الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"الغذاء مقابل السلام" .. الخطر الإسرائيلى القادم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بشكل مباشر دون مقدمات ، لأن الموضوع جد خطير ويجب مواجهته فورا ، "الغذاء مقابل السلام" .. هو كود المخطط الإسرائيلى الجديد الذى يحاك ضد مصر خلال الفترة الأخيرة ، خطورة هذا المخطط السرى حتى الآن ، فى عدة نقاط ، أن أول من روج له كان شيمون بيريز القيادى الصهيونى الشهير ، قبل وفاته بأيام ، خلال إجتماع سيومخابراتى جمع أطراف الحكم والتخطيط فى إسرائيل ، ومعروف طبعا إن بيريز هو صاحب المخطط الأكثر خرابا فى الدول العربية، وأقصد طبعا مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير أو الإسرائيلى ، كلها مسميات لمخطط واحد كنا نتعامل معه بمنتهى الإشمئزاز والإستهجان منذ أن صعد إلى السطح فجأة فى نهاية الثمانيات من خلال كتاب مثير لبيريز .. وإكتفينا بسبه وإدانته ، ولم نواجهه بأية طريقة فعلية حتى تم تنفيذه على أرض الواقع ، أصبح حقيقة نعانى منها ، وستعانى منها الأجيال القادمة أكثر أكثر .

ومن خلال المعلومات التى حصلت عليها ، أستطيع أن أؤكد لكم أن المخطط السرى الجديد المكود بإسم "الغذاء مقابل السلام " ، هو الجزء الثانى من مشروع "الشرق الأوسط الإسرائيلى"، والذى على جبروته لم ينفذ كله حتى الآن ، وإستطاع المصريون بدون مبالغة ولا مزايدة مع بعض الأطراف العربية الوطنية إيقاف الأجزاء الأكثر كارثية منه ، وهى إستمرار تساقط الدول العربية مثل طابور قطع الدومينو ، وتحويلها لدول فاشلة وتقسيمها لدويلات حتى تتحول إسرائيل إلى الدولة العظمى فى شرق أوسطها التى خططت له مع حلفائها

بالتالى فشل الجزء الأخير من المشروع الإسرائيلى "الشرق الأوسط الجديد" الذى يحمل أحيانا كود " الربيع العربى" عجل بتنفيذ المخطط الجديد " الغذاء مقابل السلام" .. وهو من إسمه يعطيك إيحاء بإنك تتعامل مع دول تعانى الجوع والفقر ستقدم لها مساعدات إغاثة مقابل سلام تجبر عليه ، ويذكر هذا البعض بالمخطط التدميرى الذى كان من بدايات خراب الشرق الأوسط ، وهو "البترول مقابل الغذاء" ، الذى نفذته الدول الكبرى مع العراق فى أزمة حرب الخليج ، والتى إنتهت بسقوط العراق ، وكانت فاتحة لسقوط دول عربية أخرى .

لكن الحقيقة ، والتى أنفرد بها فى هذا المقال المعلوماتى الذى أعود به إلى "البوابة" بعد فترة إنقطاع ، أن هذا المخطط هو عبارة عن مبادرة تطبيع شامل إجبارى ، تعرضها إسرائيل على كل العرب ، لكن المستهدف الرئيسى منها هو مصر ، فمن الممكن أن يتذكر البعض فى هذا السياق ، التسريبات التى تخرج ما بين الحين والآخر حول تطورات ما فى العلاقات الإسرائيلية السعودية ، تحت شعار المياه تجرى تحت الثليج ، بحجة التقدم الإسرائيلى فى الزراعة وتحلية المياه ومقاومة التصحر ، والذى سيفيد السعودية كثيرا فى أزماتها من المياه والزراعة ، لكننى كما ذكرت سابقا المستهدف الأساسى من هذا المشروع المعقد هو مصر ، فالجائزة الكبرى بالفعل هى مصر ، لذلك يركزون عليها ، ومن ضمن الأمور التى أربكت ترتيباتهم هو التغيير السياسى المفاجئ لهم فى مصر ، عندما أسقطنا نظام صهاينم الإسلام "الإخوان" ، حيث كانوا سيساعدونهم كثيرا فى تنفيذ هذا المخطط .

ويعتمد هذ المخطط على ثلاثة محاور لتنفيذه ، سد النهضة والإنفجار السكانى المصرى والترويج للتكنولوجيا الإسرائيلية فى مجال المياه والزراعة على إنها الساحرة الإستثنائية الإسطورية التى تواجه كل المخاطر ، وتحول لك الخراب إلى عمار ، وتطعم لك الجوعى ، وتروى لك العطشى .. ولو لاحظتم المحاور الثلاثة يتم فيها الإنجاز بشكل مبهر ، وكأننا نقود أنفسنا للفخ الإسرائيلى خاصة فى سياق تسونامى المواليد الذى يضربنا منذ سنوات دون هوادة ، وتضاعف المعدل من بعد يناير من مولود كل 27 ثانية إلى مولود كل 15 ثانية ، وإسرائيل تراقب هذا الملف أكثر من أية جهة فى مصر ، وطبعا سد النهضة لم يبق على إنهائه سوى شهور قليلة رغم ما يدور عن تأخره بسبب قلة التمويل والإضطرابات فى أثيوبيا ، وللأسف التكنولوجيا الإسرائيلية فى المياه والزراعة تنال شهرة عالمية بسبب البروباجندا الصهيونية لها خلال السنوات الأخيرة ، فنتيناهو باع الوهم للأفارقة خلال زيارته الشهيرة لدول حوض النيل بدعواه إن البقرة الإسرائيلية الأكثر إنتاجا للبن فى العالم، والأرض التى ترعاها التكنولجيا الإسرائيلية تضاعف إنتاجها خمس مرات ، مع توفير إعجازى فى المياه ، وبالتالى هذا يعنى التنمية ووفرة الغذاء لكل الأفارقة من حلفاء إسرائيل ، هذه هى التجارة التى باعها لهم نتينياهو بخلاف طبعا التكنولوجية العسكرية .

بالمناسبة هذا ليس كلام نتنياهو ، بل كلام شيمون بيريز ، لكن نتنياهو سرقه منه ، فبيريز فى آخر ظهور له فى "مؤتمر هزتزليا للأمن المستقبل" .. هذا المؤتمر الإستراتيجى الأخطر فى العالم مع مؤتمرات أخرى فى أمريكا وأوربا وروسيا والصين وإيران ، فند بكل بانورمى المخطط الإسرائيلى "الغذاء مقابل السلام" ، والذى قال فيه بمنتهى الهدوء إن مصر تعانى الآن من الإنفجار السكانى ومياه النيل تقل فعليا 10% وسيزيد التراجع مع الإنتهاء من سد النهضة ، ويدعى إن إسرائيل نقلت رسائل إلى مصر لعدم شن حرب على إثيوبيا ، فى تهديد إسرائيلى واضح بإن تل أبيب ستقف مع أديس أبابا فى حالة أية هجمة مصرية عليها ، وبعد التهديد عرض بيريز التكنولوجيا الإسرائيلية على مصر ، ويدعى إنهم يمكنهم مضاعفة قطرة المياه إلى خمسة قطرات ، ومضاعفة إنتاجية الفدان إلى خمسة مرات ، فإسرائيل لم تزد مساحتها ، رغم ذلك زاد إنتاجها من المحاصيل خمس مرات ، فى المقابل الإنتاج يتراجع فى مصر والسكان فى زيادة مستمرة بشكل جنونى ، بالتالى فنحن جاهزون ، الكلام لبيريز طبعا ، بإن نقدم لمصر كل ذلك ، فى إطار ما يسمى بالتطبيع مقابل الغذاء .. وعرض بيريز أيضا أن يكن ذلك من خلال شركات متعددة الجنسيات ، لا شركات إسرائيلية ، فلا أحد الآن يسأل عن جنسية من يساعده ، لكن للحساسيات فى مصر سنفعل ذلك من أجل المصريين ، إنتهى إلى هنا كلام بيريز .

وهناك بالطبع لبالونة الإختبار الإسرائيلية هذه تفاصيل أخرى أكثر سرية ، والإسرائيليون يحرصون جدا على التعيتم على هذه التفاصيل خلال هذه الفترة ، حتى يظهر المخطط بقوة ، ومن الممكن أن يكون الموعد الفعلى للإعلان عنه أمام الجميع عقب الإنتهاء نهائيا من بناء سد النهضة ، الذى كشفوا بالفعل إنهم يحمونه عسكريا ، ومن الممكن إن يرد البعض على مروجى المشروع الإسرائيلى الجديد "الغذاء مقابل السلام " بإن التطبيع الزراعى كان الأكثر سخونة بين مصر وإسرائيل منذ معاهدة كامب ديفيد ، وبالذات أيام يوسف والى ، ولم يتقدم شيئا فى الزراعة المصرية ، بل بالعكس المحاصيل الإسرائيلية التى ظهرت كانت مكروهة فى مصر ، ولم تحقق أية إنتاجية مغايرة ، وحتى المبيدات الإسرائيلية لا تفيد فى شئ حقيقى ، فهل لديهم جديد أم إنهم كانوا يعطوننا ما يضرونا طوال الوقت ،كما كان يؤكد معارضو التطبيع الزراعى ؟

المهم إنه واجب علينا أن نراقب هذا المشرع بقوة ، وعلينا أن نواجهه بحسم خاصة إنه إقترب جدا من مراحله النهائية ، بالذات فى ملف الإنفجار السكانى وسد النهضة ، وهما من أكثر الملفات تعقيدا ، والتى تؤرق الأمن القومى المصرى خلال الفترة الأخيرة ، ومن الضرورى جدا آلا نتعامل مع هذا المخطط الخطير بنفس الطريقة الإستهزائية التى تعاملنا بها مع مشروع الشرق الأوسط الكبير ، فما كان إلا إننا فوجئنا بتحققه فعليا ، وطبعا لن أغلق هذا الملف وسأتابعه بإهتمام شديد حتى إننى أفكر فى تأليف كتاب حوله .