طب اكتب ليه.. ولمين.. واكتب إيه أصلا.. يبدو أن الأمر سيتحول إلى مشكلة وجودية بالنسبة لى.
لقد غادرت أهلى وقريتى منذ ٣٠ سنة بالتمام والكمال.. من أجل هذه المهنة.. رضينا بالهم والهم مش راضى بينا، زى ما بيقول المثل.. لا حصانة.. ولا شهرة.. ولا فلوس.. وآخر «المتمة».. حبس كمان.. وحبس مين.. حبس نقيب الصحفيين.. المسألة مش يحيى قلاش بالمناسبة.. يحيى زى أى حد فى البلد.. يغلط يتحاسب.
المسألة أن المناخ برمته أصبح معاديا لنا.. لمن يملكون القدرة على العناد والعمل فى هذه المهنة والتى لم تعد تصلح لأى شخص حقيقى.. وصار أفرادها من أصغر رأس لأكبر رأس ملطشة.. بلا رادع لكل من أراد أن يفضفض بقينا باختصار -حيطة مايلة- علشان كده أنا مش مندهش ولا زعلان من السيد وزير الصحة -آسف معالى وزير الصحة- لما خرج من يومين ليؤكد أن الإعلام «شوه سمعة الصحة فى مصر».. بص يا معالى الوزير إحنا مش هنختلف معاك.. ولا هنطالبك بإثبات ما تدعى.. ولا هنزق محامى يرفع عليك قضية ويتهمك بنشر أخبار كاذبة.. ولا هنتهمك بالإساءة إلى «هيئة من هيئات الدولة».. ولا بالتحريض على «السلطة الشعبية» ولو عايز تقرأها -السلطة- بفتح السين واللام والطاء ما عنديش أى مشكلة ما هى بقت سلطة فعلا.. ومخلل باذنجان كمان.
اطمئن يا معالى الوزير.. أنا أزيدك من البيت شعرا كما يقول العرب.
الإعلام.. مقروء ومرئى ومسموع هو من رفع سعر الدولار وخفض سعر الجنيه.. وهوه اللى وقع الطيارة بتاعت روسيا وحرق طيارة فرنسا.. الإعلام المصرى طبعا هو اللى دمر السياحة.. وتحالف مع الإرهابيين وأدخلهم مجلس الشعب.. وهو برضه اللى دمر الزراعة فى مصر.. وأدخل المبيدات المسرطنة إلى البلاد وحتى لا تنتهى بالمغالاة سأقول لك إن الأدلة تؤكد أن موظفا كبيرا بوزارة الزراعة تم ضبطه على الطريق الصحراوى من سنوات متهما بالرشوة الجنسية لإدخال المبيدات.. وأنه لم يكن الفتى المدلل لزميلك وزير الزراعة السابق ولا حاجة.. ولولا أن الإعلام نشر وقائع الضبط وتفاصيل جلسات المحاكمة ما كان حد حتى ولا خد خبر.
وكمان يا معالى الوزير.. الإعلام هو السبب فى زيادة معدلات الفشل الكلوى والسرطانات فى البلاد.. بعد أن تسبب فى إسناد عمليات محطات الشرب بالأمر المباشر لشركة نسيب وزير سابق أقرت زوجته أنه يمتلك ما يزيد على المليار بقليل.
والإعلام برضه من ترك السماسرة والهليبة يمرحون بتجريف الأرض الزراعية وبناء قوامير الطوب محلها.. لأنه لو ماكانش نشر حاجة عن العمليات دى كانت ستنحصر وتزول وماحدش يحس بيها.
الإعلام برضه هو اللى باع تراث السينما فى البلد لمليونير عربى.. وهو برضه اللى أهدر مئات الملايين من الدولارات فى مستشفيات لا يسكنها أحد.. وهو برضه اللى بيحرض المرضى إنهم يرموا نفسهم فى الشارع ويزعموا إن مافيش سراير فى المستشفيات.
تصور معاليك الإعلام المفترى ده.. هو اللى طرمخ على الملايين التى صرفت على «تحديد النسل» من أيام حسانين ومحمدين.. شفت معاليك حسانين راح فين.. ويا ترى عندك فكرة أولاده وأحفاده أخبارهم إيه دلوقتى.. ماحدش للأسف فى الإعلام اهتم إنه يروج لإنجازات وزراء الصحة فى مصر ودورهم الرائع فى «قطع خلف المصريين»، ولا حد كتب عن دور «إدارة العلاج الحر» العظيم فى نشر عيادات الحجامة.. ومستشفيات بير السلم اللى بتعالج بالأعشاب.. والذى منه.
تصور يا معالى الوزير الإعلام الفاسد ده.. وصلت بيه البجاحة -عينى عينك كده- إنه ينشر إعلانات يوميا فى المحطات عن الحاجات التى بتعالج «قلة الأدب» وبينشر تليفوناتها كمان.
الإعلام حتما هو المسئول عن زيادة أسعار ألبان الأطفال.. هو الذى أحرج الجميع وجعل القوات المسلحة تتدخل لإنقاذ ما يمكن.. الإعلام الفاجر معاليك هو المسئول عن اختفاء الأمصال من المستشفيات والمحاليل من العيادات.. هو المهمل والمذنب والمخرب.
تصور معاليك الإعلام ده.. هو اللى جاب واحد من أعز أصحابك وعينه فى مكتبك ثم جاء بالأجهزة الرقابية لتضبطه متلبسا بالرشوة فى مبلغ تافه -يا دوبك خمسة ملايين جنيه- وشوف معاليك الجيرة، ده كمان اتقبض عليه فى المكتب اللى جنب مكتبك على طول.
الإعلام يا معالى الوزير مسئول عن العبارة التى أغرفت المصريين ومسئول عن مراكب الهجرة غير الشرعية والشرعية.. وعن تسريب امتحانات الثانوية العامة.
تحب أزيدك من الشعر بيت تانى.. ولا كفاية كده.. بس أنا ليا عندك خاطر.. يا ريت سعادتك تكفى الميزانية اللى انتو عاملينها فى الوزارة لنشر إعلانات الترويج لوزارتكم.. مالهاش لازمة.. ما ينفعش سعادتك تدعم إعلام مزيف ومضلل.. ده عيب فى حقك.. وبعدين إنجازات حكومتكم الموقرة لا تحتاج للكلام عنها.. الناس عارفة وشايفة وحاسة وعاجزة عن الشكر كمان.. ويا ريت بالمرة تعلن مقاطعتك للظهور الإعلامى فى الفضائيات كلها من نفس الجنس المؤذى.. وأخيرا لو فيها رزالة يعنى.. يا ريت تقول لمكتبك مايبعتش بيانات للصحف والمجلات.. ويتعبوا نفسهم مع ناس «مجرمة» ومش عارفة مصلحة البلد.. وبعد ده كله معالى الوزير.. ادعوك إلى سماع مثل بلدى بيقول «تكلم اللى مش عارف اسمها إيه.. تلهيك وتجيب اللى ما عرفش اسمه إيه.. فيك».