احتفى الوسط الأدبي المصري ببلوغ الأديب إبراهيم عبد المجيد سن السبعين عاما حقق خلالها مسيرة أدبية حافلة بالنجاحات أصبح من خلالها أحد أبرز الروائيين المصريين، من خلال مسيرة تمتد لأربعين عامًا، أنجز خلالها ثلاث عشرة رواية وثلاث مجموعات قصصية وكتب آخرى من بينها روايته الأخيرة "قطط العام الفائت".
وتحتفى "البوابة نيوز" بالأديب الكبير في ذكرى مولده من خلال استعراض عدد من آراء بعض النقاد والأدباء المصريين في منتجه الأدبي:
في البداية قال الناقد الأدبي حسين حمودة إن الروائي إبراهيم عبد المجيد صاحب تجربة كبيرة ومهمة في مسيرة الرواية المصرية والعربية.
وأضاف "حمودة" إن مؤلفات "عبد المجيد" الروائية والقصصية انطلقت من مغامرة إبداعية خاصة قائمة على تعدد العوالم، وتعدد الأزمنة، وتعدد التجارب، وتعدد طرق الكتابة: فمن الإسكندرية في أزمنة مختلفة لها، إلى القاهرة وعوالمها المتباينة، إلى عمان ومن العوالم الواقعية والفنتازية، إلى العوالم الافتراضية؛ إلى آخره.
وأشار إلى أن تجربة "عبد المجيد" اتصلت وتنامت ومضت في أكثر من وجهة، ولكنها ظلت دائما تحتفي بقيمة التنوع وبقيمة التجدد مضيفًا أن بجانب هاتين القيميتين، هناك قيمة الدأب أو الاستمرار.
وأكد أن إبراهيم عبد المجيد، في تجربته الإبداعية هذه، حرص دائما على أن يكتب ويعمل باستمرار، ولعل شأنه في ذلك شأن نجيب محفوظ.
بينما قال الناقد شاكر عبدالحميد: إن علاقته بالروائي إبراهيم عبدالمجيد، تمتد لأكثر من 30 سنة مشيرًا إلى أن هناك تنوعا في اهتمامات إبراهيم عبدالمجيد الإبداعية، حيث مارس كتابة عدة فنون أدبية، منها الرواية والقصة القصيرة والسيرة الذاتية وغيرها.
وأضاف أن عالم عبدالمجيد شديد الثراء والخصوبة فلديه القدرة على تحويل ما هو جامد إلى شيء حي وهذا له ارتباط بالنزعة الأسطورية التي تسيطر على أغلبية أعماله، بالإضافة إلى أن كتاباته يغلب عليها هيمنة الخيال البصري والمشهدية وبها تداخل بين عوالم الموت وعوالم الحياة وقيم الحب والتسامح والوحدة الوطنية وسخرية من التفكك والتمزق.
وتابع: "لا توجد عاطفة أحادية البعد في أدب عبدالمجيد فحالته النفسية مزيج من العواطف ومشاعر متنوعة"، وقال: إن عبدالمجيد يفرد في أعماله الأدبية مساحات واسعة يسرد فيها أحوال المهمشين فلديه تعاطف واضح مع البؤساء ومع من قل حظهم في هذه الحياة إضافة إلى نزعته الطبيعة في أعماله، حيث يهتم برصد الطيور بمختلف أنواعها من عصافير وسمان فلديه نزعة تجاه الكائنات الحية بشكل عام".
وأشار إلى أن الكثير من قرائه لا يعرفون إن كان ما يكتبه في رواياته خيالا أم حقيقية، حيث هناك مزج يؤكد صدقه الشعوري ومدائبته واستمراره وحرصه على الكتابة.
وقال الكفراوي، إن أعمال عبد المجيد نجحت في رصد التحولات التي مر بها المجتمع المصري منذ هزيمة 67 موضحا أنه ينتمي إلى ذلك الجيل الذي عاصر النكسة وتنبأ بعضهم بها قبل حدوثها، كما عاصر حكم الفرد في زمن الناصرية، وشهد الانفتاح الاقتصادي والهجرة خارج الوطن، والسفر إلى بلاد النفط، وسطوع وانتشار الإسلام السياسى، والغناء المفاجئ المصحوب بالفساد، والدكتاتوريات الحاكمة، وزمن الإرهاب.
وأضاف أنه استطاع أن يتأمل كل ما جرى في السابق، وأدخلها في وعيه وأنتجها إبداعًا جميلًا ومعبر مؤكدا أن إبراهيم عبد المجيد استطاع أن يخلق لنفسه مكانًا وسط كبار الكتاب، بالجهد والعرق والمجادلة وعشق الحياة وتحمل آلامها، مؤكدًا أنه أغنى أبناء جيله إنتاجًا مشيرًا إلى أن علاقته بعبد المجيد بدأت منذ أوائل الستينات، من القرن الماضي.
وسلط الناقد الأدبي المصري يسري عبد الله الضوء في إحدى قراءاته النقدية عن الإسكندرية وعلاقة إبراهيم عبد المجيد بها حيث قال إنه مسكون بالإسكندرية، مشغول بها، لا بوصفها مكانًا ماديًا متعينًا فحسب، ولا حتى بوصفها مزيجًا بشريًا خلاقًا ومختلفًا، ولكن بوصفها شاهدًا على تحولات الحياة المصرية ذاتها، فمن رحابة المدينة الكوزموبوليتانية التي رأيناها في روايته "لا أحد ينام في الإسكندرية"، إلى مصريتها الخالصة في "طيور العنبر"، وصولًا إلى ضيقها الروحي والنفسي في روايته "الإسكندرية في غيمة"، والتي تكشف سنوات الموات البطيء للمدينة التي تقاوم ولم تزل سموم الرجعية ورياحها التعيسة، فتبدو الإسكندرية حاضرة دومًا بقلقها، وصخبها، وشجوها الذي لا ينتهي، والأهم إنسانيتها التي لا تنفد، والتي تقاوم المد الإخواني المتغلغل في بنية المكان منذ السبعينات وحتى الآن.