معركة الدعم مشتعلة، مساعٍ حكومية حثيثة لتنقية البطاقة التموينية ورفع القادرين من الخدمة، مركز بصيرة لبحوث الرأي العام أشار إلى رقم مفزع قال إن 77% من الأغنياء لديهم بطاقات، وأن 73 مليون مواطن "مستفيدون" من الخدمة، فيما أكد خبراء أن تخفيض الدعم لن يفيد بشيء في ظل ارتفاع الأسعار وزيادة الفقر بالبلاد.
وكشف استطلاع مهم لـ"مركز بصيرة لبحوث الرأي العام" حول البطاقات التموينية، أن من بين كل 10 أسر يوجد 8 أسر لديها بطاقات تموينية، وأن 31 % من المواطنين والبالغ عددهم 5.5 مليون مواطن موافقون على التنازل عن بطاقتهم التموينية اذا ما اقتنعوا ان هناك أسرًا اكثر احتياجا منهم، وانه لو حدث ذلك يعنى توفير 13 مليار جنيه وهى تعادل ثلث المبلغ الذى يتم انفاقه من الموازنة العامة على الدعم التمويني وهو 41 مليار جنيه.
أكد أن 77 % من الأغنياء لديهم بطاقات تموينيه، اضافة الى أن 11 % ممن يمتلكون سيارات لديهم بطاقات تموينية، وقد تبلغ نسبة من لديهم استعداد للتنازل عن بطاقاتهم التموينية 35% في المحافظات الحضرية و33% في الوجه البحري مقابل 28% في الوجه القبلي.
فيما لفتت إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2015، إلى أن عدد المستفيدين من البطاقات التموينية فى مصر بلغ 66.9 مليون مواطن، وأن عدد البطاقات التموينية وصل الى 19.7 مليون بطاقة وعدد البقالين التموينيين 25 ألفًا.
أضاف أن إجمالي الدعم من الموازنة للبطاقات التموينية وصل 14.97 مليار جنيه خلال العام الماضي.
بينما أعلن وزير التخطيط الأسبق عثمان محمد عثمان، منذ أيام مضت أن هناك 75 مليون شخص يستفيدون من البطاقات التموينية في مصر.
وكشف مصدر مسئول بوزارة التموين، أن عدد البطاقات التموينية وصل إلى 20 مليون بطاقة تموينية بعد تطبيق منظومة الخبز، بحيث يصبح عدد المستفيدين من الدعم التمويني 73 مليون مواطن، وبعد إضافة المواليد الجدد سيصبح عدد المستفيدين 79 مليون مواطن.
هنا يقول الدكتور مجدى عبدالفتاح، الخبير الاقتصادي، مدير مركز البيت العربي للدراسات والبحوث، إنه لا الدولة ولا القطاع الخاص يمتلكان القدرة أو المعايير الحقيقية على استطلاعات الرأي؛ لأن استطلاع الرأي له معايير علمية أولها تحديد عدد العينة المستهدفة ولا يتم في أبرز الدول المتقدمة عبر المواقع الإلكترونية ولكنه يتم عن طريق مقابلات شخصية بالشوارع عن طريق استمارة تعد لكل شخص وفق شرائح بعينها وتكون حسب فئات عمرية معينة وبها معايير علمية، مضيفًا أن الرقم الذى أعلنه بصيرة أن 5.5 مليون أسرة مستعدة للتنازل عن بطاقاتهم الشخصية غير دقيق، وتابع أن الحد الأدنى لتكلفة الاستمارة البحثية الواحدة 10 جنيهات، فهل كل الخمسة ونصف مليون كل شخص منهم أعدت لهم استمارة شخصية ؟، وبالتالي فهو ليس علميًا، مضيفًا أنه لو هناك من يريد التنازل عن بطاقته الشخصية لصالح الفقراء فسيذهب إلى المكتب التمويني ويفعل ذلك سريعًا من نفسه، لكن الفكرة في الأساس هي أن منظومة الدعم فى مصر مَن هو المستحق بها ومَن لا يستحق فلم يتم تحديد عدد الأسر الفقيرة بمصر غير الحاصلة على بطاقة تموين من الأساس.
وأضاف عبدالفتاح، أن التحويل من الدعم التمويني الى دعم عيني فى ظل هذه الظروف هو كارثة على المواطن، لان الزيادة المادية لا تواكب ارتفاع الاسعار وبالتالي سيكون الدعم العيني اقل مع زيادة ارتفاع الاسعار، وبالتالي فسيصبح الدعم اقل، اضافة الى ان الحديث ان هناك اشخاص لا يستحقون الدعم التمويني، فهناك ايضا ملايين يستحقونه وآخرين لا يأخذوه وليس لديهم بطاقات تموينية، وهنا الاستطلاع خرج فى جانب من لا يستحق وترك من يستحق، مضيفا ان ما تقوم به الدولة قلل من دعم الفقراء والإجراءات القادمة سيخفض من دعم الفقراء، وان أي استطلاعات رأى تتم بلا معايير علمية فهي كاذبة وتعتبر تضليل للرأي العام وتوجهات الدولة، وكان على الاستطلاع البحث عن من هم بلا بطاقات هوية نتيجة فقرهم والبحث عن النساء التي لم يكن لديهم بطاقات هوية نتيجة وجودهم في مناطق الفقر حتى يصبح لهم بطاقات تموين.
بينما الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد فى جامعة القاهرة، فأكد أن الحكومة أعلنت كثيرًا ان البطاقات التموينية تغطى 70 % من سكان مصر وقد اعلنت الحكومة ايضا ان هناك 35 مليون مواطن سيتم حذفهم من البطاقات التموينية على اساس انهم غير مستحقين للدعم، مضيفا ان هذا الاستطلاع يتفق مع مبدأ الحكومة لإلغاء البطاقات التموينية من بعض المواطنين لأنه اثبت أن ثلث المواطنين غير مستحقين، مضيفا أن هناك بالفعل غير مستحقين للدعم التمويني ولكن هل هناك تعريف لمعنى الفقير والغنى فى مصر ؟، وهناك من لديهم سيارات بالفعل ولكنهم يستحقون الدعم التمويني وليس كل من يمتلك سيارة لا يستحق الدعم لأنها وسيلة لذهاب المواطن لعمله.
تساءل صيام، ما هو المعيار الذى يتم على أساسه إلغاء البطاقات من بعض المواطنين؟، مضيفًا أنه في ظل اعلان مركز التعبئة والإحصاء بان الفقر فى مصر وصل الى 27 % فهذا يعنى أن الحكومة تسعى لان يتلقى فقط 27 % من المواطنين الدعم التمويني ويتم الغاؤه من بقية المواطنين، مضيفا ان الرقم الذى أعلنه مركز بصيرة على أن الدعم التمويني وصل الى 41 مليار جنيه لأن عدد المواطنين الذين يتلقون دعم تمويني 70 مليون مواطن وكل مواطن يتلقى 21 جنيهًا شهريًا مما يعنى ان كل الدعم التمويني يصل الى 14 مليار جنيه تقريبا وليس 41 مليار جنيه فهذا الرقم مبالغ فيه جدا وليس صحيحًا، مضيفًا أنه حتى لو كانت هذه النسبة التى سيتم الغائها ستوفر 13 مليار جنيه فهي لن تؤثر على عجز الموازنة العامة الذى وصل الى 360 مليار جنيه، فهذا الرقم لن يساعد فى دعم الموازنة العامة لأنه رقم هزيل جدا.
وقال محمد أبو الفتوح نعمة الله، مدير مركز وادى النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن البطاقة التموينية هي إحدى الادوات الحكومية التي صممت لتوصيل المقررات التموينية للمواطنين والدعم لمستحقيه، مضيفا ان نسبة الفقراء فى المجتمع حسب اعتراف الحكومة لا تزيد عن 28 % من السكان والفرد يحتاج على الأقل 482 جنيهًا شهريًا طبقا لأسعار 2015 ولكن المعايير الدولية تقول ان من يحصل على اقل من دولارين يوميا هو انسان تحت خط الفقر معنى ذلك ان خط الفقر للأسرة بالأسعار الجارية نحو 5500 جنيه تقريبا شهريا اى ما يعادل 66 ألف جنيه للأسرة سنويا، وطبقا لمعدلات البطالة ومستويات الدخل سنجد ان نحو ثلثي المصريين تحت خط الفقر وهذا لا ينطبق على 90% من العاملين بالقطاعين الحكومي والخاص، أما مَن يتحدثون عن الانسحاب الطوعي من البطاقة التموينية فهذا امر جيد ومحمود ولكن خطة الحكومة فى استبعاد نصف المستفيدين من الدعم استنادا الى التعريف الحكومي للفقر فهو امر خاطئ وغير مقبول ويحمل البسطاء مالا يطيقون لأسباب عديدة فمثلا لتحديد مقدار ما يتحملونه من اعباء تمويل الموازنة فسنجد ان الفقراء يتحملون العبء الاكبر ولا يحصلون على شيء فى المقابل فمثلا ضرائب الدخل والاجور والمرتبات يتحمل عبئها الموظفين وهى الاكثر عائدا اما ضرائب الارباح التجارية والصناعية فغالبية حصيلتها من القطاع العام وسنجد العائد الاكبر من حصيلة الموازنة يتحقق من الضرائب الغير مباشرة التي يتحمل عبئها الفقراء لانهم الاكثر انفاقا بالنسبة لمستويات دخولهم على الاستهلاك ليس هذا فقط بل تقوم الحكومة سنويا بتحميلهم نسبة تضخم وعجز في الموازنة يزيد التضخم ويأكل من اجورهم الحقيقية وهذا فشل حكومي لا دخل للمواطن به.
وقال نعمة الله، أنه يجب ان نقدم حلولًا جذرية وفعالة للاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد المصري وسبق ان طرحنا عشرات الحلول والمشروعات لذلك والتي تكفل القضاء على الفقر والبطالة، اضافة الى انه يجب تحويل الجزء الرئيسي من جيوش الموظفين لوظائف حقيقية منتجة، اضافة الى اعفاء اهم السلع التموينية كالسكر والارز والزيوت والدواجن واللحوم وبعض البقول المستوردة من الجمارك والضرائب والرسوم لتخفيف اعباء المعيشة وربطها بالبطاقة التموينية وطرحها للمستهلك بدون دعم وبحد اقصى 100 جنيه للفرد و500 جنيه للبطاقة شهريا فهذا سيحد من اثار التضخم وانخفاض الدخل واثار المضاربة والاحتكار السائد في الاسواق، اضافة الى تطوير نظام البطاقة التموينية ببطاقة الرقم القومي وربطها بمستوى الدخل والضرائب والدعم وغيرها وتطبيق الضرائب السالبة والدعم ضمن اليات الرقم القومي فالحكومة تدفع حصتها فى الضرائب للمشروعات الخاسر وهو ما يدفعها لتقديم الدعم الفني لتلك المشروعات لإيقاف خسائرها وكذا ربطها بدعم الفقراء وتتقاضى حصتها من الضرائب من المشروعات الرابحة وهذا النظام مطبق بالفعل وناجح في بعض الدول وهو يكفل تطوير انظمة الاداء الحكومي وتطوير الاقتصاد وايجاد بيانات حقيقية موحدة تقضى على التلاعب وتحد من الفساد وتعمل على تطوير مختلف قطاعات الاقتصاد الحقيقي وتنميه وتطوره وتعطى لكل ذي حق حقه.