"الزواج مشروع فاشل" أصبحت تلك العبارة تنتشر كالنار فى الهشيم بين أوساط الشباب، ذكورًا كانوا أو إناثًا، بل تم التصديق بها لترتفع نسبة العنوسة، وبات الزواج كابوسًا يطارد كل مَن أَقدم عليه، خاصة فى القرى والنجوع، بعد أن كان الزواج "بمرتبة ولحافين".
ففى قرية الزنكلون، التابعة لمركز الزقازيق، يُعدُّ الفقير فيها لا حياة له ولا زواج؛ لأن الأب عندما يقوم بتجهيز ابنته يتبع مبدأ "بنت فلان مش أحسن من بنتى"، ومن هنا يولد التنافس، فتقول علياء السيد: "أنا أقوم بالتجهيز الآن فأشترى ٣ غسالات ما بين الأتوماتك والنصف أتوماتك والأطفال، كذلك البوتاجاز 3 والثلاجة 3"، مضيفة: "عندنا فى الزنكلون البنت "مشوارها" كبير لكن ليس لها ميراث، وهذا هو العُرف السائد فى القرية".
وأوضحت أنه حتى هدايا العروس لوالدة العريس يجب أن تكون أحد الأجهزة الكهربائية أو شيئًا من الذهب حتى تنالَ رضاها، لا يختلف الوضع فى الإهداء لوالدة العريس فى قرية الزنكلون عن قرية الطيبة التابعة لمركز ديرب نجم هى الأخرى.
وتنتقل "البوابة نيوز" من قرية الزنكلون التى تُحرم البنت فيها من ميراثها مقابل جهاز يتعدى الـ٢٠٠ ألف جنيه، إلى مركز مشتول السوق أحد أكبر مراكز محافظة الشرقية، حيث فى أوان الخطبة يجب أن يهدي العريس للعروس مبلغًا يتعدى الـ١٠ آلاف جنيه فقط لملابسها، وهو ما يُطلق عليه "النفقة".
ولا تتنازل الفتاة فى هذا المركز عن "شبكتها" فهى تعتبرها حقًّا أساسيًّا لها لتتعدى ٤٠ ألف جنيه، ويقوم العريس بتجهيز ٥ غرف من "نوم- سفرة- أطفال- أنتريه- ضيوف"، يأتى ذلك مقابل جهاز من العروسة يتعدى الـ٣٠٠ ألف جنيه.
يختلف الوضع تمامًا فى مركز ههيا والقرى التابعة له، فعلى مستوى المؤهل الحاصلة عليه العروس تتحدد كمية الشبكة والجهاز، فالأمية تعطي صك الـ١٠ آلاف شبكة، والدبلوم ٢٠ ألفًا، على عكس المؤهل العالى ٣٠ ألفًا، والذى يختلف هو الآخر على حسب نوع الكلية ودرجاتها "بكالوريس أم ليسانس".
وتعليقًا على هذا الوضع تقول الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الزقازيق: "إن لجوء الناس إلى العمليات التعقيدية فى الزواج يؤدى إلى فشله وخلق مجتمع متفكك؛ لأن كل شخص يود تحطيم الآخر قبل بدء الحياة من الأساس، على العكس قديمًا كانت الحياة مشاركة "حتى طقم الصينى كان بالنصف"، وتستمر الدكتورة هدى زكريا مفسرة ارتفاع نسبة الطلاق قائلة: "كل شاب يبدأ حياته بالمديونيات، وبعد الزواج تزيد المسئوليات، وبالتالى لا يكون فى تفكيره سوى الهرب وترك الأسرة، وهو ما يعد تدميرًا أُسريًّا شاملًا".