جاءت موافقة صندوق النقد الدولي على اعتماد عملة اليوان الصيني ضمن سلة
العملات الدولية الـ4 (الدولار، والين، واليورو، والجنيه الإسترليني)، لتصبح حاليا
5 عملات دولية معترفا بها، بالتزامن مع إعلان هيئة قناة السويس، عن اعتماد العملة
الصينية ضمن سلة عملات الهيئة، نظرًا لتزايد معدلات التجارة بين "مصر
والصين" الذي بلغ 12 مليارا و250 مليون دولار خلال الفترة الأخيرة.
وتجاوزت
قيمة الاستثمارات الصينية في مصر 6 مليارات دولار حيث تعمل حاليًا أكثر من 80 شركة
صينية بها، حسب آخر الإحصاءات الرسمية، ويبلغ حجم الصادرات المصرية إلى الصين نحو
9% من حجم التبادل التجارى بين البلدين، وهناك خطة كبيرة للفترة المقبلة لزيادة
التعاون فى مجالات الاستثمار وإنشاء الطرق والمصانع الجديدة، خاصة بعد المؤتمر
الاقتصادى الذي شهد توقيع 26 اتفاقية منذ عام 2014 منها ما دخل حيز التنفيذ بالفعل.
يأتي ذلك في الوقت الذي وقع فيه البنك المركزي المصري اتفاقية
تبادل العملة بمبلغ يصل إلى 18 مليار يوان صيني أي ما يعادل 2.5 مليار دولار"
لتبادل العملات لأجل 3 سنوات، ما شجع المستوردين المصريين علي وقف التعامل
بالدولار في كل تعاملاتهم مع الصين واكتناز اليوان لاستيراد المواد اللازمة من الصين،
ليحل اليوان "عملة الصين" محل الدولار، وهو ما يساهم في استقرار السوق
المصرفي وتخفيف الضغط على العملة الخضراء.
قالت الدكتورة بسنت فهمي الخبيرة المصرفية، عضو مجلس النواب: إن
حجم الاستثمارات الصينية بالعاصمة الإدارية الجديدة يبلغ ما يعادل 20 مليار دولار
بما يعني أن مصر مستقبلًا يمكنها السداد بنفس العملة الصينية، مؤكدة ان قرار
الهيئة العامة لقناة السويس، في أول أكتوبر الماضي، باعتماد اليوان كعملة في
تعاملاتها التجارية لتوفير الدولار الأمريكي بما يدعم الاحتياطي النقدي للبلاد،
كما أن السماح بالتعامل بالعملة الصينية من شأنه أن يجعل لدينا رصيدًا للتعاملات.
وشددت على أن دخول "اليوان" الصيني ضمن العملات
العالمية المتداولة خطوة مهمة من شأنها التشجيع على زيادات الاستثمارات
"المصرية- الصينية"، وسيساهم في زيادة التبادل التجاري بين البلدين،
والتصدي لتغول سعر الدولار.
وأكدت بسنت أن التعامل بالجنيه المصري في المقايضة مع اليوان
الصيني سيحدث تغيّرات إيجابية على مستوى سوق الصرف المصرية، وسيعزز من مكانة
الجنيه المصري، كما أن اعتماد اليوان الصيني كعملة للاحتياطي سيوفر لمصر أكثر من 8
مليارات دولار سنويًا للاحتياطي المصري (قيمة الواردات المصرية من الصين)،
وبالتالي لن يكون هناك ضغط على سعر الجنيه أمام الدولار مرة أخرى.
واعتبر الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي المصري للدراسات السياسية
والاقتصادية، أن اتفاقية مقايضة العملات مع الصين تمثل إضافة قوية للعملة المصرية
بعيدا عن تقلبات الدولار، لافتًا إلى أنها خطوة تخفف من الضغط على الدولار في مصر
ويساهم في ضبط الأسواق.
وأضاف عبده أن هذا القرار من شأنه أيضا فتح مجالات استثمارية
جديدة ويقلل من الضغط علي التعامل بالدولار، وبالتالي يمكن تحصيل عدد كبير من
اليوان الصيني من عملية التبادل بالعملة المحلية والذي سيوفر الدولار كاحتياطي
نقدي بعيدا عن الخضوع أمام قيود صندوق النقد الدولي.
واعتبر أن هذا الاتفاق بالنسبة لمصر يوجّه ضربة للدولار
الأمريكي، لأن السوق المصرية تشهد حاليًا نقصًا حادا في الدولار، خاصة في عمليات
الاستيراد، كما أن التوسع عالميًا في استخدام اليوان الصيني سيكون حتميًا بسبب
التعاملات الضخمة للصين في العالم، وبذلك فإنه سيكسر احتكار الدولار للحصة الغالبة
في السوق العالمية، وسيخفف من احتياج مصر للدولار لاستيراد السلع، خصوصًا القادمة
من الصين.
وقال الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد، أستاذ الاقتصاد
بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية: إن انضمام اليوان إلى العملات العالمية سيقلل
المعروض من الدولار، وكذلك المخاطر التي تخشاها بعض الدول في ظل عدم استقرار
عملاتها المحلية مع العملة الأمريكية، وهو من شأنه تحرير الشرق الأوسط من هيمنة
الدولار الذي يسيطر على 80% من التعاملات الاقتصادية العالمية، واستبداله بأي عملة
عالمية أخرى مثل اليوان الذي دخل قائمة العملات العالمية بقرار من صندوق النقد
الدولي، شريطة موافقة الطرف الآخر في التعامل على العملة.
وأضاف أن الاستغناء عن الدولار ممكن في التعاملات
الثنائية مثل الاتفاق الذي تم بين الصين ومصر بمقايضة العملة المحلية، أما عالميا
فمن الصعب تحقيقه في الوقت الحالي، ولكن التعاملات على المستوى العالمي والدولي
يبقى المقياس المرجعي فيها بالدولار، حيث إن التعامل بالعملات يشترط موافقة طرفي
التعامل على العملة، لافتا إلى أنه إذا استطاع الشرق الأوسط تحرير عملته من
الدولار، فسيهدم أسطورة الهمينة الأمريكية، موضحا أن حجم الفائدة من هذه
الاتفاقيات تتحدد وفقًا لحجم التبادل التجاري بين البلدين، حيث إن مصر تحتل المركز
الـ42 من بين الشركاء التجاريين للصين، وثالث أكبر سوق تصدير من بين الدول
العربية، أما الصين فهي أكبر مصدر لواردات مصر.