يا عينى عليكى يا مصر بقيتى ملطشة لكل من هب ودب، فى خلال أقل من ٢٤ ساعة ينهمر علينا سيل من الاكاذيب والدعاوى عن ضرورة المصالحة مع إخوان حسن الساعاتى، ويطلع علينا نائب المرشد العام لـ«الإخوان المسلمين»، إبراهيم منير، فى صحيفة «عربى ٢١» الإلكترونية يدعو من وصفهم بـ«حكماء الشعب» المصرى أو «حكماء الدنيا» لرسم «صورة واضحة للمصالحة» بين السلطات المصرية والجماعة.
ويطل علينا على الفور الوجه القبيح لحكماء الدنيا آتيًا عبر البحر الأحمر من مملكة آل سعود طارحًا بنودًا متكاملة لمصالحة مكتوبة فى آخر الليل.
المشهد لم يفوته عراب الإخوان لدى الأسياد الأمريكان الأسطى سعد الدين إبراهيم، خبير علم الاجتماع السياسى، وصاحب مركز ابن خلدون، ليقول إن ثمة مؤشرات على قرب تحقيق «مصالحة وطنية تاريخية» فى مصر، وأوضح إبراهيم فى تصريحات نقلها موقع «رأى اليوم» أن أبرز تلك المؤشرات «ظهور المشير طنطاوى فى ميدان التحرير وحديثه مع بعض المواطنين عن ضرورة العيش معا كأبناء وطن واحد، وقرار إلغاء حكم الإعدام الصادر بحق (الرئيس المصرى الأسبق) محمد مرسى وبعض قيادات الإخوان، وحديث الدكتور محمد البرادعى الأخير عن غسل يديه من دماء فض رابعة والنهضة وتبرئة ساحته»، وأضاف إبراهيم أن «الأجواء الآن مهيئة بالفعل لمصالحة وطنية تاريخية، وطى صفحة الماضى والتطلع للمستقبل».
ويأتى الخبر اليقين من جريدة «الشروق» وثيقة الصلة بالجماعة إياها حيث كشفت مصادر قيادية بجماعة الإخوان مقيمة فى المملكة العربية السعودية، عن أن هناك مساعى منذ فترة لما سمته «حلحلة» فى الوضع الحالى بين الحكومة المصرية والجماعة.
وأوضحت المصادر التى تحدثت لـ«الشروق» فى أعقاب تصريحات نائب المرشد العام للجماعة، إبراهيم منير، والتى دعا فيها من سماهم بـ«الحكماء» لبلورة صيغة للمصالحة بين الجماعة والدولة، أنهم طرحوا ما سموه بـ«اتفاق تسوية»، وليس اتفاق تصالح.
وكشفت المصادر تفاصيل الاتفاق الذى يقضى بتجميد الإخوان العمل السياسى لمدة ٥ سنوات، بحيث لا يشاركون خلالها فى أى عمل سياسى حتى الإدلاء بأصواتهم فى الاستحقاقات الانتخابية، ولا يقومون بأى عمل مناهض للسلطة الحالية، على أن يكونوا فى الوقت ذاته غير مطالبين بتقديم اعتراف رسمى بها، مؤكدين أن الاتفاق يتضمن تجميد الموقف الحالى، وفى المقابل يتم الإفراج عن السجناء وعودة المطاردين والمهجرين إلى منازلهم وأعمالهم السابقة.
وأشارت المصادر إلى أن «الاتفاق سيكون برعاية وضمانات سعودية» بحسب تعبيرهم.
وحول الطرف الذى ستتواصل معه الحكومة المصرية فى الداخل حال الموافقة على المبادرة، قالت المصادر: «هم يعلمونه جيدا وجلسوا معه فى السابق»، فى إشارة إلى أحد أعضاء الفريق الرئاسى السابق للرئيس الأسبق محمد مرسى.
هكذا تم إعداد «الطبخة» جيدًا بالضغط الاقتصادى من ناحية والتشهير السياسى الدولى من ناحية أخرى لإجبار النظام على قبول المصالحة غير البريئة.
هكذا يأتون إلينا وبراءة الأطفال فى أعينهم حاملين الزهور الملوثة بدماء الشهداء من أبناء الشعب المصرى من المدنيين والعسكريين ويقولون لنا «اللى فات مات وإحنا ولاد النهارده».
ويعود الأخ سعدالدين إبراهيم لممارسة هوايته المفضلة فى البث على كل المواقع، ويحكى تفاصيل جديدة عن مبادرة المصالحة مع جماعة حسن الساعاتى ويقول فى تصريحات لموقع «٢٤» الإماراتى، إن المبادرة جاءت بصفة شخصية منه، وتواصل مع قيادات كبرى فى تنظيم الإخوان، لاسيما القيادات التاريخية، التى رحبت بمبادرته للمصالحة، وأبدت استعدادها لتقبلها، ونشرها بين شباب الإخوان. وأضاف: «لم تأت المبادرة بتكليف من الدولة أو أى من قياداتها، ولا علم للدولة المصرية أو الحكومة بها، ولم تطلب الدولة التواصل مع الإخوان لمصالحة أو غيرها، لكن تلك المبادرة تأتى ضمن مبادرات جاءت وفقًا لرؤية أن الشعب المصرى لحمة واحدة، والوطن يبنيه جميع أبنائه، وأن المصالحة آتية دون شك، طال الزمن أو قصر». وأكد مدير مركز ابن خلدون، أنه تواصل مع بعض الشخصيات المستقلة المحايدة، التى لها اعتبار لدى المصريين.
قطع.. للتذكرة بتلك الشخصيات التى لا مؤاخذة مستقلة وكنا قد كتبنا مرارا وتكرارا عن تلك الشخصيات ومبادراتها التى لا شاغل لها إلا عودة الأوضاع لما كانت عليه قبل ثورة ٣٠ يونيو.. وفى كل مرة تتعدد الأسماء لكن الموت واحد.. مرة سليم العوا وأخرى طارق البشرى وثالثة أحمد أبوالمجد ورابعة وخامسة وسادسة.. وبالمناسبة كلهم دكاترة وأسماء لامعة.. وأصحاب مقام رفيع فى المجتمع والجماعة، لكنهم يشتركون جميعا فى مرض أصابهم على كبر هو عمى الألوان.. وكانوا يتحدثون فى مبادراتهم دائما عن رؤيتهم لحل الأزمة بين طرفى النزاع، ناسين أو متناسين أن طرفى الصراع بعد كل الدماء المستباحة هما الجماعة الإرهابية وعموم الشعب المصرى، وكأن هؤلاء الدكاترة من كوكب آخر أو هبطوا علينا من مركبة فضائية، بينما نعلم جميعا أن كلًا منهم له صحيفة سوابق مع إخوان حسن البنا.
لكن الغريب - وإن كان أصبح مفهومًا الآن - أن يتبرع قبل عدة أشهر السيد وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، المستشار الدكتور مجدى العجاتى، فى حواره مع «اليوم السابع « بتصريح غريب قال فيه: إن مشروع قانون العدالة الانتقالية يستهدف أن يعود المجتمع المصرى نسيجا واحدا. مشيرا إلى إمكانية أن يكون هناك تصالح مع عناصر جماعة الإخوان.
وقتها فشلت دعوة العجاتى لتلك المصالحة الحرام، رفضها الشعب المصرى - جهة الاختصاص الوحيدة - رفض أن يعود ببساطة الإخوان المجرمون وتوابعهم من كل المنظمات والحركات الإرهابية بنص القانون والدستور أو بغيره.
كان كلام الأخ العجاتى عمن لم تتلوث أيديهم بالدماء هو كلام مصاطب، ولنا فى اغتيال الشهيد فرج فودة عبرة، من أطلق الرصاص كان أميًا جاهلًا لم يقرأ كلمة مما كتبه الدكتور فرج فودة، ولكنه اتبع فتوى المشايخ من أمثال صلاح أبوإسماعيل والغزالى والأزهرجية الذين كفروه وأحلوا دمه.
لم يقل لنا وقتها الأخ العجاتى وتوابعه داخل أجهزة الدولة عن أصحاب فتاوى حرق وتدمير الكنائس وتهجير الأقباط وتكفير جنود مصر فى الجيش والشرطة وحل دمائهم حتى فى نهار رمضان، وكل هؤلاء المشايخ لم تتلوث أيديهم بالدماء ويأكلون بالشوكة والسكين ونجوم على الفضائيات وأرقام حساباتهم فى البنوك والمصارف تزيد على العشرة أرقام. ولنا فى الأخ القرضاوى أسوة حسنة.
وقتها أيضًا كشف الدكتور ثروت الخرباوى، القيادى السابق بجماعة الإخوان، وهو شاهد من أهلها، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» عن سر العجاتى، وقال الخرباوى للعجاتى «قد نقبل منك أن تكون صديقا حميما لعصام سلطان فكثير منا كان من أصدقائه، وقد نقبل ونفهم أن تكون صديقا لعصام العريان فبعض كبار الإعلاميين كانوا يسعون عنده لا غضاضة فى ذلك، وقد نعرف أنك كنت من المقربين لسليم العوا، فبعض الناس كانت تسعى إليه فى زمن من الأزمنة، وقد نفهم قطعا علاقتك كتلميذ من تلاميذ المستشار طارق البشرى، فكثير من رجال مجلس الدولة كانوا من تلاميذه، وقد نفهم الدواعى التى جعلتك فى زمن مبارك تصدر العديد من الأحكام القضائية لمصلحة الإخوان، قد تكون لك رؤيتك القانونية، ولكننا لا نفهم أبدًا أن تخلط علاقاتك الشخصية والعاطفية بمهامك التنفيذية أيها الوزير.
عودة.. هكذا تتشابك المصالح وتتصالح ويعود السادة الأفاضل من داخل جهاز الدولة أو خارجه للمشهد مرة أخرى وتعود مبادرات الصلح المشبوهة المصبوغة بلون الدم وهذه المرة تحت رعاية مملكة آل سعود هل من مزيد!!.