قال الدكتور بهجت قرني، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية
بالقاهرة، ومدير منتدى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، والذي عرض نتائج مشروع
"صحوة" عن الشباب في مصر: إن وجود تباين بين الجنسين في سوق العمل يعود
لنقص بعض المهارات لدى النساء وزيادة متطلبات بعض الوظائف في سوق العمل، مضيفًا:
"مشكلة القطاع الخاص هو أنه يتطلب البقاء في العمل لساعات طويلة أو قد تستدعي
متطلبات العمل السفر في بعض الأحيان، ما يمثل صعوبة لبعض السيدات".
وأوضح قرني، خلال عرضه لنتائج مشروع صحوة، والذي يموله الاتحاد
الأوروبي، وقام بتنفيذه منتدى الجامعة الأمريكية بالقاهرة بالتعاون مع 14 شريكا من
العالم العربي وتركيا وأوروبا، تحت عنوان "دراسة الشباب العربي في حوض البحر
المتوسط: نحو عقد اجتماعي جديد"، أن المشروع امتد لثلاث سنوات، من خلال تحليل كمي
وكيفي على عدة مشاكل رئيسية تواجه الشباب وهي العمل، والتعليم، والهجرة والتنقل
وفرص الشباب وإشراك الشباب.
وتصدرت النتائج الخاصة بالعمل والتعليم بين الشباب عروض
الباحثين بمشروع صحوة، حيث يشكل الشباب الغالبية العظمى من السكان في العالم
العربي وهو القطاع الأسرع نموا، لأن 66 بالمئة من السكان تحت سن 29 عاما، ويواجه ما
يقرب من 30 بالمئة من الشباب المصري مشكلة رئيسية في عدم الحصول على وظيفة حتى بعد
الحصول على شهادة جامعية، وأضاف قرني: "الشباب غير مؤهلين لكثير من الوظائف المتاحة،
لدينا حالة متناقضة في مصر، وفي العديد من البلدان العربية الأخرى، فيوجد مستوى
مرتفع من البطالة ووظائف خالية، يمثل ذلك تناقضا ولغزا، ومفتاح هذا اللغز هو النظام
التعليمي المعيب الذي لا يقوم بإعداد الشباب لتلبية متطلبات السوق".
ونظرا للتحديات التي تواجه الشباب المصري في محاولة العثور على
عمل، يلجأ الكثير منهم إلى العمل في القطاع غير الرسمي، فأكثر من 60 بالمئة ممن
شملتهم الاستبيانات كانوا على استعداد لقبول أي وظيفة وإن كان مرتبها سيئا.
وأكد قرني، أن النظام التعليمي في جميع أنحاء المنطقة لا يقوم
بإعداد الشباب بشكل كافي لتلبية مطالب سوق العمل، قائلًا: "النظام التعليمي
في مصر، على سبيل المثال، هو نظام شكلي للغاية، غير نقدي وجامد ولا يسمح الشباب
باستكشاف اهتمامات مختلفة في نفس الوقت، كما أن عدم الاهتمام بالمشاركة السياسية
هو ظاهرة أخرى شائعة بين الدول التي شملتها الدراسة، وسجلت مصر أعلى مستوى في عدم
انتماء الشباب لأي حزب سياسي، وعدم الانتماء إلى أي جمعية ثقافية أو جمعية تابعة
للحي، بنسبتي 95 بالمئة و85 بالمئة".
وفقا لمشروع صحوة، تعد مشكلة البطالة هي أهم مشكلة تواجه الشباب
العربي، بالنظر إلى أغلب الشباب في مصر، فلا يزال القطاع الخاص هو مصدر العمل
الرئيسي، فأكثر من 85 بالمئة من الذكور و70 بالمئة من الإناث يعملون في شركات
هادفة للربح.
من جانبه، قال مصطفى عمران،
أستاذ علم الاجتماع والدراسات السكانية في جامعة خميس مليانة بالجزائر، وباحث
مشارك في مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي من أجل التنمية في الجزائر، والذي عرض
نتائج صحوة عن الشباب في الجزائر: "نجد في الجزائر أن نسبة البطالة لا تزال
مرتفعة بواقع 10 بالمئة من مجموع السكان، إلا أن نسبتها أعلى بين الشباب، وتصل إلى
32 بالمئة، ولا تزال الجزائر هي واحدة من أكثر الدول العربية التي تستقبل العمالة
العربية أو الأجنبية"، وتعد العمالة غير الرسمية في منطقة الشرق الأوسط ظاهرة
عامة تعكس النظام التعليمي غير الفعال، والزيادة في تأثير الفقر، حيث يعمل أكثر من
نصف الشباب الجزائري (56 بالمئة) في القطاع غير الرسمي وكذلك مثل معظم الشباب
المصري.
وقالت إيلينا سانشيز، منسق علمي في المشروع، وتعمل
في مركز برشلونة للشئون الدولية: "لقد كانت هناك العديد من النتائج غير متوقعة
في ما يخص المشاركة السياسية، فالمشاركة السياسية للشباب في الخمسة بلدان تعد
منخفضة للغاية، كما أن الاعتقاد السائد أن معظم الشباب يرغبون في الهجرة ليس
صحيحا، إذ إن أقل من 20 بالمئة يرغبون في الهجرة تقريبا في البلدان الأربعة
باستثناء تونس، حيث يصل عدد الشباب الراغبين في الهجرة إلى 53 بالمئة".
وبالمثل، أعرب الشباب اللبناني عن عدم الثقة في
الأحزاب السياسية، يقول قرني: "لقد كان الشباب في لبنان بدون رئيس لفترة
استمرت أكثر من عامين. يوجد لديهم سبب قوي للاعتقاد بأن السياسات لن تتغير وأن
العقلية السياسية ستبقى كما هي، لذلك هم ليسوا متفائلين بشكل عام بشأن مستقبلهم".
ولحل تحديات مشكلة البطالة المتزايدة في المنطقة،
أشار قرني إلى أهمية النظر لعوامل الاقتصاد الجزئي قبل إيجاد الحلول، إذا تم
الاتجاه إلى نموذج للتنمية يقوم على كثافة رأس المال بشكل كبير فمن المتوقع عدم
توفر فرص عمل كبيرة، منوهًا إلى أن عدد السكان في مصر يتزايد كل شهر حوالي 100 ألف
شخص لذلك لا يوجد في الاقتصاد قطاعات كثيفة العمالة بشكل كاف ولا تزال الفجوة
تتسع، كما أن عدد المواطنين العاطلين عن العمل في حالة زيادة أيضا.
وشدد الدكتور بهجت قرني، أستاذ العلوم السياسية
بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، على أن البحث النوعي والكمي مفيد في إيجاد
سياسات وحلول فعالة يمكنها أن تتصدى للتحديات طويلة الأمد التي تواجه الشباب العربي
حاليا.