رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صرخة النمنم وعبدالعزيز.. في وجه "أفكار قديمة"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من أهم نتائج المؤتمر الوطنى الأول لشباب مصر «أكتوبر ٢٠١٦ شرم الشيخ»، أن أوراق المؤتمر تحولت لقرارات، وهى المرة الأولى التى أرصد فيها مثل هذا الأمر، حيث كان المتبع أن المؤتمرات لا تتجاوز حدود مناقشاتها قاعات المؤتمر.
بالطبع حضور الرئيس السيسى منح المؤتمر دفعة قوية فى اتجاه خلق حالة جديدة ليس فى مشوار الحركة الشبابية المصرية، بل والعربية أيضًا، والدليل أن السعودية فى الأسبوع الماضى نظمت منتدى «مسك العالمى للشباب»، للبحث عن تمكين الشباب وتهيئة الفرصة أمامه للقيام بدور فى شتى مجالات الحياة وكيفية وصوله لأعلى المناصب على غرار ما حدث فى شرم الشيخ.
كان من ضمن حزمة قرارات مؤتمر شرم الشيخ، استمرار الحوار الجاد مع شباب مصر. خالد عبدالعزيز وزير الشباب بدوره أطلق صافرة بدء الحوار المجتمعى حول «القيم والهوية الوطنية والخطاب الدينى»، فى الجلسة الثانية ـ الإثنين الماضى ـ على المنصة جلس أمام الشباب دكتور ربيع الغفير ممثلًا عن الأزهر، وأسقف الشباب الأنبا موسى والدكتور عبدالله النجار والدكتور محمد كمال إمام والدكتور سامى عبدالعزيز والكاتبة لميس جابر ودكتورة دعاء فاروق ودكتورة أميرة تواضروس.
تنوعت وجهات نظر الضيوف، ما بين وظيفة الخطاب الدينى ودور الأزهر والكنيسة، وتقديم المبادرات فى هذا المجال، وكل طرف قدم الاقتراحات حول كيفية تنقية الخطاب الدينى حتى ينعكس على القيم التى من شأنها أن تدفع لحب الوطن، أو التواصل مع الشباب لدراسة أفكارهم وتصحيحها.
من المتحدثين من طالب بإعادة بناء الشخصية والاهتمام بكل أنواع الخطابات، وهناك من الضيوف من طالب بالتركيز على الخطاب الثقافى أكثر من الدينى. 
الضيوف أيضًا كشفوا أن مشكلة الشباب كونه يتعامل مع الجميع على أنه صاحب الفضل فى التغيير الذى حدث بمصر منذ ٢٠١١.
نقطة تحول الحوار جاءت عندما طالب البعض الدولة، بالتدخل فى تنقية الشوائب من الإعلام وكذلك الوسائل الإعلامية عن طريق التغيير بعنف وبأدوات غليظة، بمنع تلك الرسائل التى يرى بعض من الضيوف أو تعليقات الشباب بأنها سلبية.
وزير الثقافة حلمى النمنم لم يفوت الفرصة، طلب الكلمة وقد أطلق من خلالها مجموعة من قاذفات اللهب، كهرب الحوار وأخرجه من الحالة الرخوة التى سيطرت عليه بطرحه لمجموعة حقائق كان من المفترض أن يراعيها المتحدثون مثل حرية التعبير وكذلك حرية الثقافة، وانتهاء عصر المصادرة وتدخل الدولة بالتوجيه بالمنع للسيناريوهات بأشكالها المتنوعة وأن هناك حرصًا من الدولة على حرية الإبداع فى حدود قيم المجتمع.
حلمى النمنم أراد أن يحرج المنصة عندما استمع إلى حوار سطحى ومشروع أكثر سطحية فى مواجهة مشاكل عميقة مقلقة لا تتحمل التهاون أقلها التطرف، وسقوط ضحايا.. وأخطرها تقويض تاريخ بلد.
النمنم فى انفعاله المشروع وجّه صرخته إلى المنصة، وكأنه يريد أن يقول أرجوكم تعاملوا بشجاعة وفهم عميق مع معاناة البلد والشباب وليس من الشجاعة أن تفوز بالتصفيق من الحضور على أساس اللعب بالمشاعر، بتسويق عناوين وقرارات لا تفيد أحدًا، وسبق أن كشفت الظروف أن عصر اللعب بمشاعر الشباب والمصريين، قد ولى وأنه أحد أخطر الأسباب التى أوصلتنا إلى حالتنا السلبية المغرقة، ونجح من خلالها التطرف فى الاستحواذ على شريحة مهمة من الشباب بالباطل والتدليس والتضليل.
صرخة وزير الثقافة أراها ضد طرح الأزهر لمشروعات بالطبع مفيدة، لكنها لا تكفى لإصلاح ما أفسده المتعصبون والمتطرفون من القتل باسم الدين واغتصاب الحقوق باسم الدين، وتسويق مفاهيم مغلوطة تم البناء عليها والنتيجة ثمن باهظ.
النمنم أراد أيضًا، أن يقول للشباب الموجود: «أرجوكم تعمقوا فى القضية وابذلوا الجهد فى دراسة المشاكل للبحث عن حلول منطقية وواقعية لما نواجهه».
المفروض أن هناك تغييرات حدثت فى طرق ووسائل علاج المشاكل التى تواجه الحركة الشبابية فى مصر، لكن من خلال متابعتى للحوار لاحظت أننا ما زلنا نتعامل مع الحركة الشبابية بنفس الأساليب والأدوات التى تخطاها الشباب بسنوات، فأصبحت غير عملية ولا تحقق هدفها المنشود.
كنت أتمنى من السادة ضيوف مثل هذه الحوارات البناءة، أن يكونوا قد حضروا مؤتمر شرم الشيخ، على الأقل للسير فى نفس طريق المعالجة المتفق عليه.
مهندس خالد عبدالعزيز أيضًا من خلال مداخلته بالمؤتمر، كشف عن قصور فى عملية التثقيف بشكل عام، عندما قال بشكل محدد: «كنت أتمنى أن أستمع عن حياة الرسول وكيفية تعامله مع رجال الأعمال من الصحابة.. وكيف استغل الرسول الكريم عددًا من الصحابة فى الترويج لأفكاره وخططه وهو ما نطلق عليه الآن بالعملية الإعلامية».
خالد عبدالعزيز أراد أن يوضح أن القوالب المحددة ما زالت تقدم المساندة لحركة الفكر، والتى أعاقت لسنوات طويلة تطور الحركة الشبابية. 
وضحنا وبصورة جلية وكبيرة، أن الحل ليس بالتعمق وبذل كل الجهد فى القشور والحقيقة أنه من المفروض أن نتعمق ونصل إلى الجذور فى المشاكل الحقيقية والمفاهيم الخاطئة التى أوصلتنا إلى ما نعانيه فى حاضرنا الذى نعيشه.
النمنم وعبدالعزيز ترجما ما بداخلى تجاه ما سمعته فى المؤتمر، ومن الواضح أننا ما زلنا بعيدين جدًا عن الدور المطلوب لمساندة الحركة الشبابية لتوصيل رسائل شرم الشيخ.
أخشى أن يكون البعض منا لم يفهم ما أدخله مؤتمر شباب مصر الأول من حركة تجديد لكل العناصر المنظمة لتلك الحركة بل والمتشابكة هيكليًا معها.
يجب إعادة النظر فى آليات الحوار مع شباب مصر على مستوى الوزارات، لأن الاستمرار على النهج القديم ـ من وجهة نظرى ـ لن يفيد.