السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الوزير الذكي.. عملة نادرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يوجد حتى الآن تعريف محدد ومتفق عليه حول تعبير ومفهوم الذكاء ليس فقط بين المجتمعات وأبناء الحضارات المختلفة، ولكن بين أفراد المجتمع الواحد والحضارة الواحدة. ولعل مفهوم الذكاء لدى غالبية الأسر المصرية حاليًا يرتبط بالتفوق الدراسى وحصول الأبناء على مجموع مرتفع فى الثانوية العامة، ودخول كليات القمة رغم أن من يتتبع مسيرة الطلاب الأوائل فى حياتهم الجامعية والعملية بعد ذلك يجد الغالبية منهم ليسوا متفوقين.
والبعض يفسر مفهوم الذكاء على أنه قدرة الشخص على الإبداع والتفكير المنطقى والعقلانى خارج الصندوق، والقدرة على إيجاد حلول للمشاكل المزمنة وتحقيق السعادة للآخرين الذين يعانون من تلك المشاكل، ولذلك فإن غالبية العلماء الذين توصلوا لاختراعات طبية تخفف من آلام المرضى هم الأذكياء حقًا وصدقًا.
والبعض يفسر مفهوم الذكاء على أنه جينات طبيعية تولد مع الشخص الذكى، وتتم تنمية هذه الجينات بمرور الزمن بمزيد من المعرفة والتعلم ولا يمكن اكتساب الذكاء فقط بالمهارات الشخصية، وبالتفوق الدراسى كما يعتقد البعض لأن هناك أنواعًا من الذكاء الجزئى وليس الكلى مثل الذكاء اللغوى لمن يجيد اللغة والذكاء الرياضى والحسابى والذكاء الموسيقى.
وفى العصر الحديث أصبح التفسير المتفق عليه للذكاء، هو قدرة الشخص على التكيف والتعايش مع الظروف المجتمعية المحيطة به دون الحاجة إلى التمرد على تلك الظروف أو الاستسلام لها، ولكن العمل على تغييرها للأفضل من خلال قيام الشخص بمراجعة أنماط سلوكه ومجال عمله ومصادر دخله، حتى يتمكن من القدرة على التعايش مع الظروف التى فرضت عليه سواء بقوانين أو بقرارات حكومية.
والمتابع يوميًا لبرامج التوك شو وحلقات النقد والهجوم المستمر على سياسات وقرارات الحكومة فى مختلف المجالات، يتأكد أن الجميع بلا استثناء لا يتحدث عن المقومات والمعايير المطلوب توافرها فى الوزراء ومن أهم هذه المعايير توافر قيمة الذكاء وأن هذه القيمة مهمة وضرورية لمن يتولى منصبًا وزاريًا فى عصرنا الحالى.
ولا أعتقد أن رئيس الوزراء الحالى أو من سبقوه فى المنصب عندما قرر اختيار وزراء حكومته، أجرى اختبارات لتوافر قيمة الذكاء لدى الأشخاص الذين التقى بهم لتولى المناصب الوزارية، وتأكد من توافر ١٠ خصائص لديهم تشير إلى أنهم من الأذكياء، وهى: المثابرة ومقاومة الاندفاع ومرونة التفكير والإبداع والخيال والحماس والمرح والمخاطرة المحسوبة والاستماع وبتفهم.
والمؤكد أن غالبية المشاكل التى نعانى منها فى مصر الآن، بسبب سياسات وقرارات الوزراء، تؤكد أن هؤلاء الوزراء ليسوا من فصيلة الأذكياء، وأنهم يفتقدون قيمة الذكاء خاصة أنهم يتخذون القرارات المناسبة فى الوقت غير المناسب ويدافعون عن أخطائهم دون أن يعترفوا بها.
ولعل أكثر مؤشر على افتقاد غالبية الوزراء للذكاء، هو شهوة الكلام والإدلاء بالتصريحات. وما حدث مؤخرا تحت قبة مجلس النواب من جانب وزير البيئة ووقوفه على منبر القاعة لمدة ٣ ساعات للرد على طلبات إحاطة وأسئلة كان يمكن أن يختصر الرد فى ٣٠ دقيقة فقط، لأكبر دليل على افتقاد غالبية الوزراء للذكاء.
وبلا شك أن غياب الوزير الذكى هو المشكلة الكبرى التى نعانى منها حاليًا، ولو أجرى قياس لاختبارات الذكاء على نصف الوزراء الحاليين على الأقل، لكانت نتيجة الاختبار صفرًا مثل صفر المونديال، خاصة أن عددًا من هؤلاء الوزراء لا يمتلك سيرة ذاتية تؤكد أنه من الأذكياء.
فحل مشاكل مصر على المستوى الحكومى لا يحتاج للبحث عن وزراء سياسيين أو وزراء تكنوقراط أو وزراء مدنيين أو عسكريين، أو ممن ينتمون إلى مدرسة باريس أو مدرسة لندن، ولكن الحل فى البحث عن وزراء أذكياء لديهم القدرة على الإبداع والتخيل والمخاطرة المحسوبة، للإسهام فى حل مشاكل مصر ولو لدينا وزير ذكى لاستطاع حل معضلة الدعم ولكن الوزير الذكى عملة نادرة.