الخميس 03 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

بالفيديو والصور.. "إيدز النخيل والطماطم" يدمر الزراعة بالوادي الجديد.. مواطنون: لا نستطيع مقاومته لتكلفته الباهظة.. وباحثون: بدأت في 2010 فتراجعت المساحات إلى 250 فدانا فقط.. والخسائر 70% من المحصول

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في مطلع ديسمبر من كل عام، يحل اليوم العالمي للإيدز في محاولة للتوعية بمسببات العدوى التي تقتل الآلاف سنويًا بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية، ولكن في الوادي الجديد تختلف مظاهر الاحتفال حيث يقتل المرض ليس البشر فقط ولكن في الواحات يقتل الزراعات.
وظهرت بمحافظة الوادي الجديد، حشرة " التوتا أبسيلوتا"، والتي تصيب محصول الطماطم في شهر ديسمبر عام 2010 وتسببت في انحسار زراعات المحصول بالمحافظة منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، وليس لها علاج نهائي وسميت بـ" إيدز الطماطم"، خاصة، وأن المحافظة تشهد مرضًا مشابه تسببه حشرة سوسة النخيل الحمراء والمعروفة باسم "إيدز النخيل" نظرا لصعوبة مقاومتها.
يقول شرف الدين غريب، مدرس وصاحب مزرعة في قرية بولاق بمركز الخارجة: كنا نزرع محصول الطماطم منذ سنوات عدة، ولكننا توقفنا منذ أكثر من 3 سنوات، بسبب حشرة "التوتا ابسيلوتا"، والتي تصيب المحصول تسبب خسائر فادحة، نظرًا لعدم وجود مبيد يقضي على الإصابة، وإذا وجد فإن المقاومة، تتطلب نفقات كبيرة، لا تحقق عائدًا اقتصاديًا من المحصول.
وأضاف شرف، أن المحافظة كانت تشهد زراعات واسعة من الطماطم في شهر ديسمبر من كل عام، كانت تنتح محصولًا حتى شهر أبريل بسعر مناسب، حتى وصل في بعض الأحيان إلي أن سعر الكيلو من الطماطم الي 25 قرشا، بسبب حجم الإنتاج، والذي كان يغطي معظم محافظات الجمهورية، خلال هذه الفترة من العام خاصة، وأن الطماطم تزرع في محافظات وادي النيل والوجه البحري في العروة الصيفية، ولكن طبيعة مناخ المحافظة، جعل إمكانية زراعتها في فترة الشتاء.
وأكد الحاج عامر، من قرية فلسطين بواحة الخارجة، أن الاصابة ظهرت فجأة في محصول الطماطم ولم يستطع علاجها ودمرت له المحصول مما يضطره الي عدم زراعة المحصول مرة اخري بالرغم انها كانت تحقق له مكسبا ماديا لاسرته.
وقال الدكتور عبد الرحيم عبد النبي زمال، الباحث بمركز البحوث الزراعية بالوادي الجديد: إن الميزة في المحافظة أن زراعة الطماطم في فترة الشتاء، وحتى بداية العروة النيلي، كانت تجعل المزارع يحقق ربحًا كبيرًا، وتواجه مشكلة ارتفاع سعرها علي الجانب الآخر، خاصًة وأن مدرة زراعتها، لا تتجاوز شهرين منذ بداية غرس الشتلة في الحقل.
وأكد الدكتور صلاح جميل، أستاذ الآفات والمتخصص في هذه الحشرة بمركز البحوث الزراعية بمدينة الخارجة بالمحافظة، أنه تم تسجيل أول ظهور للحشرة يوم 11 ديسمبر عام 2010 في منطقة بئر 2 بقرية الخرطوم جنوب مدينة الخارجة، وكان وقتها حجم زراعات الطماطم بالمحافظة 904 فدان، إلا أن الإصابة تفاقمت وانتشرت بشكل كبير، حتى وصلت المساحة المنزرعة بالطماطم إلي 307 فدان حتى عام 2014، ولا تتعدى 250 فدانًا في العام الحالي، مما يعني أن الخسارة في زراعة المحصول وصلت إلي نسبة 70%، حيث وصل نسبة الفقد في المحصول للفدان أكثر من 90 %، ما سبب خسارة فادحة للمزارع اضطره للإحجام عن تكرار زراعة المحصول.
يضيف جميل، أن مشكلة هذه الحشرة أنها تحتاج إلي مقاومة في جميع مراحل نموها، وهي 4 مراحل " البيضة، اليرقة، اليافعة، الحشرة الكاملة"، وكل طور يحتاج إلي مبيد معين، مع عدم تكرار استخدام نفس المبيد في العام القادم، نظرًا لمقاومة الحشرة للمبيد نفسه ومشتقاته، وهنا يقع المزارع في مشكلة عدم قدرته علي تحديد طور الإصابة في حقله؛ وبالتالي لا يستطيع تحديد المبيد المناسب، بالإضافة إلي تكاليف المقاومة المرتفعة، والتي تختلف حسب نوعية الري من استخدام ري بالغمر أو بالتنقيط.
لفت إلي، أنه قد تصل تكلفة المقاومة إلي 3000 جنيه للفدان الواحد، مع ضرورة استخدام مصائد للحشرة، من خلال عمل " فيرمونات "، وهي مادة جاذبة للحشرات الذكور، تستطيع من خلالها تقليل عدد الحشرات المتواجدة في الحقل، وفي نفس تحديد كثافة الإصابة.
تابع قائلًا: " لقد حذرت بشدة من هذه الحشرة في عام 2010، واستطعت من خلال أبحاثي أن أضع برنامجًا للقضاء عليها، وإلى هنا دوري انتهي كباحث، ولكن في هذا التوقيت،عند بادية ظهور الحشرة بالمحافظة، لم يقف بجانبي سوي وكيل وزارة الزراعة الأسبق المهندس السيد عطية فقط".
يؤكد: أن هناك بدائل للمبيدات نجحت في مكافحة الحشرة مع برامج مكافحة متكاملة يتم استخدام المبيد في اضيق الحدود لافتا إلى أن فكرة أن المحافظة محظور فيها استخدام المبيد فلماذا يسمح المسئولون باستخدام مبيد "التابافان" لمواجهة حشرة سوسة النخيل الحمراء والمعروفة باسم ايدر النخيل فضلا عن ان استخدام المبيد يتم في اضيق الحدود هناك ما يطلق عليه مرحلة زمنية لجمع الثمار عقب رش المبيد وهي فترة معينة يتم جمع الثمار بعدها يكون المبيد قد تحلل واصبح امن للبشر حسب تصريحات ومعايير الصحة العالمية ويطلق عليها " PHI " وتكتب علي عبوة كل مبيد.
لفت الي انه ما الفرق بين الدواء الذي يتناوله الإنسان والمبيد الذي يرش على النبات وهما كلاهما مادة كيماوية ولكن طريقة الاستخدام والجرعة هي التي تجعل من المادة الكيماوية مفيدة وغير ضارة للإنسان.
وكشف مصدر مسئول، وباحث في العلوم الزراعية بمركز البحوث الزراعية، فضل عدم ذكر اسمه، أن المشكلة في الوادي الجديد منذ ظهور الحشرة عام 2010، هو تجاهل المحليات لها، والمحافظين السابقين، وعدم اهتمامهم بالمشكلات العلمية والبحثية، مع عدم وجود دراسة علمية متخصصة توضح الإصابة وظروفها وكيفية مقاومتها في ذلك التوقيت.
وأكد المصدر، أن في ذلك الوقت كان هناك تخبط واضح في القرارات ما بين المحافظة، ووزارة الزراعة، والتي أصدرت تقريرًا رسميًا يؤكد في عام 2010، أن هذه الحشرة ليست "التوتا الابسليوتا"، بينما هي حشرة تسمي "شبيهة دودة درنة البطاطس"، وهذا التأخير في التشخيص للإصابة سبب خسارة كبيرة في زراعات الطماطم بالوادي الجديد.
من جانبه أكد الدكتور محسن عبد الوهاب، وكيل وزارة الزراعة بالوادي الجديد، أن المزارع محق تمامًا في عدم اقباله علي زراعة الطماطم خاصة، وأن مقاومة الإصابة بحشرة " التوتا الابسيلوتا"، تتطلب برنامج مكافحة متكامل مكلف اقتصاديًا علي المزارع نفسه، ويعتمد البرنامج بشكل رئيسي وأساسي علي المبيدات، والتي يلزم تغييرها بشكل دوري، لان الحشرة تتكيف وتستطيع مقاومة المبيد، فضلًا عن عدم وجود بدائل مبيدات تستطيع مقاومة الحشرة بشكل ناجح.
تابع محسن قائلًا: "وماذا بعد نجاح المقاومة، والتي تعتمد على استخدام واسع للمبيدات فماذا سوف نأكل ؟ وإيه أخبار الصحة بعدها ؟ لافتًا إلي، أن المحافظة من المناطق المحمية ضد الزراعة بالمبيدات بقرار وزاري من وزارة الزراعة صادر منذ 10 سنوات يحظر استخدام المبيدات في الوادي الجديد.
وكانت قد شهدت جمهورية مصر العربية، ظهور حشرة "التوتا أبسلوتا"، في عام 2009، ودخلت الي مصر عن طريق الحدود الليبية، وظهرت لأول مرة بمحافظة مرسي مطروح، وهي حشرة موطنها الأصلي دول أمريكا اللاتينية تصيب محصول الطماطم.