هؤلاء الذين يولدون بإعاقات جسدية لأسباب وراثية أو أخرى متعلقة بعملية الحمل والولادة أو حتى يصابون بها فى مراحل الطفولة المتقدمة قادرون على التكيف مع وضعهم الجسدى.
ولا يواجهون مشكلات كبيرة على المستوى النفسى والاجتماعى طالما توافرت لهم بيئة أسرية ومجتمعية واعية بخصوصية متطلباتهم.
الشخص ذو الإعاقة يحتاج فقط إلى محيط اجتماعى يثق فى قدرته على الإنجاز ويعمل على تدعيمه بكافة سبل الإتاحة التربوية والتعليمية والبيئية والتأهيلية لتمكينه من تحسين ظروف حياته ومن ثم رفع مستوى كفاءته وقدرته على المنافسة كند لأقرانه من غير المعاقين.
ولا يصبح الشخص ذو الإعاقة الجسدية معاقا إلا إذا فقد مجتمعه المحيط إيمانه به كإنسان كامل الإرادة ونظر إليه كعاجز يحتاج دائما إلى من يمن عليه بالمنح والعطايا.
التأثيرات النفسية والاجتماعية السلبية للإعاقة الجسدية تظهر عادة لدى الإنسان الذى عاش فترة طويلة من عمره بجسد غير معاق ثم فوجئ بفقدان بصره أو أحد أطرافه أو السمع أو الكلام نتيجة لحادث أو مرض.
وقد يستغرق الأمر سنوات طويلة حتى يستوعب الصدمة ويبدأ فى اكتساب القدرة على التكيف مع وضعه الجسدى الجديد وهو ذات الشيء بالنسبة لمحيطه الأسرى والاجتماعى.
ولنا أن نتخيل شابا فى عمر الزهور تخرج بالأمس القريب فى الكلية الحربية ليصبح أسدا من أسود الصاعقة المصرية ويرسم مستقبله كضابط ومقاتل أقسم على حماية وطنه وتعهد لشعبه بالصمود فى الميدان رافعا العلم حتى النصر أو الشهادة، لكن الضابط الشاب تصيبه عبوة ناسفة زرعتها يد الغدر والإرهاب فيفقد إحدى قدميه، للوهلة الأولى قد نظن أن الشاب لن يحتمل الصدمة وسيغرق فى ظلمات بحر اليأس والهزيمة النفسية، غير أن الملازم أحمد محمد عبداللطيف أسد الصاعقة المصرية أبى إلا أن يفى بقسمة ويظل صامدا فى وجه أعداء الحياة ليقف على قدمه المتبقية رافعا لواء الوطن، متجاوزا ألمه الجسدى والنفسى. ربما يكون أنسب شكل احتفالى باليوم العالمى للإعاقة الذى حل فى الثالث من ديسمبر الجارى أن نفخر جميعنا نحن المصريين ونزهو ببطل الصاعقة المصرية الشاب الملازم محمد أحمد عبداللطيف، الذى قدم نموذجا لقدرة المصريين على مواجهة ودحر أخطر إعاقة يمكن أن تعانيها أمة، وهى إعاقة الإرهاب والتطرف والتخلف.
أحمد حارب فلول الإرهاب مع زملائه الأبطال من عناصر الصاعقة المصرية فى شمال سيناء وصمد متحديا الخسة والغدر لتصيبه عبوة ناسفة تفقده إحدى قدميه وترفع أحد زملائه شهيدا إلى بارئه، لكن أحمد تماسك وظل واقفا على قدم واحدة ليؤكد أن المقاتل المصرى لا يسقط حتى يستشهد، وأنه قادر على الصمود والتحدى فى ميادين قتال أخرى وليصفع الإرهاب على وجهه بإصراره على مواصلة الحياة واقفا صالبا عوده رافعا رأسه إلى عنان السماء، وكأنه يقول لرصاص الإرهابيين إما ترفع روحى شهيدة حية عند خالقها وإلا سأظل أحاربك بقدمى ولو كانت مبتورة دون أن ينحنى ظهره.
الملازم أحمد عبداللطيف قرر أن يواصل حربه على الإرهاب بطريقته وهى أن يتحدى الإعاقة الصغرى التى أصابت جسده بأن يستمر مقاتلا شديد البأس فى مجال الرياضة، فالتحق بالمؤسسة الرياضية العسكرية لاستكمال خدمة وطنه وتحقيق البطولات والإنجازات لمصر.
كما انضم إلى منتخب مصر القومى للملاحة الرياضية، ومن ثم المشاركة فى عدة بطولات محلية وإقليمية ودولية بحسب ما نشره المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة.
قد فاز بطل الصاعقة بالعديد من البطولات المحلية على مستوى الجمهورية، وأيضا بطولات دولية كبطولة إفريقيا وبطولة العالم لرياضة الملاحة.
المؤكد أن بحر الكلمات قد ينفد دون أن يوفى الملازم أحمد وزملاءه حقهم، لكن ما يحزن حقا أن الإعلام المصرى لم يستقبل بطولته فى محاربة الإرهاب ومواصلة الحياة بما يوازى حجم إنجازه واكتفى بعرض ما نشره المتحدث العسكرى على صفحته الرسمية.