وأخيرًا قررت لجنة استرداد الأموال المهربة التصالح مع وزير الصناعة السابق رشيد محمد رشيد مقابل دفعه ٥٠٠ مليون جنيه.
وأكدت مصادر قضائية أن اللجنة التى يرأسها المحترم النائب العام المستشار نبيل صادق قد اطلعت على التقارير الرسمية التى أكدت براءة رشيد من التهم المنسوبة إليه.
وأصارح القارئ أن من يعرفون الوزير رشيد وأخته المحترمة وعائلته، ويعلمون أن أموالهم واستثماراتهم كانت متوافرة وموجودة تحت أيديهم قبل تولى رشيد منصبه الوزارى.
إذًا لمن يريدون إلصاق التهم فليبحثوا عن طابع سياسى، مثل توصيف سمعناه منذ سنوات طويلة وعهود مرت علينا وهو تهمة لا معنى لها «الانتماء إلى النظام السابق»، فلنقلها اليوم بقلوب وكلمات أمينة وصريحة، هنيئا لرشيد وأخته المحترمة حسنة محمد رشيد أن العدالة قد أعادت إليهما كرامتهما.
لقد شاءت الظروف أن أتعرف برشيد محمد رشيد عن قرب، وأن أكتشف نظافة يده وقت أن كنت مستشارا للمؤسسة الصناعية الدولية سيمنس، وطرقت على بابه لكى أعرض عليه مشروعا لهذه الشركة، قدمته إلى سلاح الإشارة ووافق عليه قبلها المرحوم صاحب اليد النظيفة والعقل المتفرد المشير أبوغزالة، وكان رأيهما واحدًا: «إذا أردت أن تكسب شركتك الألمانية الرهان فلتبحث عن غطاء أمريكى لنستفيد من نظام المعونة الأمريكية، ونحن نثق أن المنتج الألمانى لا يعلو عليه منتج آخر».
وبذلت وقتها كل الجهد مع الجانب الألمانى لأقنعهم بفكرة الغطاء الأمريكى للعرض الألمانى التى وضعها أمامى الوزير رشيد والمشير أبوغزالة بكل موضوعية وأمانة، بلا غرض ولا مصلحة إلا المصلحة العليا المصرية.
واستمرت المعرفة والتعاون مع الوزير رشيد من جانبه، ومع شركة سيمنس من جانبى، ويشهد الله على نظافة اليد للوزير رشيد وزير الصناعة وقتها فى كل العمليات الأخرى التى تم الاتفاق عليها مع شركة سيمنس الألمانية ملكة الصناعة الإلكترونية العالمية، والتى مثلتها فى مصر ثم فى ميونيخ عاصمة هذه الصناعة وقتها.
وطرقت على باب الوزير رشيد مرة أخرى لألتمس منه مساعدتى أمام التعقيدات البيروقراطية وقتها من جانب رئيس شركة ضمان الصادرات التى كنا نتعاون معها لدعم صادراتنا الألمانية وقتها، وقالى لى بكل جرأة «حاول أن ترشح لى شخصية تعاون رئيس شركة ضمان الصادرات والذى كان وزيرا سابقا»، وذهبت إلى سيدة قديرة وذكية اختارها الوزير رشيد لتكون مساعد أول الوزير الدكتورة سميحة فوزى، وفورا وقع اختيارها على الدكتورة علا جادالله وكان اختيارا موفقا، ولكن بقى أن رئيس شركة ضمان الصادرات والوزير السابق لم يعاونا الدكتورة علا جادالله التى اختارها الوزير رشيد، بناء على ترشيح الدكتورة سميحة فوزى.
وحينما استقبلنى الوزير رشيد لنبحث عن حل لتسهيل مهمة الدكتورة علا جادالله نظر الوزير على المدة الباقية لرئيس شركة ضمان الصادرات واكتشف أنها تنتهى بنهاية العام، فقال لى بدبلوماسية وذكاء: إذًا فلننتظر حتى آخر المدة، أى عدة شهور فقط، وتتولى بعدها د.علا جادالله رئاسة الشركة ونحل المشكلة جذريا.
وأذكّر أيضا القارئ أن رشيد كان الوزير النادر مع الوزير يوسف بطرس غالى الذى اختار سيدة متميزة لتكون مساعدة للوزير وهى الدكتورة سميحة فوزى.
والمعروف تاريخيًا أن جيل الدكتورة سميحة فوزى هو نفس جيل الدكتورة ليلى الخواجة، جيل نادر ومتفوق ونموذج يشرف المرأة المصرية. أما الدكتورة علا جادالله فقد صدق رشيد محمد رشيد ونفذ وعده بتعيينها رئيسا لشركة ضمان الصادرات مكان الوزير السابق، وكانت مفاجأة لكثيرين فى تميزها وتفردها، وفاجأنى الوزير رشيد بأن عيننى عضوا منتدبا بشركة ضمان الصادرات بجانب د.علا جادالله، واكتشفت أنها اقتصادية من الدرجة الأولى توفق بين العلم والتواضع.
إذًا الوزير رشيد كان عبقريا ليس فقط فى إدارة اقتصاد وطن، بل أيضا فى اختيار قيادات تستحق بعدها الشكر على حسن الاختيار.
أما وقد استرد رشيد محمد رشيد اليوم كرامته والاعتراف بقدراته، فبقى أن نقول للقضاء المصرى وجهات التحقيق: فخورون بكم أن تعيدوا الحق إلى أصحابه، قال تعالى: «وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا» (٣)، سورة الفتح.