن صراعات بين الأفراد، فإنه يجب وجود نصوص وأحكام فعّالة للاستئناف أو الطعن، أي للجوء إلى المحاكم.
ثامنًا.. إن مبدأ مسؤولية الدولة، يعني - بصفة عملية - أن الحكومة ومؤسساتها مسؤولان عن أفعالهما، ويجب عليهما نتيجة لذلك، أن تقوما بالتعويض عن الضرر الذي تمّ نتيجة لفعل غير قانوني من قبل الدولة، إذا لم يكن هذا المبدأ مُحقَّقاً، فلن تكون هناك جدوى كبيرة من ضمان إمكانية الوصول إلى المحاكم، حال وجود نزاعات ذات صلة بالحكومة أو بمؤسساتها.
تاسعًا.. الموثوقية وقابلية التوقع، بمعنى ضرورة أن يكون الفرد قادرا على التيقّن مما يقوله القانون، تيقُّناً فعليّاً، وأن يخطّط لما سوف يقوم به من فعل، مع علمه بما يسمح به القانون وما لا يسمح به، حيث لا يمكن للقانون أن يكون فوق كل السلطات، إن لم يكن واضحا أو معروفا.
عاشرًا.. لا يجوز فرض عقوبة إلا إذا وُجِد أن هناك انتهاكا للقانون، على أن يتمّ ذلك بأسلوب قانوني من قبل محكمة نزيهة، بمعنى افتراض البراءة، إلا إذا تمّ إثبات أن المتهم مذنب، وإثبات الذنب  بما لا يدع مجالا للشك، وأن تتولى التحقيقات جهة مختلفة عن تلك التي تقوم بتنفيذ المحاكمة، وعلى نفس المنوال، فإن المدعي والقاضي لا يمكن أن يكونا نفس الشخص، ويجب أن تكون المحاكمات علنية، وأن تخضع كل الأدلة وأدوات الإثبات للتدقيق من قبل عامة الناس، ويحق للمتّهم تلقّي استشارة قانونية، والحماية من "الخطر المزدوج"، بمعنى أنه لا يمكن اتهامك ومحاكمتك مرّتين على نفس الجريمة؛ ويجب أن تكون العقوبة متناسبة مع الجريمة، وسرعة تنفيذ العدالة، بمعنى أن العدالة المؤجّلة ليست عدالة، وأخيرًا، الإنفاذ الفعال للقانون.