نحن الذين نعيش في هذا
الزمن ظلمناك يا سيدى، وأنت أكمل البشرية خلقًا، وأوفر الناس عقلًا، وأسداهم
رأيًا، وأصحهم فكرةً، أسخى القوم يدًا، وأنداهم راحة، وأعظم الناس تواضعًا.. كيف
جعلناك ظلومًا وأميًّا وجهولًا
وأنت يا سيدي من كنت
تخالط الفقير والمسكين، وتجالس الشيخ والأرملة، وتذهب بك الجارية إلى أقصى سكك
المدينة فتذهب معها وتقضي حاجتها؟!
كيف جعلناك شهوانيًا تنظر
للنساء، وتنام على أفخاذ امرأة أجنبية وهي "تفلي" رأسك من القمل، وتدور
على زوجاتك التسع – أو الإحدى عشرة – في ليلة واحدة؟!!
نحن الذين نعيش في هذا
الزمن؛ زمن المؤسسات الدينية، ودور النشر، والفضائيات ظلمناك يا سيدي، وأنت
المتواضع الذى كنت لا تميز بين أصحابك بمظهر من مظاهر العظمة، ولا برسم من رسوم
الدنيا، كيف جعلناك ضحوكًا قتّالًا، ذباحًا، تحرق أسراك وتذبحهم من الوريد للوريد؟!!
أنت يا سيدي ألين الناس
عريكةً وأسهلهم طبعًا، ما خُيِّرت بين أمرين إلا اخترت أيسرهما ما لم يكن مُحرمًا،
تمازح أصحابك، وتداعب أطفالهم، وتجلسهم في حجرك الشريف، وتجيب دعوة الكبير
والصغير، وتزور المرضى في أقصى المدينة، وتقبل عذر المعتذر، وتبدأ من تلقاه
بالسلام، وتبدأ أصحابك بالمصافحة، جعلناك يا سيدى متعجرفًا متكبرًا، تفضل النساء
عن الصلاة لرب العالمين.
نحن الذين نعيش في هذا
الزمن؛ زمن الأحزاب والجماعات والجمعيات، ظلمناك يا سيدي، وأنت الذي كنت إذا جاءك
أحد وأنت تصلي خففت صلاتك وسألته عن حاجته، فإذا فرغت من قضاء حوائج الناس عدت إلى
صلاتك، وكنت أكثر الناس تبسمًا وأطيبهم نفسًا، تغسل ثوبك وترتقه، تحلب شاتك وتصلح
نعلك، وتسقي البعير، وتأكل مع الخادم، كيف جعلناك متطرفًا متشددًا، تغتال مناوئيك،
وتذبح 400 من أسراك، ولا تحب سوى القتل والقتال؟!!
هل تصدق يا سيدي، أنهم
رووا أنك ابتعدت عن قصر عمر في الجنة خشية إثارة غيرته على نسائه، وأنك تفاوضت مع
ربك من أجل عدد الصلوات، بل وإنك صليت أكثر من مرة بغير وضوء؟! يا لسفالتهم وهم
يقولون: إنه اضطجع فنام حتى نفخ، ثم أتاه المنادي فآذنه بالصلاة فقام معه إلى
الصلاة فصلى ولم يتوضأ.
إنه ليس حديثًا موضوعًا
ولا ضعيفًا، بل في صحيح البخاري، ج1 / كتاب الصلاة، إنك صليت العصر قبل المغرب وقد
دخل وقت فريضة المغرب!! هل معقول أنك لم تهتم بأمر الصلاة إلى درجة الفوت
والنسيان؟ كيف ضربوا عِصمتك من أجل رفع شخص ما كائنًا من كان، وكيف رووا أنك ناجيت
رجلًا حتى فاتتك الصلاة؟!!
لم يحزنوا ولم يجزعوا ولم
يغضبوا، وكأن على رءوسهم الطير، وهم يقرءون أنك قرأت القرآن بطريقتين مختلفتين، يا
للهول!! ويا لتلك الفجيعة، لكن الفجيعة الأكبر، هى ما رواها البخاري، أنك تنام في
حضن امرأة، ففي الجزء الرابع كتاب الجهاد والسير / حديث 7 "عن أنس بن مالك ـ
رضى الله عنه ـ أنه سمعه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام
بنت ملحان، فتطعمه. وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى
الله عليه وسلم فأطعمته وجعلت تفلي رأسه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم
استيقظ وهو يضحك. قالت: فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتى عرضوا
علي، غزاة في سبيل الله، يركبون هذا البحر، ملوكًا على الأسرة – أو – مثل الملوك
على الأسرة (شك إسحاق – الراوي)، قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني
منهم، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وضع رأسه، ثم استيقظ وهو يضحك
فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عرضوا على، غزاة في سبيل الله،
كما قال في الأول، قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال:
أنت من الأولين".
ما أقبحهم وهم يجعلونك
تدور على نسائك التسع أو الإحدى عشرة، كلهن في ساعة واحدة، بل وتذهب للصلاة وأنت
على جنابة، ثم تتذكر فتترك الصلاة وتغتسل، ثم تعود ورأسك تقطر بالمياه في المسجد
"عن أبي هريرة، قال: أُقيمت الصلاة، وعدلت الصفوف قيامًا، فخرج إلينا رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب فقال لنا: "مكانكم،
ثم رجع فاغتسل، ثم خرج إلينا ورأسه يقطر، فكبر فصلينا معه".
الأدهى والأمر أنك يا
سيدي وأنت في الغزو توقف جيشك من أجل أن تبحث عن عقد عائشة، "خرجنا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع
عقد لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا
على ماء وليس معهم ماء، فأتى الناس أبا بكر، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة: أقامت
برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس معه، وليسوا على ماء وليس معهم ماء؟ فجاء
أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست
رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء. قالت:
فعاتبني، وقال: ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من
التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فنام رسول الله صلى الله
عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا، فقال أسيد بن
الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. فقالت عائشة: فبعثنا البعير الذي كنت
عليه فوجدنا العقد تحته".
أي ضمير هذا الذي يجعلهم
يروون أنك كنت تجامع نساءك وهن في الحيض؟! وأي دين هذا الذي يجعلون فيه نبيًا ينظر
للحريم، فيأتي امرأته حتى يفرغ شهوته، فقد روى أَبو الزُّبَيْرِ محمد بن مسلم
المكي عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى امْرَأَةً
فأعجبته، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ وَهْىَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا، فَقَضَى
حَاجَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ
فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِى صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ
أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي
نَفْسِهِ».
روى معاوية بن صالح عن
أزهر بن سعيد الحرازي قال: سمعت أبا كبشة الأنماري قال: كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم جالسا في أصحابه، فدخل ثم خرج وقد اغتسل فقلنا: يا رسول الله، قد كان
شيء؟ قال: أجل، مرت بي فلانة، فوقع في قلبي شهوة النساء، فأتيت بعض أزواجي فأصبتها.
هل تصدق يا سيدي أن زعيم
السلفيين الألباني قال: سند هذا الحديث حسن إن شاء الله تعالى، ورجاله كلهم
ثقات؟!! وهل تصدق أن محمد حسان قال: إنك تزوجت عائشة وعمرها تسعة أعوام؟!!
إنها حقائق التراث وليس
حقيقتك يا سيدي، إنه إسلام الفقه السياسي السلفي، وإسلام الفقهاء، ضد إسلام القرآن
والنبوة، إنه الإسلام الذي أساء لك أكبر من إساءة الدنمارك ، أو إساءة النائب
الهولندي.
يا للعجب، إنهم يقرءون
تلك الإساءات ولا يجزعون، كأنهم لم يقرءوا شيئًا.. يبررون، ويهاجمون، وفي النهاية
يدعون محبتك، وهم لم يتحرك لهم جفن على من يسيء لك.
يا سيدي، ونحن آمنا بك ولم نرك، كتبنا تلك الكلمات لنقصم شوكة المعتدين عليك.. وعلنا نحرك العجزة الذين لم ينتفضوا من أجل تصحيح ما روي عنك.. لعل الله يغفر لنا ما قدمنا وأخرنا.