إنها صرخة ألم، تحمل في طياتها كل معاني الأمل، تحاول رسم درب لعلاج أوجاع الإعلام المصري، الذي أصابه كل الأمراض من «فساد ونفاق، وتطبيل، ومعارضة مدفوعة»، ذلك الهاشتاج الذي أطلقه خريجو الإعلام احتجاجا على ما تم الموافقة عليه بشكل مبدئي في لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب بشأن مشروع قانون نقابة الإعلاميين.
القانون الجديد الذي يحمل مادة تشير إلى اقتصار عضوية النقابة الوليدة على مزاولي المهنة دون خريجي الإعلام وأقسامه، ما هذا القبح؟!، لماذا الإصرار على إطلاق رصاصة الغدر؟!، أنتم تقتلون آخر أمل لإعادة الحياة للإعلام المصري، الذي فقد كل مصداقيته بعد أن أغار عليه المرتزقة وأشباه الصحفيين.
الهدف هنا ليس الدفاع عن حق أصيل لخريجي الإعلام في الانضمام إلى نقابتهم المهنية الوليدة، بل المطالبة بمنع غير خريجي الإعلام والصحافة من الانضمام لنقابتي «الصحفيين، والإعلاميين».. سيخرج هنا صوت قميء ليقول، الصحافة موهبة.. الصحافة .... الصحافة... الصحافة... مؤسسو الصحافة المصرية.. وهكذا، ويفند الأدلة ويطرح الأمثلة ويقول كذبا وافتراءً ثم يقف شامخا وبكل صلافة ووقاحة ليقول:«خريجو الإعلام لا يصلحون.. المهم الموهبة والممارسة»، وعندما تواجهه بواقعه الأليم « تنهمر دموعه على وجنتيه».
أما إذا استمعت لهذا الصوت القميء، فدعونا نعزف سيمفونية الفساد سويا، وأسمحوا لنا بالعمل في «الطب، والهندسة، والمحاماة»، فآباء تلك المهن ينطبق عليهم نفس معيار التقييم لمؤسسي الصحافة، ونعدكم بأن نمارس تلك المهن بكل سهولة، وسنحقق رقما قياسيا في إفسادها مثلما فعل «غير خريجي الإعلام وأقسامها» في الصحافة.. وننظم مظاهرة سويا رافعين شعار «نقابل الفساد بفساد أعمّ.. ونهتف هذا هو الناموس»، وتصبح «شبكة الفساد أكبر من شبكة الصرف الصحي».
لكن إذا أردت أن ترسي قاعدة للعمل الصحفي والإعلامي في مصر يجب أن تكون هكذا: «كل خريجي الإعلام يصلحون إلا ما ندر.. وكل خريجي غير الإعلام لا يصلحون إلا ما ندر»، ولا يجب أن يكون الاستثناء «ما ندر» هو القاعدة التي جعلت من نقابة الصحفيين مأوى لكل شارد.
نحتاج لكتابة موسوعات لترصد كم الأمراض التي أصابت العمل الصحفي والإعلامي جراء السماح لـ«خريجي غير الإعلام» فإليك منها: «السبوبة، التطبيل، النفاق، نحن في خدمة المصدر، الدفع قبل النشر، الرحلة المقدسة لمكتب رئيس التحرير.. عصفورة صباحا وصولي ليلا منافق في كل الأحوال.. إلخ»، وكلها تحتاج إلى مشرط الجراح الماهر ليوقف زحف الدخلاء على مهنة الصحافة والإعلام.
قد تكون الكلمات إقصائية.. عنصرية.. مستبدة، لكنها في كل الأحوال أقرب إلى العدالة والمساواة، فـ«خريجو الإعلام وأقسامه» يحرمون من عضوية نقابة الصحفيين منذ سنوات لصالح «....»، والآن سيحرمون أيضا من نقابة الإعلاميين الوليدة لصالح «...»، وكلنا نعلم كيف يمهد لـ«..» الطريق لعضوية الصحفيين واحتلال الشاشات لمجرد امتلاك لعقد مع الصحيفة، ونعلم أيضا كيف يتعذب «خريجو إعلام» لو جن جنونهم وفكروا في العمل في «الصحافة أو التليفزيون أو الراديو»، وفي الغالب تتقطع بهم السبل في النهاية بسبب «الفساد والواسطة والمحسوبية» في التعيينات لصالح آخرين أقل مهنية وكفاءة وفكر منهم.
ورسالة إلى السادة أعضاء لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب وكل من له علاقة بالقيد في نقابتي الصحفيين والإعلاميين: «لا تظلمن إذا ما كنتَ مقتدرًا.. فالظلمُ مرتعُه يفضي إِلى الندم.. تنامُ عينك والمظلومُ منتبه.. يدعو عليكَ وعينُ الله لم تنمِ.. إِياكم أن تظلموا أو تناصروا إلى الظلم إِن الظلمَ يردي ويهلك.. فدار الظالم ظلام ولو بعد حين».
ولزملاء الأمس والحاضر والمستقبل من خريجي الإعلام والصحافة: «ما دام في قلوبنا أمل سنحقق الحلم سَنمضي إلى الأمام ولن تقف في دروبنا الصِعاب لندخل في سباق الحياة ونحقق الفوز بعزمنا، فاليأس والاستسلام ليسا من شيمنا».
وأخيرا تعليق الدكتور محرز غالي، أستاذ الإعلام، على مناقشات لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب عن قانون الإعلاميين.