حالة فتونة تشق صفوف ولاد الذوات، إحساس بالتعالي مصاحب بريشة على الرأس، مؤشر جرائمهم في الصاعد، شاب متهور يصدم 3 فتيات أثناء تباهيه بسيارته أمام مدرستهن بالسويس أحدث تجاوزاتهم، نفسيون وصفوا الأمر بـ"الشيزوفرينيا"، وقانونيون شددوا على ضرورة تفعيل القانون والعقاب.
على أي حال، لوحظ أن رفع سرعات السيارة إلى السرعة القصوى شطارة عند بعض أصحاب السيارات وخاصة أصحاب السيارات الفخمة التي يمتلكها أفراد الطبقات الراقية بشكل خاص بغض النظر عن المخاطر التي قد تنجم عنها وعن وقوع ضحايا في الطريق العام.
قصص عديدة وحوادث مأساوية مختلفة تقع تحرق قلوب الكثير من الأسر المصرية، مؤخرًا كانت كارثة ضحاياها 3 طالبات في السويس، حيث صدمهن طالب لا يتجاوز عمره 15 عامًا بسيارته خلال تباهيه بسيارته وأدائه لحركات الالتفاف والدوران الشهيرة بـ"الدريفت" وقع ذلك أمام مدرسة السويس الصناعية بنات، وعلى إثر ذلك تم نقل الضحايا للمستشفى لتلقي العلاج، وقبل ذلك وقعت العديد من الحوادث المماثلة والتي تؤدي إلى حدوث وفيات وإصابات خطيرة منها، واقعة قيادة شاب لسيارة على طريق مصر الإسكندرية الزراعي لتطيح سيارته بـ 3 طالبات يدرسن الطب وكانا في طريقهن للخروج من إحدى الكافتيريات للاحتفال بالعيد، فتسببت السيارة المسرعة في الإطاحة بهن لمسافة تصل إلى 50 مترًا ليقعن قتيلات في الحال.
وهو ما لا ينفصل عن واقعة الكريمات بالصعيد وهو طريق يحدد فيه السرعة بـ 120 كيلومترًا في الساعة كحد أقصى إلا أن أحد الشباب كان يقود السيارة بسرعة جنونية وصلت إلى 180 كيلومترًا في الساعة فانفجرت إطارات السيارة الأمامية ولم يستطيع الشاب التحكم في السيارة ومات في الحال.
الدراسات في ذلك الصدد تشير إلى أن الشباب ما بين 14 إلى 25 عامًا يشعرون بالمتعة جراء القيادة بسرعات كبيرة، حيث يعتبرون ذلك نوعًا من المغامرة التي تتطلب عليهم أداءها بصرف النظر عما قد يحدث جراء ذلك، وفي دراسة أمريكية نشرت عام 2010 ذكرت أن 68% من ضحايا حوادث السيارات المميتة لم يكن لديهم حاجة ملحة تجعلهم يتجاوزون معدل السرعات المقررة أثناء القيادة، أي لم يكن لديهم سبب قهري يجعلهم يرتكبون حماقة التهور والسرعة الجنونية.
وكشفت الإحصاءات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن مصر تحتل المراتب الأولى في نسب وقوع الحوادث ولفت إلى أن تهور قيادة الشباب هي السبب في ارتفاع حوادث قيادة السيارات حيث يصل عدد حوادث السيارات 14548 حادثة عام 2015 مقابل 14403 حادثة عام 2014 بنسبة ارتفاع 1% نتج عنها 6203 متوفين، 19325 مصابًا، 19116 مركبات تالفة.
وأوضح تقرير الجهاز المركزي أن 50% من قتلى حوادث الطرق من الشباب كما أن العامل البشري هو أكبر أسباب حوادث الطرق وهو العامل الذي ينتج بسبب رعونة القيادة وعدم الإلمام بثقافة القيادة وقد قدرت خسائر الاقتصاد المصري من وراء حوادث الطرق بنحو 17 مليار جنيه سنويًا، حسبما أشارت آخر نشرة صادرة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن حوادث الطرق.
من جانبه وصف د محمد هاني، خبير الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، هذا النوع من الحوادث بالشيزوفرينيا التي يعاني منها البعض من أولاد الذوات الذين ينظرون إلى أولاد الطبقات الأخرى بنظرة متدنية، وتابع أن الجيل الحالي الكثير منه متهور بطبعه ويريد وضع بصمته على الأشياء فنجد الشباب يقود بسرعات جنونية ونجده أيضا يقوم بتركيب جنوط للسيارة أو تلوينها وتغيير شكلها بصورة معينة وخاصة الشباب الأثرياء وهو أمر له صلة بالتنشئة الاجتماعية في الأسرة ومستوى التعليم، لافتًا إلى أن المشكلة يعود محورها الأساسي وسببها للأسرة.
وأشار هاني، إلى أن هناك الكثير من الآباء يعلمون أبنائهم القيادة تحت سن العاشرة وهو عمر لا يستطيع في الطفل التمييز حتى بين الصواب والخطأ به فينشأ بتصرفات عشوائية غير مكترث أو مهتم بما قد يحدث ويستعجل في أداء العديد من الأمور من بينها القيادة ولبس الملابس الغريبة وقول الألفاظ السيئة والمعيبة، لافتًا إلى أن ذلك يكون مختلفًا باختلاف الثقافة وطريقة التنشئة الاجتماعية، مضيفًا أنه يجب على الآباء رعاية أبنائهم والتصرف معهم بمسئولية وعدم اعطائهم امور أكبر من عمرهم بحجة أنهم بهذا يتحملون المسئولية، ففترة المراهقة لا يدرك فيها الشاب طبيعة التصرفات العشوائية التي من الممكن أن يقوم بها نتيجة التغيرات البيولوجية التي تحدث له، مشيرًا إلى أن العمر المناسب لتعليم القيادة لدى الأبناء هو السن المعتمدة لصدور رخصة القيادة وهو عمر ما بين 18 إلى 20 عامًا.
فيما طالب المستشار سامي مختار، رئيس الجمعية المصرية لضحايا الطرق وأسرهم، بضرورة تعديل قانون المرور بما يتلاءم والوضع الراهن من تشديد عقوبة القيادة بدون استخراج رخصة قيادة بحيث يصبح الحبس وجوبيًا وتطبيق نظام النقاط على رخص القيادة، وهو الأمر الذي سيقنن إلى حد ما نسبة القيادة غير الشرعية ويجعل هناك قدرًا من المسئولية لدى السائقين المتهورين وخاصة الشباب، لافتًا إلى ضرورة تطبيق مبدأ شخصية العقوبة على السائقين فيما يخصهم من جزاء، بحيث تأتى بثمارها من ردع المخالف والرجوع عن مخالفاته، مستنكرًا عدم إقرار قانون المرور بعد من قِبل مجلس النواب رغم أنه أمام اللجنة وتنص العقوبات فيه على عقوبات بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات وغرامة تصل إلى 200 ألف جنيه لسائقي السيارات النقل الكبيرة والمتسببين في وقوع حوادث المرور كذلك.
وأشار مختار، إلى أن وضع مصر ضمن الدول الأولى عالميا في مجال حوادث الطرق من قبل منظمة الصحة العالمية أمر يتطلب إنشاء مجلس للسلامة على الطرق على أن يتم تشكيل ذلك المجلس بكل محافظة داخل مصر ويضم العديد من المنظمات المجتمعية المختلفة مثل الجمعيات الأهلية والجهات المهتمة بحوادث الطرق في مصر وفوق كل هذا يجب ان يتم زيادة عملية الوعي المجتمعي من خلال وزارات التربية والتعليم ووزارة الشباب والجهات الدينية ووزارة الثقافة وذلك لدعم مشروع "تدريب وتعليم التلاميذ والطلاب والشباب لقواعد وآداب المرور لرفع الوعى المرورى، مؤكدا أن ذلك يأتي من منطلق ان العنصر البشرى سبب هام فى حوادث الطرق والتي تصل نسبتها الى 80% على حد ما جاء في تقرير منظمة الصحة العالمية.
وشدد مختار، على زيادة قيمة التأمين الإجباري وتعديل ذلك القانون على الإصابة في الحوادث من 40 جنيهًا إلى مبلغ أكبر لانخفاض قيمة الجنيه خلال الوقت الحالي، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تفعيل مبدأ الزيادة بالمثل لتكون نصف مليون جنيه وهو مبلغ ليس كبيرًا مقارنة بما تعاني منه الأسر من أوجاع لفقد أبنائهم أو إصابتهم.