تحتفل دولة الإمارات العربية بالعيد الوطني الخامس والأربعين، حيث يخلد العيد الوطني ذكرى قيام اتحاد دولة
الإمارات العربية المتحدة الذي تم الإعلان عنه في عام 1971، والذى قام فى
البداية باتحاد ستة إمارات هي: "أبوظبي، دبي، أم القيوين، الشارقة، الفجيرة،
وعجمان"، وفي العام التالي، انضمت إمارة رأس الخيمة.
ورغم مرور أثني عشر عامًا انقضت على رحيل المغفور
له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إلا أنه يظل تاجا على رؤوس الإماراتيين ونبراسا
لهم، يسيرون على نهجه الذي أرساه لهم، إلى أن تبوأت الإمارات الشقيقة مكانة رائدة
بين دول العالم.
دولة الإمارات العربية المتحدة التي أسست على
المحبة والخير كانت وما زالت رمزًا للتسامح والمودة ومديد العون والمساعدة
لجيرانها ومحيطها العربي.. وكل من هو بحاجة لمساعدتها في شتى بقاع الأرض.
ولا يذكر مطلقا أن الإمارات اعتدت أو اختلفت مع
جيرانها لأي سبب يذكر، سيشهد التاريخ أن زايد عمل بهدوء وصمت بعيدا عن ضجيج
"القيل والقال وتسليط الأضواء" وعمل على لم شمل الجميع.
والفصل في حل النزاعات والاختلافات سواء كانت
سياسية أو حدودية أو قبلية. ولولا تدخله فيها بحكمة وذكاء وفطنة وعفوية حباه الله
سبحانه وتعالى بها.
ولم يكتف الشيخ زايد ببناء دولة الإمارات العربية
المتحدة، والنهوض بها لتكون وطنًا يضاهي أكثر الدول تقدمًا، بل استطاع كرجل دولة
أن يتجاوز حدود الإمارات ليصبح داعية سلام عالميًا، ففي أشد المحن برز الشيخ زايد
كزعيم وداعية سلام يمتد نفوذه السياسي إلى كل بقاع الأرض، لذا ظل على مدى ثلاثة
وثلاثين عامًا من الرئاسة، يؤدي أدوارًا سياسية وإنسانية على الصعيد العالمي،
فيتوسط لإيقاف الحروب، ويضغط على المجتمع الدولي للتصرف في منعطفات حاسمة من
تاريخنا.
وعلى صعيد العمل الخيري تحول بفطرته إلى رجل إحسان
على الصعيد العالمي، فكان عطاؤه على ضوء تعاليم الدين الإسلامي، بعيدًا عن التباهي
والتفاخر، ولم يكن العمل الخيري أو الجود الذي عرف به الشيخ زايد مقتصرًا على
الإمارات، وإنما امتد إلى خارج حدودها ليصبح أعظم محسن في العالم على الإطلاق.
وكان له دور كبير في مساعدة مئات ملايين البشر،
كما انطلق زايد الخير من قناعة ثابتة بأن المرأة نصف المجتمع، وأن المجتمع لا يمكن
أن يصعد سلم التطور دون المشاركة الفاعلة للمرأة.
وهكذا استطاع زايد الخير أن يتخطى رواسب التفكير
القبلي والعشائري، الداعي لحبس المرأة وإبقائها داخل خيمة البداوة ترعى الماشية
وتربي العيال. انطلق زايد من قناعة فكرية بأن مجتمع دولة الاتحاد لا يمكن أن ينهض
ونصفه معطل، وكان دائما نصيرا وعونا للمرأة، هو وأم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت
مبارك.
لم تسجل سطور ما كتب من "سير" إلا
أعدادًا يسيرة من الزعماء النابهين، الذين سجلت أسماؤهم في دفتر الزمن، ليكتب لها
المجد والخلود، وكان الراحل المقيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أحد هؤلاء، مضى
الرجل وبقيت سيرته العطرة تنداح عبقًا يضمخ الأجواء.
لقد انتهج القائد الراحل سياسة متوازنة ومنفتحة،
حققت علاقات وصلات وثيقة مع الدول العربية ودول العالم الأخرى.. كالدعم لكثير من
المشاريع التنموية في الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة الأخرى.
وقام بزيارات دولية وعربية عدة، وكانت هذه
الزيارات مثمرة، انعكست آثارها على تنمية دولة الإمارات وعلاقتها مع المنطقة
العربية والشعوب الأخرى.
فكان الرجل الشامخ، الذي سبق عصره وجاء ليبشر بفكر
نهضوي، انبثق من واقع مجتمع كان يعيش في براثن التخلف والفقر المدقع، فاستطاع زايد
الخير أن يتجاوز آراء من زعموا ألا أمل في تطوير مجتمع يفتقر إلى كل مستلزمات
الحياة الضرورية، كالأرض الخصبة والماء العذب.
إلا أن الزعيم لم يستسلم، ومضى بعزيمة لا تلين ليرسم على صفحة الرمال "خطة استراتيجية" ابتدعها من قناعته بأن كل شيء ممكن متى ما توفرت الإرادة والإصرار على تخطي أي صعاب.