الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

استمارة تجسس للمسلمين فقط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنا فى صيف عام ١٩٩٨ عندما نشرت تحقيقًا صحفيًا فى مجلة صباح الخير حمل عنوان (استمارة مشبوهة للمسلمين فقط).
كان مركز بن خلدون للدراسات قد شرع فى توزيع استمارات استبيان عبر باحثين لملء بيناتها بشكل عشوائى من قبل المواطنين الجالسين على المقاهى.
الاستمارة كانت تخاطب المواطنين المسلمين فقط وقام مركز بن خلدون بجمع بياناتها لصالح باحث أسترالى بجامعه سيدنى وبتمويل من مؤسسة (فورد فونديشن) دون أن يحصل على موافقة الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. طبقت الاستمارة فى مصر ضمن بحث موسع ضم عدة دول بمنطقة الشرق الأوسط، غير أن اللافت فيها أنها كانت تسأل عن أساليب ممارسة الطقوس الدينية ومدى ثقة المواطن المسلم فى مؤسسات الدولة بدءًا من المدرسة الابتدائية وصولًا إلى مدى ثقته فى قوة وقدرة الجيش المصرى إذا خاض حربًا. 
حينها قمت بعرض الاستمارة على نخبة من أساتذة الاجتماع والتحليل الإحصائى وتحليل المضمون، الذين أجمعوا على أنها استمارة تجسس مشبوهة متعددة الأغراض (الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية والعسكرية). بعد أسبوع من نشر التحقيق رفع جهاز مباحث أمن الدولة تقريرًا إلى وزير الداخلية أكد فيه تلقى مركز بن خلدون تمويلًا أجنبيًا ليقوم بعمل أنشطة ودراسات ميدانية إلا أنه لا يوجد إطار قانونى يمكن متابعته أو محاسبته من خلاله. 
هناك مئات الأبحاث المشابهة التى أجرتها جمعيات ومؤسسات حقوقية دون رقيب أو حسيب ولصالح مؤسسات تمويل أجنبية تعمل كغطاء لأجهزة استخبارات دولية.
بعض تلك المؤسسات المصرية غير خاضعة لإشراف وزارة التضامن الاجتماعى، وتم ترخيصها كشركات غير هادفة للربح، وواقع الحال فإن جميعها لا يخضع لرقابة حقيقية بسبب فساد موظفى التضامن الاجتماعى الذين يتقاضون رشاوى لتسهيل الحصول على موافقة الوزير لصرف منح الممول الأجنبى دون مراجعة دقيقة لطبيعة المشروعات الممولة وحقيقة أهدافها. عمل معظم المؤسسات الحقوقية لا يتوقف عند حد مراقبة مدى التزام الحكومة وأجهزتها التنفيذية بحقوق الإنسان أو رصد الانتهاكات التى يتعرض اليها المواطنون، وإنما يتجاوز ذلك إلى إعداد تقارير تجمع معلومات دقيقة عن تفاصيل حياة المصريين بدءًا من شكل ومحتوى منازلهم، مرورًا بمعدلات وأوجه إنفاقهم وصولا إلى رصد انطباعاتهم وآرائهم فى مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، علاوة على نمط حياتهم الدينية والثقافية.. إلخ. 
ورغم مطالبة هذه المؤسسات للحكومة المصرية بالتزام قواعد النزاهة والشفافية إلا أن أغلب ما تصدره من تقارير عن حالة حقوق الإنسان فى مصر يفتقد أبجديات تلك القواعد ذلك أنها عندما ترصد انتهاكًا يقع هنا أو هناك لا تقدم رد الحكومة أو الجهة المعنية بالانتهاك المرتكب بشكل مباشر وهو ما يجعل تقاريرها محض إفتراء على الدولة المصرية واعتداء على الحقيقة المجردة. 
وهذا ما يفسر تحول تلك المؤسسات والجمعيات الأهلية إلى منصات حزبية تطلق من خلالها رسائل سياسية معارضة تخدم الانتماءات الأيديولوجية لأصحابها ومعظمهم ينتمى إلى التيار اليسارى بتنويعاته المختلفة وبعضهم خلايا نائمة تعمل لصالح جماعة الإخوان الإرهابية.
إلى ذلك يدعى رؤساء جمعيات حقوق الإنسان سعيهم إلى نشر ثقافة الديمقراطية وقبول الآخر واحترام حقوق الأقليات بينما هم أبعد ما يكون عن الديمقراطية، حيث تكاد تنعدم عملية تداول السلطة داخل مؤسساتهم حتى أصبحت كل جمعية معروفة باسم صاحبها وكأنها (عزبة أبيه).
أما مسألة قبول الآخر وحقوق الأقليات فلم تكن سوى شعارًا براقًا لإثارة الفتن الطائفية والعرقية، ويحسب على هذه المؤسسات أنها من سعى لإقحام مصطلح الأقلية المسيحية والنوبية والبدوية على المجتمع المصرى الذى لم تعرف ثقافته التمييز بين المصريين على أى أساس.
قانون الجمعيات الأهلية الجديد يهدم الفلسفة التى أنشئت على أساسها معظم المؤسسات الحقوقية، ورفضهم له يفضح حقيقة الأدوار التى يلعبونها ولن يقبل به إلا حقوقى لم يثر على حساب أمن واستقرار وطنه.