الإثنين 18 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مش آسفين يا مبارك "1"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا أحد يستطيع إنكار سوء الحال الذى تعيشه المحروسة.. فقد خنق الغلاء البلاد والعباد.. وانتشر الفقر وعم الجهل فى الأرجاء.. يقع الشهداء كل يوم تقريبا فنحن منذ أعوام نشيع جنازات ورد الجناين.. وحتى العجائز طالتهم يد القتلة المرتزقة.. العاصمة تختنق بالزحام والفوضى والفساد فما بالنا بالأقاليم؟.. يحدث كل هذا نعم.. نعيش فيه ونبحث عن أمل للخروج من هذا النفق الحالك الظلمة.. ولكن ورغم كل شيء وأى شيء مش آسفين يا مبارك.. مش آسفين غير على ٣٠ عامًا صبرنا فيهم عليك وسكتنا علي مهزلة حكمك. 
أعلم أن ما نمر به صعب لدرجة جعلت البعض يترحمون على أيام «حسنى مبارك»، ولكن من يرجع إلى الوراء ويتأمل الأحوال فى عهده، سيعرف أن الحياة لم تكن «بمبى» وحتى لو بدت أنها كانت أفضل، فقد كانت مقدمة وسببًا رئيسيًا فيما نعيشه الآن.. الفترة الحالية هى الحصاد الحقيقى لعهد مبارك.. لا يتحملها غيره.. خرجنا من حقبة مبارك بنكبات وأزمات فى الاقتصاد والصناعة والزراعة والصحة والتعليم وملف النيل وسيناء والثقافة والسياسة والأمن وانهيار المجتمع. 
فى الاقتصاد.. الذى انهار كل بصمات مبارك ورجاله وحكوماته واضحة.. قضى على الصناعة والزراعة التى هى أعمدة أى دولة، فإن الفساد الذى شهده عهده المشئوم والسرقة من المال العام، وتدمير الصناعة والزراعة كفيل بالقضاء على أى دولة وتحويلها لدولة مديونة «وبتشحت»، هو ميراثه الذى ورثناه منه شئنا أم أبينا، كان يعلم مبارك أن رفع الدعم ضرورة فى أوقات كثيرة، لكنه كان يرفض ذلك ليس شفقة على الشعب، بل لمصلحته هو فقط، كان يرغب أن تكون الأمور هادئة دائما من هذه الناحية حتى لا ينفجر الشعب ويسأله «من أين لك هذا؟» ويبدأ الحساب بتوجيه اتهامات بأنه هو سبب ذلك «أين ذهبت أموال الشعب وموارد الدولة؟» وعليه تحمله بمفرده هو وحاشيته كان لا يريد تفتح الأعين عليه وعلى عائلته مثل أى فاسد، يريد أن يسرق فى هدوء. 
سياسات مبارك الاقتصادية كانت كارثية.. أدت إلى ما نحن فيه الآن لأنها استمرت ٣٠ عامًا.. ارتفع فيها معدل البطالة، وجلوس الشباب المتعلم والأيدى العاملة على المقاهى، مما أدى لانحراف بعضهم يمينا ويسارا، المشاريع توقفت مثل «توشكى» على سبيل المثال، والذى تحول إلى سبوبة للنصابين والفاسدين، ولعلنا نتذكر قضية «رشوة توشكى» الشهيرة.. ولم يشهد عهده مشروعًا قوميًا حقيقيًا غير الكبارى والمنتجعات السياحية للأغنياء فقط، غير المدن السكنية لعلية القوم مثل «مدينتى والتجمع الخامس»، والمصانع أغلقت وأصبح حال العامل سيئًا للغاية، أصبحت مصر بسببه دولة مستوردة فقط، كما أهمل المشروعات الصغيرة والتنموية والمتعلقة بالثروة الحيوانية وقروض الفلاحين، والصناعات الحرفية وهى مشروعات تعتمد عليها أى دولة فى العالم، واتجه لتمويل مشاريع البناء مثل بناء منتجعات الأغنياء وبناء المولات التجارية، ولأننا لا نصنع ولا ننتج بعد الغلق المتتالى للمصانع، فقد ارتفع الاستيراد من الخارج لتغطية هذا الكم الهائل من المولات، والتى أغلق بعضها بعد فترة بسبب سوء الحالة الاقتصادية بعد إهدار ملايين الجنيهات فيها.
الزراعة.. تبوير الأراضى الزراعية والبناء عليها لكل من يقدم رشوة محترمة للمسئولين، وحال الفلاح الذى أصبح معدمًا، غير الأسمدة المسرطنة التى أصابت كبد الشعب بفيروس «سى» وانتشر مرض السرطان بين الصغير والكبير وحتى الأجنة فى بطون أمهاتهم.. دولة القمح أصبحت تستورد القمح، أرض القطن الذى له شهرة عالمية أصبحت لا تصدره بل وتستورد الأقمشة من الصين، أصبحنا نستورد الفاكهة والخضروات من الخارج، بسبب عدم وفاء الأراضى الزراعية بحاجة الشعب، هذا الشعب الذى يعيش على ضفاف نهر من أكبر أنهار العالم وأشهرها وقوامه الزراعة منذ آلاف السنين، أصبح يعانى من نقص الرقعة الزراعية، غير الفساد الذى كانت تشهده وزارة الزراعة وقضايا الرشوة التى هزت الرأى العام وكشفت المستور.
الصحة.. حدث ولا حرج عن المستشفيات الحكومية، أقصد «الخرابات الحكومية».. التى يدخلها المريض يخرج أكثر مرضًا وأحيانًا يخرج جثة بعد عملية «اللوز» مثلا، سواء فى العاصمة أو الأقاليم، هى مستشفيات يرتع فيها الكلاب والقطط فى غرف العناية المركزة، غير المعاملة المهينة والتى تهدر كرامة الإنسان من العاملين فى المستشفى.. والمستشفيات الخاصة باهظة التكاليف لا يقدر عليها سوى الأغنياء فهى مستشفيات تحجز المرضى والجثث حتى يتم دفع الحساب، دون أى رقابة من وزارة الصحة.. فى كل أنحاء العالم وحتى الدولة العربية الفقيرة مثلنا المستشفيات الحكومية محترمة ويعالج فيها الشعب الغنى والفقير على السواء، برسوم بسيطة وأحيانا بالمجان، ولا تشهد هذا الخراب الذى تشهده مستشفيات الدولة فى مصر، غير أوضاع الأطباء التى يرثى لها. فإن الطبيب فى مصر يتعرض للإهانة وليس التكريم بسبب المرتب الذى لا يطعمه العيش الحاف، مما يضطره للهجرة إلي الخارج للعمل هناك، وطبعا ينعكس المرتب الهزيل على عمله داخل المستشفيات الحكومية المصرية، فيفقد كفاءته وقبلها ضميره ومعاملته للمرضى بشكل سيئ وعنيف.. الصحة انهارت فى عهد مبارك غير الأمراض التى استوطنت مصر مثل فيروس «سى» والسرطان وإنفلونزا الطيور.. بخلاف بزنس شركات الأدوية.. أصبح المصريون فى عهده مرضى وضعفاء من غير مستشفيات تعالجهم.. بل إن المستشفيات تقتلهم.. وللحديث بقية.