أقر وأعترف أننى من الصحفيين الذين يكرهون الكتابة عن المهنة ، وأرى أننا نثقل كثيرا على القارئ الكريم بشغل المساحات في وسائل الإعلام بهمومنا وخلافاتنا وصراعتنا التي لا تنتهي ، ولكن الأمر هذه المرة فيه من الدهشة والتعجب الكثير من تصرفات بعض الزملاء الغريبة في توقيتها وطريقة طرحها .
نحن أمام أول قانون صحافة في تاريخ مصر والشرق الأوسط يستبعد الحبس والغرامة في قضايا النشر ويكتفى بالمساءلة النقابية ومن ثم يصبح التقاضي يمر عبر قناة مهنية وينتصر لكفاح أجيال من الصحفيين ناضلت مع أنظمة عديدة حتى تصل لهذا اليوم ، وحتى تحصل على حريتك كاملة لا بد أن تخضع لتنظيم المهنة وحفظ حق الناس في الحصول على المعلومة وضمان عدم استخدام سلاح النشر للابتزاز او تهديد كيان الدولة عبر ممارسات إعلامية مدعومة من جهات أجنبية معادية ، وهو ما جاء في نص المادة الثامنة من القانون، التي نصت على " وضع وتطبيق نظام مراقبة مصادر التمويل في الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية بما يضمن شفافية وسلامة هذا التمويل ومراقبة تنفيذه " .
كل بلاد العالم تلاحق التمويل الأجنبي وعمليات غسل الأموال، التي تستخدم وسائل الاعلام لتحقيق أهداف تدميرية أو تخريبية للنظام السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي ، ومصر تعرضت لخطر حقيقي من دخول أموال اجنبية تلاعبت بالإعلام والمواطن المصري في السنوات الاخيرة مستغله الانفتاح الاقتصادي ، ثم أحداث 25 يناير حتى ان بعض الدول تصورت أنها أمام مشهد دول تعرضت لظروف حرب أهلية مثل العراق ولبنان وأن من حقها أن تمتلك أجهزة اعلامية تعبر عنها وعن نفوذها داخل مصر عبر بوابة التمويل الأجنبي وعدم خضوع كثير من وسائل الإعلام للرقابة .
لا أبالغ إذا قلت إن هناك من يمارس هذه المهنة ويرغب في استمرار حالة الفوضى والسيولة وعدم الانتقال لمربع الدولة القوية ، فلقد ذاق الكثيرون المال الحرام وقرر الحفاظ على "السبوبة " حتى ولو على حساب امن وسلامة الوطن ، وهو ما أفسد المشهد الإعلامي المصري وأصاب متابعيه بارتباك من تغيير وجهات النظر وربطها بالأهواء الشخصية ، والتذرع بالحرية لمقاومة أي نوع من انواع المحاسبة في مشهد لم يعرفه العالم .. حتى إن البعض تجرأ على سلطات الدولة ووضع الصحافة فوقها .. بل وضع ريشة على رأس الصحفيين والإعلاميين وكأنهم مجتمع من الالهة التي لا تخطئ ..يُحاسِبون ولا يحَاسبون !
منذ ازمة نقابة الصحفيين ، قرر نفر منهم أن مقرهم لا يخضع لإجراءات التفتيش ، وان من حق المطلوبين الاعتصام بها ، وتم لىّ الحقائق لاستخدام الظرف السياسي في صراع غريب مع أجهزة الدولة بعد أيام من الحصول على تمويل حكومي لمواجهة نفقات نقابية ضاغطة على ميزانية النقابة الضعيفة ، ثم ذهب البعض الى نقطة أبعد بالمطالبة برحيل وزير الداخلية الذى طبق القانون .
ثم يعود نفس أعضاء مجلس النقابة الذين قرروا مواصلة الصراع الى مهاجمة القانون الذين شاركوا في صياغته ليعترضوا على حق رئيس الجمهورية في تشكيل الهيئات الاعلامية ، ثم يهاجمون مجلس النواب لأنه غير مواد القانون رغم أن القانون عرض على مجلس الدولة الذى أقره بصورته الحالية وكانت ملاحظته القيمة بفصل قانون الهيئات الصحفية والاعلامية والمجلس الاعلى لتنظيم الاعلام عن قانون الاعلام الموحد .
بكل الصدق أجدد دعوتي لمجلس النقابة الحالي بالاستقالة والحفاظ على ما تبقى لنا من احترام في الشارع المصري ولدى اجهزة الدولة ، تلك الدعوة سبق وأن أطلقتها في مايو الماضي مع زملائي في جبهة تصحيح المسار وخلال مواجهتي بالزميل ابو السعود محمد عضو مجلس النقابة في قناة الحياة ، فلقد تمكن تيار سياسي بعينه من ادارة النقابة .. ولأن الأمر لم يعد محتملا قرر شيخ شيوخ مهنة الصحافة وعمود الخيمة الباقي مكرم محمد احمد في مجلس النواب ان يكشفهم بالاسم وسأكتفى بالإشارة احتراما لهم ولزمالتنا في النقابة والمهنة الى تحديدهم بتيار "الناصريين " و "اليسار المتحالف مع الاخوان " أو "الاشتراكيين الثوريين " .. تركيبة غريبة سيطرت على مفاصل المهنة سواء في النقابة او المجلس الاعلى للصحافة المنتهى ولايته قانونا او في ادارة المؤسسات الصحفية الحكومية.
تلك التركيبة واكبت أكبر خسائر في تاريخ الصحافة بل أزعم أنهم مسئولون عنها ، فالكل راهن على استمرار دعم الدولة ، ولم يدرك تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تكوى بنيرانها الآن مهنة الطباعة والنشر وتفرض عليها تحديات غير مسبوقة تنتهى حتما باختفاء مطبوعات ورقية وتفرض على الصحف القومية التحول السريع نحو النشر الإلكتروني حفاظا على وجودها وكيانها .
قبل أيام من طرح القانون دار بيني وبين عضو مجلس ادارة في مؤسسة صحفية عريقة حوار طويل عن سبل الخروج من الازمة بعد تأثر المؤسسات القومية بقرارات تحرير سعر الصرف ، بادرته بسؤال هل في اقسام المؤسسة قسم للتخطيط الاستراتيجي ، يقدم تصورا للمستقبل ويعطى حلولا قابلة للتنفيذ تبدأ من لحظة الشعور بالأزمة حتى تنتهى آثارها ..قال لي طبعا غير موجودة لا عندنا ولا في أي مؤسسة اعلامية قومية والدليل ما نحققه من خسائر كل يوم بلا أي حلول .
الأزمة يا سادة أننا تفرغنا للصراع مع الدولة وأثرت علينا درجات حرارته المتباينة بين السخن والبارد ونسينا التفكير في البناء لمستقبلنا والاستعداد لتحدياته ، لا نفكر في التخطيط للعودة للتأثير في محيطنا العربي كما كنا ، لم نوفر للدولة سبل استعادة قوتها الناعمة ، لم ندعم مواقفها العربية المحترمة ، مهنة الصحافة تحتاج الى وقفة طويلة مع النفس ، والتخطيط لمستقبلها بدلا من صناعة أزمات وأبطال من ورق .
نحن أمام أول قانون صحافة في تاريخ مصر والشرق الأوسط يستبعد الحبس والغرامة في قضايا النشر ويكتفى بالمساءلة النقابية ومن ثم يصبح التقاضي يمر عبر قناة مهنية وينتصر لكفاح أجيال من الصحفيين ناضلت مع أنظمة عديدة حتى تصل لهذا اليوم ، وحتى تحصل على حريتك كاملة لا بد أن تخضع لتنظيم المهنة وحفظ حق الناس في الحصول على المعلومة وضمان عدم استخدام سلاح النشر للابتزاز او تهديد كيان الدولة عبر ممارسات إعلامية مدعومة من جهات أجنبية معادية ، وهو ما جاء في نص المادة الثامنة من القانون، التي نصت على " وضع وتطبيق نظام مراقبة مصادر التمويل في الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية بما يضمن شفافية وسلامة هذا التمويل ومراقبة تنفيذه " .
كل بلاد العالم تلاحق التمويل الأجنبي وعمليات غسل الأموال، التي تستخدم وسائل الاعلام لتحقيق أهداف تدميرية أو تخريبية للنظام السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي ، ومصر تعرضت لخطر حقيقي من دخول أموال اجنبية تلاعبت بالإعلام والمواطن المصري في السنوات الاخيرة مستغله الانفتاح الاقتصادي ، ثم أحداث 25 يناير حتى ان بعض الدول تصورت أنها أمام مشهد دول تعرضت لظروف حرب أهلية مثل العراق ولبنان وأن من حقها أن تمتلك أجهزة اعلامية تعبر عنها وعن نفوذها داخل مصر عبر بوابة التمويل الأجنبي وعدم خضوع كثير من وسائل الإعلام للرقابة .
لا أبالغ إذا قلت إن هناك من يمارس هذه المهنة ويرغب في استمرار حالة الفوضى والسيولة وعدم الانتقال لمربع الدولة القوية ، فلقد ذاق الكثيرون المال الحرام وقرر الحفاظ على "السبوبة " حتى ولو على حساب امن وسلامة الوطن ، وهو ما أفسد المشهد الإعلامي المصري وأصاب متابعيه بارتباك من تغيير وجهات النظر وربطها بالأهواء الشخصية ، والتذرع بالحرية لمقاومة أي نوع من انواع المحاسبة في مشهد لم يعرفه العالم .. حتى إن البعض تجرأ على سلطات الدولة ووضع الصحافة فوقها .. بل وضع ريشة على رأس الصحفيين والإعلاميين وكأنهم مجتمع من الالهة التي لا تخطئ ..يُحاسِبون ولا يحَاسبون !
منذ ازمة نقابة الصحفيين ، قرر نفر منهم أن مقرهم لا يخضع لإجراءات التفتيش ، وان من حق المطلوبين الاعتصام بها ، وتم لىّ الحقائق لاستخدام الظرف السياسي في صراع غريب مع أجهزة الدولة بعد أيام من الحصول على تمويل حكومي لمواجهة نفقات نقابية ضاغطة على ميزانية النقابة الضعيفة ، ثم ذهب البعض الى نقطة أبعد بالمطالبة برحيل وزير الداخلية الذى طبق القانون .
ثم يعود نفس أعضاء مجلس النقابة الذين قرروا مواصلة الصراع الى مهاجمة القانون الذين شاركوا في صياغته ليعترضوا على حق رئيس الجمهورية في تشكيل الهيئات الاعلامية ، ثم يهاجمون مجلس النواب لأنه غير مواد القانون رغم أن القانون عرض على مجلس الدولة الذى أقره بصورته الحالية وكانت ملاحظته القيمة بفصل قانون الهيئات الصحفية والاعلامية والمجلس الاعلى لتنظيم الاعلام عن قانون الاعلام الموحد .
بكل الصدق أجدد دعوتي لمجلس النقابة الحالي بالاستقالة والحفاظ على ما تبقى لنا من احترام في الشارع المصري ولدى اجهزة الدولة ، تلك الدعوة سبق وأن أطلقتها في مايو الماضي مع زملائي في جبهة تصحيح المسار وخلال مواجهتي بالزميل ابو السعود محمد عضو مجلس النقابة في قناة الحياة ، فلقد تمكن تيار سياسي بعينه من ادارة النقابة .. ولأن الأمر لم يعد محتملا قرر شيخ شيوخ مهنة الصحافة وعمود الخيمة الباقي مكرم محمد احمد في مجلس النواب ان يكشفهم بالاسم وسأكتفى بالإشارة احتراما لهم ولزمالتنا في النقابة والمهنة الى تحديدهم بتيار "الناصريين " و "اليسار المتحالف مع الاخوان " أو "الاشتراكيين الثوريين " .. تركيبة غريبة سيطرت على مفاصل المهنة سواء في النقابة او المجلس الاعلى للصحافة المنتهى ولايته قانونا او في ادارة المؤسسات الصحفية الحكومية.
تلك التركيبة واكبت أكبر خسائر في تاريخ الصحافة بل أزعم أنهم مسئولون عنها ، فالكل راهن على استمرار دعم الدولة ، ولم يدرك تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تكوى بنيرانها الآن مهنة الطباعة والنشر وتفرض عليها تحديات غير مسبوقة تنتهى حتما باختفاء مطبوعات ورقية وتفرض على الصحف القومية التحول السريع نحو النشر الإلكتروني حفاظا على وجودها وكيانها .
قبل أيام من طرح القانون دار بيني وبين عضو مجلس ادارة في مؤسسة صحفية عريقة حوار طويل عن سبل الخروج من الازمة بعد تأثر المؤسسات القومية بقرارات تحرير سعر الصرف ، بادرته بسؤال هل في اقسام المؤسسة قسم للتخطيط الاستراتيجي ، يقدم تصورا للمستقبل ويعطى حلولا قابلة للتنفيذ تبدأ من لحظة الشعور بالأزمة حتى تنتهى آثارها ..قال لي طبعا غير موجودة لا عندنا ولا في أي مؤسسة اعلامية قومية والدليل ما نحققه من خسائر كل يوم بلا أي حلول .
الأزمة يا سادة أننا تفرغنا للصراع مع الدولة وأثرت علينا درجات حرارته المتباينة بين السخن والبارد ونسينا التفكير في البناء لمستقبلنا والاستعداد لتحدياته ، لا نفكر في التخطيط للعودة للتأثير في محيطنا العربي كما كنا ، لم نوفر للدولة سبل استعادة قوتها الناعمة ، لم ندعم مواقفها العربية المحترمة ، مهنة الصحافة تحتاج الى وقفة طويلة مع النفس ، والتخطيط لمستقبلها بدلا من صناعة أزمات وأبطال من ورق .