كشفت مصادر سياسية أن اتحاد القوى العراقي، عقد اجتماعا في منزل نائب رئيس الجمهورية، أسامة النجيفي، وقرر تجميد المفاوضات مع التحالف الوطني الشيعي بشأن وثيقة المصالحة التي يتبناها عمار الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى.
وفي أول رد فعل سني على تمرير قانون الحشد الشعبي الذي أقره مجلس النواب العراقي بإضفاء صبغة رسمية على مجموعة من الميليشيات الطائفية واعتبارها كيانات قانونية تتمتّع بالحقوق وتلتزم بالواجبات كقوّة رديفة وساندة للقوات الأمنية العراقية، رفض اتحاد القوى تسلم مسودة وثيقة التسوية السياسية التي أعدها التحالف الوطني الشيعي ورعتها الأمم المتحدة.
وأكدت مصادر، أن عمار الحكيم، الذي يرأس التحالف الوطني الشيعي، يشعر بحرج بالغ إزاء ممثل الأمم المتحدة في العراق، يان كوبيش، بعدما عملا سويا لنحو ثمانية أشهر من أجل صياغة بنود وثيقة تضمن رأب الصدع بين الشيعة والسنة في العراق، مشيرة إلى أن إقرار قانون الحشد الشعبي من قبل التحالف الشيعي، دون أخذ الاعتراض السني عليه بنظر الاعتبار، يمثل ضربة استباقية كبرى لمشروع التسوية.
وسيعقد الحكيم وكوبيش سلسلة لقاءات خلال الأيام القليلة القادمة، في محاولة لتدارك تداعيات إقرار قانون الحشد الشعبي على وثيقة التسوية.
وقال الناطق باسم المجلس الإسلامي الأعلى، حميد معلة، "إن الحكيم بذل ما في وسعه لاستيعاب الاعتراض السني على قانون الحشد وفصله عن وثيقة التسوية، لكن قوى شيعية مؤثرة أصرت على هذا التوقيت لتمريره بصيغته الحالية".
وكشف معلة أن اتحاد القوى اشترط منح المقاتلين السنة نسبة أربعين في المئة من أعداد متطوعي الحشد الشعبي، ليشارك في إقراره، بوصفه جزءا من التسوية، لكنه قوبل برفض قاطع من كتلة بدر النيابية المدعومة من إيران التي يتزعمها هادي العامري.
ويرى أثيل النجيفي محافظ نينوى السابق أن بعض القيادات الشيعية اختارت توقيت أزمة قانون الحشد الشعبي بالتزامن مع موعد تقديم ورقة التسوية، لا سيما بعد الهجوم العنيف الذي شنته الجهات الشيعية المتطرفة ضد من تبنى ورقة التسوية.
وتجد الجهات الشيعية المتطرفة نفسها قريبة من فرض شروط المنتصر على السنة والأكراد في مرحلة ما بعد داعش، كما ترى في مشروع التسوية تنازلا غير مقبول.
وقال محمد الكربولي رئيس كتلة الحل في البرلمان، أحد مكونات اتحاد القوى، إن تزامن إقرار قانون الحشد الشعبي مع حديث التسوية التاريخية، هو دليل على نوايا الأخ العراقي الأكبر "في إشارة إلى الأحزاب الشيعية" في المضي وحيدا.
وأضاف هذا سيعزز قناعة رعاة مشاريع التقسيم، وسيمنحهم دعما شعبيا أقوى، ولا يستبعد الكربولي لجوء السنة إلى إعادة طرح مشروع قانون الحرس الوطني، لتشكيل قوة سنية مسلحة، تعيد التوازن إلى المشهد العراقي.
فيما أكدت مصادر في العاصمة الأردنية عمان، بأن اجتماعا مقررا الخميس المقبل، كان من المفترض أن تشارك فيه شخصيات سنية معارضة للعملية السياسية في بغداد، بهدف بحث مشروع التسوية السياسية، وإعلان موقف منها، جرى تأجيله حتى إشعار آخر.
وكان يفترض أن يحضر هذا الاجتماع رجل الأعمال خميس الخنجر، ووزير المالية السابق رافع العيساوي، وممثلان عن نائبي رئيس الجمهورية، السابق طارق الهاشمي، والحالي أسامة النجيفي، وزعيم جبهة الحوار صالح المطلك، وزعيم حركة الحل جمال الكربولي، فضلا عن مؤسس ما يعرف بالجيش الإسلامي في العراق أحمد الدباش، وممثلون عن مجموعات سنية مسلحة، مثل كتائب ثورة العشرين، وجيش الراشدين، وحركة حماس العراق.
واعتبر مراقب سياسي عراقي إقرار قانون الحشد الشعبي ضربة استباقية لمشروع التسوية، بالرغم من أن ذلك المشروع لن يكون معنيا في كل الأحوال بإعادة النظر في العلاقات المجتمعية بين مكونات المجتمع العراقي التي تعرضت للاهتزاز بل والانهيار الشامل، في ظل انعدام الثقة بين تلك المكونات.
وقال المراقب في تصريح: "مَن يصالح مَن؟، معتبرا أن مثل هذا السؤال وإجابته بقيا غامضين، بالرغم من أن الأطراف التي تبدو معنية بالتسوية التاريخية التي اقترحها الحكيم هي الكتل السياسية التي تحتكر تمثيل العرب السنة في العملية السياسية، وهي كتل، خطط لها أن تكون مهمشة ومستبعدة من المشاركة في القرار السياسي.
وقال إن طرح مشروع التسوية هو محاولة لإعادة إنتاج نظام المحاصصة، في ظل استقواء شيعي واضح، يقوم أساسه على ما أنتجته الظروف المأساوية التي سادت في المحافظات ذات الغالبية السنية التي تعرضت لاحتلال تنظيم داعش.
واعتبر أن المنطق الذي يقول إن التسوية ولدت ميتة، إنما يعبر عن الواقع، فصقور الشيعة يرفضون التعايش مع صقور السنة، في ظل انهيار كامل لمستوى العيش والأمن في كل المدن والبلدات التي تم تحريرها من قبضة داعش.