الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

"فيون" الحصان الرابح في السباق الرئاسي الفرنسي 2017

رئيس الوزراء الفرنسي
رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق فرنسوا فيون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يأتي فوز رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق فرنسوا فيون كمرشح لحزب الجمهوريين اليميني في الانتخابات الرئاسية عام 2017 ليزيد من أجواء الترقب في المشهد الفرنسي ويبرزه بقوه ليكون الحصان الرابح في سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وكان فيون قد حقق فوزًا مفاجئًا في الانتخابات التمهيدية لحزب الجمهوريين اليميني في 20 و27 نوفمبر الجاري بحصوله على 66.5 بالمائة من أصوات الناخبين مقابل 33.5 لمنافسه آلان جوبيه.
ولم يكن متوقعا تحقيق فيون لهذا الانتصار حيث أنه كان دائما يأتي في المركز الثالث في استطلاعات الرأي بعد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ورئيس الحكومة الأسبق آلان جوبيه. غير أن فيون خالف نتائج كافة الاستطلاعات والتوقعات وتمكن من هزيمة منافسيه في الدورة الأولى من الانتخابات التمهيدية بحصوله على 44% من الأصوات مقابل 24% لجوبيه و20% لساركوزي، وأخذ يسير بخطى ثابتة حتى أصبح مرشح اليمين للرئاسة في الانتخابات القادمة.
وترجح استطلاعات الرأي صعود فيون للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية أمام مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، كما تشير إلى أنه الأوفر حظا للوصول إلى الإليزيه في مايو 2017 ليكون بذلك الرئيس الثامن في تاريخ الجمهورية الخامسة بفرنسا.
ووفقا لجريدة "لوفيغارو" الفرنسية، أظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته مؤسسة هاريس التفاعلية أن فيون تفوق على مارين لوبن بنسبة 67% مقابل 33%. كما توقع استطلاع أجرته مؤسسة "أودوكسا" أن فيون سيحصل خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية على 32% من الأصوات مقابل 22% للوبن في حين سيحصل في الجولة الثانية على 71% مقابل 29% للوبن.
ويفسر المراقبون تقدم فيون في استطلاعات الرأي إلى العديد من العوامل من أهمها أنه المرشح الأكثر قدرة على جذب الناخبين المترددين في التصويت خاصة هؤلاء الذين يحملون وجهات نظر يمينية وليسوا من أشد أنصار "الجبهة الوطنية".
ويمثل فيون "التيار المحافظ" داخل حزب الجمهوريين اليميني ويعتمد برنامجه الاقتصادي على زيادة ساعات العمل من 35 ساعة في الأسبوع إلى 39 ساعة دون زيادة في الراتب، كما ينص على زيادة عمر التقاعد وتخفيض الضرائب بما يسمح بزيادة تنافسية المنتجات الفرنسية.
كما يتبنى سياسات اجتماعية صارمة من أهمها سياسات متشددة إزاء الهجرة والمهاجرين من خلال تحديد عدد المهاجرين الذين يسمح لهم بدخول البلاد والاستقرار فيها سنويا، وذلك من أجل تقليص الأعباء المادية التي يرفض فيون أن تتحملها البلاد. كما يعارض فيون قانون "جمع الشمل العائلي" معتبرا أنه أحد أبرز الأسباب التي أدت لزيادة أعداد المهاجرين في فرنسا.
ويرى فريق من المراقبين أن توجهات فيون ينبغي أن تثير القلق لدى الجبهة الوطنية حيث أن اتجاهه التقليدي والمحافظ اجتماعيًا فيما يخص قيم الأسرة والتأكيد على الهوية القومية الفرنسية، و"السيادة" و"الوطنية"، واتجاهه المتشدِّد فيما يخص الهجرة قد يُسهِم كل ذلك هذا في جذب بعض ناخبي لوبن المحافظين اجتماعيًا، وخاصةً المسنِّين اليمينيين، الذين يُقبِلون كثيرًا على التصويت ولكنَّهم يظلُّون متردِّدين بشأن الجبهة الوطنية.
ويؤكد ذلك تصريحات ماريون ماريشال لوبن، نائبة البرلمان الكاثوليكية والمحافظة الاجتماعية عن حزب الجبهة الوطنية، وابنة أخت مارين لوبان، التي قالت أن "فيون يضع أمامنا مشكلة استراتيجية، فهو المرشَّح الأخطر على حزب الجبهة الوطنية".
وعلى الرغم من ذلك تقلل مارين لوبن من خطورة فيون مؤكدة أنه "مرشح جيد جدا" بالنسبة لها حيث أنه وفقا للجبهة الوطنية فإن "فيون" مرشح اليمين والوسط لديه "أسوأ برنامج اجتماعي وأوروبي" وبالتالي يسهل هزيمته في الجولة الانتخابية. كما صرح عضو الجبهة الوطنية فلوريان فيلبوت٬ بأن "مشروع فيون مختلف تماما عن مشروعنا وهو مشروع صعب ولن يستطيع جعل غالبية الناخبين يساندونه. بالنسبة لنا فإنه مرشح عظيم لمواجهته في الانتخابات".
وتأتي كل هذه التطورات على الساحة الفرنسية في وقت يشهد فيه اليسار الفرنسي انقساما غير مسبوق. فمن ناحية تزايدت حدة التوترات بين الرئيس فرنسوا أولاند ورئيس وزرائه مانويل فالس بعدما أعلن الأخير إمكانية ترشحه للانتخابات التمهيدية لليسار المقرر عقدها يناير القادم. وحتى الآن لم يحسم الرئيس أولاند أمره بشأن ترشحه في الانتخابات وهو ما دفع فالس للإدلاء بهذا التصريح خاصة بعد فوز فيون مرشحا لليمين والذي وصفه فالس في حديثه مع جريدة ديمانش بأنه "خصم جاد جدا بالنسبة لليسار".
من ناحية أخرى أعلنت بعض الشخصيات السياسية نيتها الترشح في الانتخابات التمهيدية لليسار من بينهم جان لوك ميلانشون اليساري المتطرف، ووزير الاقتصاد اليساري السابق ايمانويل ماكرون الذي قدم حركته باعتبارها "لا يمين ولا يسار"، ووزير الصناعة الأسبق أرنو مونتبورغ الذي أقيل من منصبه الوزاري قبل عامين بعد انتقاده سياسات الرئيس أولاند. ويمثل هؤلاء المرشحون بدرجات متفاوتة تيار "المعارضة اليسارية" للتيار الإصلاحي الذي يمثله رئيس الحكومة مانويل فالس.
ويجمع المراقبون على أن عدم وجود مرشح طبيعي ليمثل الحزب الاشتراكي في الاستحقاق الرئاسي المقبل يعكس الحالة المتردية التي يعيشها الاشتراكيون حاليا، محذرين من أنه في حال استمرار زيادة الترشيحات في صفوف اليسار فإن ذلك يضعف من فرص تأهل الحزب الاشتراكي للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
في ظل هذا التشتت الملحوظ في صفوف اليسار، يبدو واضحا أن فيون لديه فرصة ذهبية للفوز في سباق الرئاسة في ربيع 2017 خاصة وأن كافة الاستطلاعات تستبعد فوز لوبن في الجولة الثانية من الانتخابات نظرا لخطورة برنامجها على البلاد وإدراك معظم الفرنسيين لهذا الأمر. ولكن هذا لا يمنع أن أمام فيون بعض التحديات التي يتعين عليه تجاوزها بنجاح حتى يتمكن من شق طريقه نحو أبواب الإليزيه من أبرزها العمل على تحقيق التوافق بين مختلف تيارات اليمين والوسط داخل حزب "الجمهوريين" وتغيير بعض النقاط في برنامجه الانتخابي- والذي يصفه كثيرون بـ"الراديكالي والعنيف"- لتكون أكثر انسجاما مع توجهات الوسط بهدف توسيع قاعدته الانتخابية وتعزيز موقفه أمام منافسيه سواء كانت مارين لوبن أو مرشح اليسار الذي سيتم اختياره الفترة القادمة.