«صراع القوى والتجارة فى الخليج ١٦٢٠ - ١٨٢٠» كتاب آخر لحاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، وهو يصحح التاريخ الذى كتبه مؤلفون أجانب عن الخليج فى القرنَيْن موضوع الكتاب.
مراجع الكتاب وهوامشه شغلت ٣٣ صفحة ما يعكس جهد الشيخ الدكتور سلطان فى جمع المعلومات. هو يقول إن أسبابًا كثيرة أدت إلى تدهور التجارة منها القرصنة ولا سيما من بنى كعب والقواسم فى وقت لاحق، وزوال المستوطنة الهولندية من جزيرة خرج، وتفشى الوباء فى المنطقة العربية التركية عام ١٧٧٥، وحصار البصرة والاستيلاء عليها، وندرة العملة النقدية.
كان هناك تنافس على التجارة بين هولندا وبريطانيا، وكل من البلدين كان له حلفاء محليون يساعدهم ويساعدونه. ودارت حرب بين البلدين سنة ١٦٥٣، وتوصلا إلى معاهدة سلام فى السنة التالية. لكن تجارة الإنجليز توقفت بحلول عام ١٦٥٦ عندما تقوضت التجارة الفارسية لشركة الهند الشرقية. وقرأت صفحات مسلية بقدر ما هى مفيدة عن أنواع العملات المستخدمة فى تلك الفترة مثل التومان وشاهى ومحمودى والروبية ودولار مارى تيريزا والجنيه الإنجليزى. المؤلف يتحدث عن الوجود الأجنبى فى بندر عباس وبندر رق وبو شهر وغيرها. الإشارة إلى جزيرة خرج ذكرتنى بشيء من السنوات الماضية فقد حاولت إيران أن تجعلها تنافس دبى فى التجارة واستخدمت رجال أعمال شيعة أثرياء وأرسلت حاكمًا وفشلت فشلًا ذريعًا فانتهى المشروع. اليوم هناك خلاف على تسمية الخليج، فهو الخليج الفارسى فى إيران والغرب، وهو الخليج العربى عندنا. الشيخ الدكتور سلطان القاسمى يراجع تاريخ تسميات الخليج وتشمل بحر القطيف وبحر فارس وخليج البصرة وخليج قطيف وأحيانًا الخليج العربى وبحر العرب والبحر الأحمر والخليج الفارسى. أنتقل من الشارقة إلى القاهرة، وإلى المؤلفة الصديقة بسمة عبدالعزيز التى كنت عرضت كتابها «الطابور» الذى لقى ترحيبًا كبيرًا من المراكز الأدبية فى الشرق والغرب. كانت لى جلسة وفنجان قهوة مع بسمة التى أهدتنى ثلاثة من كتبها هى «سطوة النص.. خطاب الأزهر وأزمة الحكم» و«إغراء السلطة المطلقة.. مسار العنف فى علاقة الشرطة بالمواطن عبر التاريخ» ورواية «الولد الذى اختفى». النظر إلى بسمة عبدالعزيز لا يترك انطباعًا بأنها ثائرة أو متمردة، إلا أنها كذلك، ولعلنا نعيش حتى نراها تفوز بجائزة نوبل للآداب خلفًا للراحل نجيب محفوظ.
فى الكتاب «سطوة النص» تفاصيل دقيقة عن الإطاحة بالرئيس محمد مرسى، والجهات الإسلامية التى انتصرت له مثل جبهة علماء الأزهر التى اتهمت شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وأراه أفضل منهم جميعًا، والاتحاد العالمى لعلماء المسلمين الذى يرأسه الشيخ يوسف القرضاوى، ومؤتمر علماء الأمة الإسلامية فى إسطنبول، ثم رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا فى حينه. لعل أهم ما فى كتاب بسمة عبدالعزيز أن المادة صحيحة موثقة.
عندى كتب أخرى ليوم آخر لكن أختتم اليوم مع الدكتورة سعاد محمد الصباح وكتابها الجديد «الشعر والنثر.. لك وحدك» ووجدت أنه شعر كله، ولا نثر، وبعضه يلامس شغاف القلب مثل قولها فى أول صفحة: لا تسأل ما هى أخبارى/ لا شيء مهمًا إلا أنت/ فإنك أحلى أخبارى/ لا شيء مهمًا إلا أنت/ وكل العالم بعدك ذرات غبار.
لا أستطيع هنا سوى الاختيار، وهناك قصيدة عنوانها «إذا نادى الرجل بالمساواة فتأكد أنه مصاب بعطر الأنثى» وشاعرة الكويت تقول فيها: عندما طالبت بحقوقى المشروعة/ أقفلت فى وجهى أبواب شرايينك/ الرجل العربى مصاب بفقدان المناعة/ لذلك فهو يدخل فى «كوما»/ عندما يشم عطر الأنثى/ كل قوة الرجل/ تتبخر فى أحضان امرأة. وهناك قصيدة جميلة عنوانها «كل احتلال يأتى بلا عقل ويتصرف بلا منطق فهم يدافعون عن مصالحهم بالسلاح ونحن ندافع عن أوطاننا بالأقلام». لا أريد أن أظلم القصيدة باختيار أبيات قليلة ولكن آمل بأن يطلب القارئ الكتاب.
نقلًا عن الحياة اللندنية