قد تظنه للوهلة الأولى
ممرا لتهريب الأسلحة لصنع المزيد من الدمار بالبلد المحاصر، ولكن حين تعبر ذاك
الممر للنهاية تجد ما لم يخطر على البال ضحكات وابتسامات لأطفال عمرهم من عمر
الثورة السورية لم يرو من قبل مثل تلك الألعاب التى حرموا منها، فهم لا يعرفون إلا
أصوات الحرب والقصف والدمار.
أقبية بنيت تحت الأرض بالغوطة الشرقية بسوريا بمعزل
عن القصف وتحت اسم "أرض الطفولة" استطاع مجموعة من الناشطين السوريين أن
يخرجوا من ألم مدينتهم أملا جديدا للأطفال ببناء مدينة ملاه لهم تحت الأرض،
وبنظرات يملأها الفرح تجد أكثر من 200 طفل يتردد على المكان كل يوم.
ومن خلال ملفنا "الأمل من قلب الألم"
تحدثنا معهم فى حوار خاص لنعرف المزيد عن تلك الملاهى، وكيف استطاعوا أن ينجزوها.
فى البداية، أكد لنا أبوالخير الشامى المسئول
الإعلامى لـ"مجموعة رقاء"، وهم المنفذون للفكرة أنه وبسبب القصف الشديد
والمستمر على المدينة حرم الأطفال من الخروج من منازلهم ما جعلهم يفكرون فى مثل
تلك المدينة، ولكن كان التنفيذ فى البداية صعبا.
ويتابع: "بدأنا فى التنفيذ كفريق مؤلف من مدير
ومهندس ومشرف وعمال وفنيين، وكنا نعمل بروح واحدة وعلى مدار اليوم بالكامل،
واستغرق منا المشروع شهرين".
وعن الأسس التى تم اختيار عليها موقع الملاهى، قال
الشامى: "اختيار المكان كان وفق ثلاث نقاط أولا سهولة الوصول إليه، ثانيا
تواجد قبوين يمكن الوصل بينهما بأقل كلفة وخطورة، وأخيرا أن يتمتع القبو بتهوية
جيدة من خلال فتحاته".
وبالفعل بنيت المدينة وتم افتتاحها فى أول أيام عيد
الفطر، الذى مرت أيامه قاسية جدا على الغوطة بفعل القصف.
وعن رد فعل الأهالى، يقول: "كان رد الفعل من
الجميع السرور الكبير إضافة إلى الذهول العجيب الذى ارتسم على وجوه الزائرين من
مختلف الأعمار".
ويتحدث الشامى عن أقسام المكان، قائلا: تم تقسيم
المكان إلي:
حديقة: حيث اختير لها المكان الأكثر إضاءة من أجل
الزراعة وقاعة السينما حسب أبعاد المكان والبوفيه الخشبى بشكل متوسط وأقسام
الألعاب وفق تصميم هندسى وقياسات الألعاب التى تم اعتمادها.
وعن التأمين الداخلى للمكان، يقول الشامى: "تمت
مراعاة مخرج الطوارئ فى كل قبو إضافة إلى عدم اتخاذ أى شيء يوضع مكان وجوده
وتزويده بجهة طبية صغيرة، إضافة إلى تجهيز سيارات فى حال الطوارئ، ووجود النفق وإجراءات
تجهيزه العالية".
أما عن المواقف التى حدثت بأرض الطفولة ولن ينساها
الفريق، يقول الشامى: "البسمة التى ارتسمت على وجوه الأطفال الذين دخلوا
إليها ودعاء الأطفال المستمر لنا هى الشيء الوحيد الذى لن ننساه أبدا".
ويقول الشامى: "فضلنا البقاء لا الهجرة لأن
بلادنا بحاجة إلينا فى هذه الظروف الصعبة، أما من هاجر فأنا أعذر الجميع لأن الأمر
عبارة عن عقيدة وقناعة".
أخيرًا سألناه: أن يصف لنا فرحة الأطفال وفرحتهم
كفريق بهذا الإنجاز، قال: "السرور الذى ينتابنا كفريق لا يعلمه إلا الله
عندما نجد أى طفل يتجول ويمرح ضمن الأرض وخصوصا فى حالات القصف ودخول الأيتام
وأبناء الشهداء، ونسأل الله أن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم ويوفقنا على تنفيذ
ما منَّ به علينا من أفكار لخدمة ديننا وبلادنا".
جديرًا بالذكر أن "مجموعة رقاء" هم مؤسسات
مدنية تأسست بمجموعات من الشباب تسعى لبناء مستقبل أفضل لسوريا لهم العديد من
المشاريع التطوعية بالبلد الخاصة بالأهالى المحتاجين والنازحين وإعمار ما خلفه
دمار الحرب وليس أرض الطفولة فقط.
للعودة للملف من هنا