اليوم هو الأول من ديسمبر 2016، الموافق للمبادرة التي أطلقها اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، مطالبًا فيها المواطنين بالامتناع عن الشراء في هذا اليوم، في خطوة تهدف لإجبار التجار على خفض أسعار السلع التي بالغوا في رفعها دون مبرر فعلي.. كما يذهب الهدف الأسمى في ترسيخ ثقافة المقاطعة لدى المواطن المصري، في حال شدة الأزمات واستغلال التجار، كما هو موجود في كل دول العالم، حيث تعود تلك المقاطعة بنتائج تصبُّ في صالح المستهلك.
وحول فكرة المبادرة ومن أي دافع انطلقت، ذهبت "البوابة نيوز" إلى اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك؛ للوقوف على تفاصيل هذه المبادرة وكيفية نجاحها والنتائج المنتظرة.. فإلى تفاصيل الحوار:
• بدايةً هل تؤكد أن مبادرة الامتناع عن الشراء أطلقتَها من كونك المواطن عاطف يعقوب وليس رئيس جهاز حماية المستهلك؟
نعم، هذه مبادرة من المواطن عاطف يعقوب الذي يشعر بالغلاء وارتفاع الأسعار مثل أي مواطن، وليس عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك، في محاولةٍ مني لإدخال ثقافة مقاطعة المنتجات التي يحتاجها المواطن، في الوقت الذي يُقْدِم فيه التجار والبائعون على المغالاة والمبالغة في ارتفاع أسعار السلع دون مبرر واقعي، ويكون الضحية هو المواطن في النهاية.
ومن هنا يكمن دور المواطن في حرصه ووعيه بأن يتخذ سلوكًا يُجبِر فيه التاجر للرجوع إلى العمل بالأسعار الحقيقية.
• ولكن هذه المبادرة كيف تفصل فيها بين كونك المواطن وكونك مسئولًا رسميًّا هو رئيس جهاز حماية المستهلك؟
كما شاهدت بنفسك اليوم ورأيت أن الجهاز يقوم بدور يومي، وعلى مدار الساعة في حماية المستهلك، من خلال تلقي الشكاوى، سواء عبر الهاتف أو بالحضور الشخصي من قِبل المستهلكين للمقر الرئيسي للجهاز أو فروعه بالمحافظات؛ ليقوم الموظف المختص بتسجيل ومتابعة الشكوى حتى نقوم بحلها مع التاجر أو المصنع، ولا نترك المستهلك إلا بعد حصوله على حقه تمامًا، ما دام له حق استطاع أن يثبته بالطرق القانونية، لدرجة أننا نحيل المتعنتين من التجار والمصنِّعين إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية حياله في حال امتناعه عن رد الحق للمستهلك.
وهنا يبرز دور اللجنة العليا للرقابة على الأسواق، وهي لجنة تضم عددًا من المسئولين من الجهات المعنية تعمل في منظومة متكاملة لترسيخ مفهوم العمل المنظومي لحماية المستهلك حتى تتعمق خدمة حماية المستهلك ضد المخاطر التي تهددهم، حيث تعمل كل الأجهزة الرقابية على الأسواق ضمن عمل هذه اللجنة.
ومن ضِمن آليات عمل اللجنة تكوين شبكة إنذار مبكر لأي منتج تثبت خطورته على المواطن، فمثلًا عندما أثيرت مسألة اللحوم المسرطنة أخذنا على الفور عينات من تلك اللحوم قبل إدخالها الأسواق وقُمنا بتحليلها حتى تَبيَّن خلوها من ذلك، كما نعمل على ضبط اللوجستيات في الأسواق.
• كيف تنجح هذه المبادرة حتى نجعل الأول من ديسمبر هو يوم المستهلك المصري؟
حين ارتفعت الأسعار بشكل غير مبرر لم يكن هناك رد فعل من الناس غير الشكوى من ارتفاع الأسعار، فلم يكن هناك رد فعل حقيقي للاعتراض على ارتفاع الأسعار؛ لذلك رأيت أن فكرة المقاطعة هي بداية لطريق الحل وخلق ثقافة جديدة لدى المستهلك المصري ليلعب دوره في ضبط حركة الأسواق وعملية العرض والطلب.. وقد ينتج عن مثل هذه الثقافة فيما بعد أن تَصدر قائمة سوداء للتجار المخالفين.
• هل هناك جهات من الممكن أن تساعدكم في نشر هذه الدعوة وتكرارها؟
أهم الجهات التي يمكنها معاونتنا هي منظمات المجتمع المدني وأهمُّها جمعيات حماية المستهلك المنتشرة في مختلف المحافظات والتي بلغ عددها 88 جمعية حتى الآن، فالمجتمع المدني إذا فعّل دوره وأصبح من المكافحين لاستغلال التجار، سيكون أول خط داعم وستكون أول يد مساندة في ظهر الجهاز.
كما أننا بصدد تنفيذ مشروع قومي مع المجلس القومي للمرأة عن النمط الاستهلاكي وتوعية المستهلكين وثقافتهم الشرائية.
• وهل ترى أن يومًا واحدًا للمقاطعة كافٍ لإنجاح المبادرة ونشر ثقافتها بين المواطنين؟
اليوم الأول هو مجرد رمز وبداية، ثانيًا: حين يشعر الناس أنهم مقتنعون بالفكرة سيترسخ مفهوم المبادرة بوجدانهم، وسينجحون بعد ذلك في اختيار السلع التي يريدون مقاطعتها.
• بصراحة، ألا تجد في دعوتك حرجًا للحكومة التي لها متاجر ومنافذ بيع، ومن ثم تشملهم دعوتك لمقاطعة الشراء اليوم وأنت أحد المسئولين الحكوميين؟
الدعوة لا تمثل أي نوع من الحرج على الإطلاق؛ لأننا جهاز مستقل نتمتع بالاستقلالية في عملنا مثل النيابة العامة تمامًا، فالنائب العام لا يجد أي غضاضة في تحويل أي فاسد في الجهاز الحكومي للنيابة العامة؛ للتحقيق معه تمهيدًا لمحاكمته عن وقائع فساد، ونحن نفعل نفس الشىء، لا نجد أي إحراج من الوقوف بجانب المستهلك ضد أي تجاوز، حتى وإن كان من شركة حكومية، فلا أحد فوق القانون، بل من الأفضل أن يكون للحكومة العين الساهرة من داخلها لحمايتها، ويتمثل ذلك في جهاز حماية المستهلك، ودعني أقل لك إن المبادرة في حد ذاتها داعمة للجهاز.
• لك تصريح سابق بأن قوة المستهلك الشرائية أكبر من التاجر في عرض السلع.. نريد التوضيح؟
نعم، هذا صحيح؛ لأن المستهلك يفرض على التاجر عرض سلع بعينها، لذلك أتمنى أن يكون في كل مركز وكل مدينة سوق للخضراوات والفاكهة ومكان للباعة الجائلين (حتى نستطيع إدراجهم في سوق الاقتصاد الرسمي)، وهنا ستزداد المنافسة في الأسعار طبقًا لجودة المنتج، والمنتج الجيد هو الذي يسود في السوق، ومن ثم يكون المستهلك هو المتحكم في ميزان العرض والطلب.
وفي الأول من ديسمبر سيعيد المستهلك توازنه في العرض والطلب، وتنشأ علاقة بين التاجر والمستهلك لا يتجبر فيها أحد على الآخر.