فى مشهد اعتدنا عليه
حيث يلقى الاحتلال قنابل الغاز على بلدة النبي صالح وهى قرية صغيرة شمال غرب مدينه رام الله وعدد سكانها 600 غير مبال بالمرضى أو كبار
السن، ويطوق المدينة بالكامل وتبدأ مواجهته مع الشباب حاملا سلاحه وقنابله وهم
يحملون حجارتهم.
تجلس رند التميمى ابنة الـ12 عاما داخل منزلها تنتظر
انتهاء الحرب اليومية لتمارس هوايتها وتعلن بطريقتها الخاصة للاحتلال هزيمته وليس
العكس كما يظن دائما، تخرج من بيتها وتجمع قنابل الغاز تلك التى ألقاها الاحتلال
لبث الرعب فى نفوسهم وتزرع فيها الورود لتقول لهم: "نحن الحياة وفلسطين أرضنا
لن تموت".
" زرعت 90 قنبلة
ووزعتها على النساء المناضلات فى يوم المرأة العالمى"، كلمات قالتها رند فى حديثها
معنا خلال ملفنا "الأمل من قلب الألم"، تحكى رند عن بدايات تلك الفكرة
وتقول: "خرجنا يوما نلعب بعد الاشتباكات ووجدنا حولنا الكثير من قنابل الغاز
التى أطلقها جنود الاحتلال على بيتنا، ومن هنا فكرت أن أحول تلك القنابل من رمز
القتل والدمار للأمل والحياة".
وتكمل رند قائلة: "بدأت فعليا بزراعة الورد
بالقنابل وخطرت ببالى أن أقوم بتوزيعها كهدية للنساء المناضلات يوم المرأة العالمى،
وأهلى هم من دعمونى وشجعونى على تنفيذ الفكرة، وزرعت 90 قنبلة ووزعناها فى احتفال
يوم المرأة العالمى وأعطينا جزءا منها لدبلوماسيين أجانب حضروا للتضامن مع قضيتنا
وزارونا فى البيت".
ورغم صغر سنها إلا أنها لا تهاب قسوتهم ولا رصاصهم،
بل تقف فى وجههم يوميا ولا تترك مسيرة إلا وتهتف فيها تحكى رند عن ذاك الدافع الذى
يجعلها تعرض حياتها للخطر وتقول: "منذ أن حضرت فى الدنيا وأنا أرى اليهود
يحتلون أراضينا، كما أن هناك مستوطنة يهودية أراها كل يوم من شباك غرفتى وهى تتوسع
فى أرضى دون أى اعتبار لنا، كما أنهم اعتقلوا أبى من قبل وأصيب منهم هو وأمى وإخوتي،
فكل ذلك دافع كاف جدا لأن أواجه الاحتلال بنفسى حتى لو سأتعرض للخطر".
سألناها: هل حقا ما زال هناك أمل؟ قالت: "آه فى
أمل وطول ما إحنا عايشين راح يضل فى أمل لأنه هو سلاحنا، ومن أملنا بناخد قوتنا وكمان
عندى أمل لما أكبر أصير صحفية عشان أفضح الاحتلال وأملى هاد هو يلى بيعطينى قوة وإنى
أدرس لحتا أحقق حلمى".
وفى الوقت الذى يهرب فيه الكثير من الشباب تاركا أرضه
فى محنتها، سألناها عن رأيها فيهم ورسالتها لهم قالت: "لكل إنسان ترك وطنه أقول
له ليس هناك أحن فى الدنيا من حضن الأم ووطننا هو أمنا التى نشعر فيها بالأمان
دائما، والهروب ليس حلا للمشكلة بالعكس فالغربة تحمل لنا الذل والإهانة، كما أن أهلنا
علمونا إننا إذا اخترنا الهروب مرة سنعيش باقى حياتنا من هروب إلى هروب، كمان فى أغنية
فلسطينية تقول: "ضرب الخناجر ولا حكم النذل فينا"، فيجب علينا أن نبقى
ولا نترك وطننا لأغراب يتحكموا فيه.
وتقول رند لكل من يأس من حياته: "الحياة
اختبارات والإنسان القوى هو من ينجح فى النهاية وحتى لو فشل يحاول مرة واثنتين
وثلاث مثل لعبة البلايستيشن مهما نموت بنقوم تانى إلى أن ننتصر وتخلص المرحلة،
والله خلقنا ولن يتركنا أبدا فلا بد أن نحمل على رؤوسنا قدرا كبيرا من الأمل".
وأخيرًا ختمت رند حديثها معنا برسالة وجهتها للاحتلال،
قائلة: "هاد أرضى وما بتركها لو دفعت دمى يلى ما راح يكون أغلى من دم سيدى وعمامى
الاثنين وخالى وبنت خالى وهاد وطنا مش وطن مستوطن جابوه من آخر الدنيا وفهموه إنه
هاد وطنك".
للعودة للملف من هنا