الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"التنمية" هي مفتاح نهوض جواد اقتصادنا من كبوته

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الاقتصاد المصرى جواد حر أصيل، ولكل جواد كبوة، وتمر مصر حاليا بظروف صعبة جدًا، لم تمر بها من قبل. أزمة اقتصادية طاحنة نعيشها الآن، لم تكن نتاج يوم، بل هى رصيد عشرات السنين من السياسات الخاطئة واتضحت الأزمة الاقتصادية بجلال فى الشهور الأخيرة، بعد أن تحولت مصر منذ يناير ٢٠١١ وحتى الآن إلى سوق ضخمة لاستيراد كل شيء، وتوقفت كل عوامل الإنتاج فى البلد. 
فأغلب المصانع تعطلت، والبعض منها أغلق بالكامل، ومنها من يعمل بنصف الإنتاج، واستغل البعض حالة الفوضى فى البلاد وقام باستيراد بضائع رديئة، لرخص ثمنها، وأغرق بها الأسواق، فساعد ذلك على إغلاق ما تبقى من مصانع مصرية كانت تصنع منتجات عالية الجودة بالمقارنة بالبضاعة السيئة التى تم استيرادها. 
فمن يتخيل أن مصر قلعة صناعة المنسوجات بكل أنواعها، والجلود بكل أشكالها، وغيرها من المصنوعات التى كانت تتميز بها، أصبحت أغلب صناعاتها متوقفة، بل وأغلق العديد منها، لتتحول مصر إلى مستهلك شره فقد شهيته الإنتاجية.
من أجل ما سبق، أرى أنه لا بد من وقفة حقيقية للتصدى لسيل التدهور المخيف للاقتصاد المصرى، وإعادة بنائه على أسس أقوى، من خلال التنمية المستدامة التى تحتاجها الدولة المصرية، ونحن هنا لا نتكلم عن تعويم الجنيه أو سعر الدولار، المهم هو التنمية الحقيقية بإعادة فتح المصانع لتعمل بكامل طاقتها.
فمصر تحتاج إلى خطة حقيقية للتنمية، من خلال خلق بيئة صالحة لإنشاء عشرات المدن الجديدة، خارج النطاق الضيق الذى نعيش فيه، عن طريق استغلال الظهير الصحراوى لكل مدينة قائمة حاليًا، بأن يتم بناء أخرى فى جوارها، تحمل نفس الاسم مضافًا لها كلمة «الجديدة»، تكون بهذه المدن كل مقومات الحياة، كما هو الحال فى مدينة شرق التفريعة ببورسعيد والتى تحتوى على ١٩٠ ألف وحدة سكنية، على أحدث طراز أوروبى، وبجوارها كم هائل من المصانع والمزارع السمكية، بالإضافة إلى ميناء شرق التفريعة، الذى يضم أطول رصيف بحرى فى العالم يتم إنشاؤه حاليًا.
مصر فى حاجة إلى نشر مدن زراعية فى الأظهر الصحراوية لمدنها، مثل ما حصل فى مدينة الفرافرة. هذا النموذج يجب أن يعمم، ليس فى محافظات الصعيد فقط، بل فى كل محافظات مصر، لزراعة ما يقرب من ٦٠٠ ألف فدان، بعد أن زرع فعليًا عشرة آلاف فدان بطريقة نموذجية، يصاحب ذلك السعى للارتقاء بطريقة الزراعة المتبعة. 
فطريقة الزراعة الفرعونية القديمة انتهت من كل العالم، وهى الزراعة بالغمر، تلك الطريقة تهدر علينا كميات كبيرة من المياه، ما يستوجب البدء فى الاتجاه نحو الزراعة بالطرق الحديثة، مثل الرى بالتنقيط أو بالرش، مع استخدام الصوب الزراعية لمضاعفة الإنتاج لأكثر من ثلاثة أضعاف للفدان الواحد، بالإضافة إلى الاستثمار فى البشر، عن طريق تغيير منظومة التعليم، التى لا بد أن تكون مواكبة للعصر الحديث، وكذلك الاستثمار فى الصحة من خلال مشروع تأمين صحى شامل.
وعلى الدولة ممثلة فى الحكومة أن تعطى للمستثمرين الجادين الفرصة كاملة للعمل فى مصر، وتشجعهم بتسهيل الإجراءات، كما يحدث فى كل دول العالم، هذا بالتوازى مع مراقبة الأسواق، وتشريع القوانين التى تحمى المواطن من الاحتكار والاستغلال.
ويبقى المشروع الأقرب إلى التنمية المستدامة، وهو ما تقدم به الدكتور فاروق الباز، المسمى بـ«ممر التنمية»، الذى يبدأ من الإسكندرية حتى أسوان، ذلك المشروع يخلق مجتمعًا جديدًا بكل مدنه وقراه، على مستوى حديث، تكون به مشروعات زراعية وصناعية تجذب المواطنين للانتقال إليه.
مصر تحتاج الآن قبل أى وقت إلى التنمية المستدامة، التى يمكن أن تخرجها من أزمتها فى بضع سنوات، كما فعلت من قبل البرازيل وغيرها من الدول التى عانت أزمات اقتصادية طاحنة مثلنا، لكنها استطاعت فى أقل من عشر سنوات أن تخرج من كبواتها، لتتحول إلى دول متقدمة اقتصاديًا، ووضعت فى مقدمة دول العالم، التى نرجو من الله أن تكون مصر مثلها فى القريب العاجل.