الأربعاء 19 فبراير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"السيسي" و"رونالدو" و"مالابو"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحظى زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسى للخارج، باهتمام ملحوظ داخليًا وخارجيًا لما لها من أهمية اقتصادية وسياسية واستراتيجية، فقد قام الرئيس بـ٥١ زيارة خارج مصر، وقضى ٧٤ يومًا خارج البلاد، وذلك بشكل رسمى منذ توليه الرئاسة فى ٨ يونيو ٢٠١٤.
وتنوعت الزيارات الرسمية بين عدة دول عربية، وأخرى أوروبية، كما شملت دولًا آسيوية كبرى وإفريقية تربطنا بها مصالح وقواسم مشتركة.
وعززت تلك الزيارات مكانة مصر الدولية، التى زادت من وضعها الرفيع بعد فوزها بعضوية مجلس الأمن غير الدائمة، وعضوية مجلس السلم والعدل الإفريقى.
كما انعكست نتائج الزيارات مباشرة على الاقتصاد المصرى، وجذبت استثمارات فى المجالات المختلفة، خاصة الصناعية فى تنمية محور إقليم قناة السويس والعاصمة الإدارية وبناء أول محطة نووية سلمية.
وليس أجهل ممن يقلل من أهمية زيارات الرئيس الخارجية ويقيسها بمقاييس ما يتم الإنفاق فيها وعليها أو يشكك فى جدواها متعللًا بالظروف الدقيقة والحرجة التى نمر بها بسبب الصعوبات الاقتصادية.
كما ليس من العقل الرد على الآراء المغلوطة والأصوات الجاهلة والمدفوعة التى تمتلئ بها مواقع التواصل الاجتماعى قبل وبعد إتمام زيارة الرئيس السيسى للبرتغال وحضوره القمة العربية - الإفريقية بغينيا الاستوائية وتخاريف من عينة أن البرتغال فقيرة مثلنا وأن لقاء اللاعب البرتغالى «رونالدو» لأخذ حذائه وعرضه فى مزاد - على غرار حذاء ميسى - من أجل مصر هو أفيد وأنفع من لقاء مسئولى حكومة البرتغال، أو أنه كان يجب أن ينسحب من قمة «مالابو» وينضم إلى الدول التسع العربية المنسحبة بسبب مشاركة جبهة البوليساريو المناهضة للمغرب فى القمة!!
وإذا كان هناك من نجاح فى إدارة النظام الحالى للبلاد فإنه يمكن القول بضمير مستريح «هى السياسة الخارجية لمصر» والتى تعد أبرز جوانب النجاح التى حققها الرئيس السيسى منذ توليه المسئولية حيث تمكن من إحداث مراجعة شاملة لمحددات الأمن القومى المصرى والأهداف الاستراتيجية للسياسة الخارجية ومنظومة التحالفات الإقليمية، وأعاد إلى مصر مكانتها بعد قيامه بعدد كبير من الزيارات إلى دول المنطقة والدول الإفريقية والأوروبية والآسيوية، وحقق من ورائها قدرًا كبيرًا من الاعتراف وقدرًا من الفوائد الاقتصادية التى زادت من شرعية نظام ٣ يوليو ٢٠١٣ وقبوله دوليًا.
وحاول الرئيس خلال جولاته الاستفادة من خبرات الدول الكبرى فى التعليم والصناعة وتنمية الاقتصاد وتحقيق مصالح مشتركة.
ولعل التغير الواضح فى سياسة مصر الخارجية فى عهد السيسى بعد أن اعتمد على ٣ محددات رئيسية: دائرة الجوار، ودائرة الدول الأكثر تأثيرًا فى النظام العالمى، ودائرة باقى دول العالم.. هو التركيز على الهوية المصرية العربية الإفريقية واستعادة موقعها العربى كـ«شقيقة كبرى» تحافظ على ريادتها الفكرية والثقافية والمجتمعية، والعمل على تعميق العلاقات مع شقيقاتها فى كافة المجالات بشكل يسهم فى مساعدتها فى تجاوز التحديات المرتبطة بعملية التحول الديمقراطى، فضلًا عن استعادة العمل العربى المشترك ليكون لمصر دورها الطبيعى فى قيادته وتفعيله.
وكان التعامل مع القضايا العاجلة المرتبطة بالأمن القومى المصرى والتأكيد على أن علاقات مصر الخارجية هى علاقات بين دول وليست علاقات بين قادة وأحزاب، هى أساس السياسة الخارجية وهى سياسة ضد ما كان متبعًا فى نظام مرسى وجماعة الإخوان المسلمين، وطريقة إدارتهم مفاصل السياسات الخارجية على أساس مصلحة الجماعة، وعلاقاتها المباشرة مع دول بعينها وتحديدًا تركيا وقطر. 
وفى مناسبات عديدة حرص السيسى كذلك على تأكيد المحددات نفسها للسياسة الخارجية المصرية، وأنها تستند إلى استقلال القرار المصرى وعدم التبعية لقوة دولية على حساب قوة أخرى، وتفعيل الدور المصرى على المستويين العربى والإفريقى.
ومما لا شك فيه أننا ندفع فاتورة استقلال قرارنا وما حدث من جراء تصويت مصر على قرار الأمم المتحدة بشأن سوريا وعدم انسياقها وراء أغراض ومصالح دول أخرى «السعودية» ليس ببعيد.
إن شعب مصر لن يسامح حاكمًا أو مسئولًا يهرول وينساق وراء الآخر حتى وإن كان حاكما عربيا، فحكام أمتنا العربية ما زالوا يمارسون كل الطرق المتاحة لإرهاب شعوبهم وحشرههم فى زاوية ضيقة لإرهاقهم وتقزيمهم وإذلالهم وتجريدهم من صفة «مواطن» ليصبح مجرد «رعية» أو رقم لا دور له سوى التصفيق بأمره وتأليهه والولاء المطلق له وإلا واجهته آلة القمع والتعذيب والاستبداد والسجن والموت كما يحدث لشعوب شقيقة تجاورنا وتربطنا بها العقيدة والمصاهرة والدم!!
احترامًا لنفسى وللقارئ وإجلالًا للموقف الصعب الذى يعيشه المجتمع الصحفى الآن بعد حكم حبس النقيب واثنين من مجلس نقابتنا.. لن أرد على عضو المجلس الأعلى «للسخافة» الذى بادرنى باتصال عقب نشر المقال السابق، ولن أنزلق فى أوحال حوار كان منطقه التدنى، والإسفاف، وأتفق تماما مع ما خطه كاتبنا المحترم غسان شربل فى مقاله الرائع بجريدة «الحياة»: شاءت المصادفة أن أكون صحفيًا فى حقبة الانحدار الكبير وأن أعرف هذه الملاعب الغارقة فى الوحل والدم والحطام وأن أحاور أصحاب القرار فيها، لستُ مجروحًا من عتمة الماضى، ولا من قسوة الحاضر.. أنا مذعور من ضراوة المستقبل القريب.. لست خائفًا من فشل الحكومات.. أنا خائف من فشل المجتمعات وطبيعة المعارضات والأفكار الغدارة المسنونة والجامعات المعتمة، والمدارس التى تنتج الجنازات.. لم نتوقع يومًا هذا الإعصار من الوحل والدم»!!