عبارة موجعة جاءت على لسان القدير عادل إمام فى فيلم «عمارة يعقوبيان» ردا على سؤال فتاة الليل عندما سألته عن سبب كونه عاطلا عن العمل لا يعمل فى مهنته.
وليقين القائمين على مشروع «الملهم» بأهمية العلم وإيمانهم بقدرة العالم أن يكون ملهما تصدى المجلس الأعلى للثقافة وبدعم أمينه العام الدكتورة أمل الصبان التى خصصت لقاءات وفتحت قاعات المجلس لاستقبال علمائنا كملهمين فى حوارات مفتوحة متاحة للجميع وتحديدا الشباب.
وبحماسة وجهد ودأب مهندسة المشروع المبدعة الكاتبة رشا عبدالمنعم ورعاية السيدة منى شاهين مديرة مشروع «التحرير لاونج -جوته»، خرج ذلك المشروع القيم للنور والذى يقوم على فكرة استضافة عالم من علماء مصر ممن نبغوا فى الخارج وتحديدا ألمانيا استضافة مشروطة بزيارة «الملهم» ولقائه بأجيال اليوم فى ذات المدرسة والجامعة التى درس فيها هذا العالم على أرض بلادنا، حيث نجح وتفوق على هذه الأرض الطيبة وانطلق منها للعالمية.
لقاء علماء مصر النابغين بطلبة اليوم سواء فى نفس المدارس أو الجامعات التى درسوا فيها فكرة لا تعكس فقط حقيقة تعاقب الأجيال وتؤكدها، بل هى فكرة تقوم على جعل جيل اليوم يؤمن بأن ما قد يظنه مستحيلا هو ممكن جدا وبالدليل والبرهان القاطع الكائن والماثل أمامهم، وبالتالى لفت أنظار جيل اليوم لحقيقة وواقع يقول «أترون».. لقد كان هذا العالم المرموق هنا.. مثلكم أنتم.. جلس على نفس المقاعد ومشى فى ذات الأروقة واستند لذات الحوائط وقرأ كتبا مماثلة وربما أقل مما يتاح لكم الآن فى مكتبات لم تكن التكنولوجيا قد وصلت إليها بعد.. أربعة ملهمين كانوا هنا.. مثلكم أنتم.. ليسوا أفضل منكم.. فلتفعلوا إذن ما فعلوا.. حددوا أهدافكم واضبطوا صلتكم.. اتخذوا القرار واسعوا وراءه يأتكم ولا يخطئكم.. إذا أردتم بحق ستستطيعون.. الأمانى الطيبة وحدها لا تكفى.. الأحلام لا تحقق نفسها بنفسها.. المجتهدون هم فقط مستحقوها.
القدر سيتآمر حتما لصالحك إن آمنت بقدرتك على اللحاق به.. المقاصد لها سالكوها والتيه أو السكون له طالبوه ومريدوه فاختاروا.. لقد اختاروا هم فتحققوا.. وحققوا للعالم ولأنفسهم إنجازات وضعتهم فى مصاف الملهمين النوابغ كل فى مجاله.
لقد جاء إلينا فى مشروع «الملهم» وعاد إلى أرضنا أبناء لم يضلوا الطريق بل أناروه.. فاستقبلتهم أرضنا وناسها استقبالا يليق بالابن غير الضال.. الابن البار والملهم الذى عاد بأكاليل العلم ليتوج بها رؤوس شبابنا الآمل فى الغد الأفضل الطامح للعلا والترقى كحق إنسانى أصيل وفطرة لم تفسد فتأمل وتتوق للمجد والعيش الكريم.
جاءنا «ملك الأنهار» الدكتور هانى سويلم متوجا بعلمه ليلهم طلبة جامعة الزقازيق «جامعته الأم» بعد أن أصبح المدير الأكاديمى لقسم هندسة المياه بجامعة «أخن» الألمانية والذى حل مشكلة مياه نهر «الراين» ونيلنا يئن وأبناؤه يمرضون.
جاءنا مكتشف «جين جديد» أحدث فرقا وثورة فى علاج الأمراض الجلدية.. هو الدكتور مسعد مجاهد المصرى السكندرى الذى زار جامعته فى عاصمة الثغر وألقى محاضرة فى مكتبة الإسكندرية ليلحق الحاضر بالماضى ويغزل لوحة جديدة فيها عراقة ودأب الماضى مضيفا إليها آمال الغد الأكيد.
ثم جاء إلينا «ملك الطواحين فى بحر الشمال» الدكتور خالد عبدالرحمن الذى بنى طواحين أنار بها مدنا وقرى.. فوفر وزود ألمانيا بمصادر للطاقة جعلتها تستغنى عن الطلب والعوز والسؤال وحمى بيئتها وتربتها من التلوث.
رأى الدكتور خالد فى جولاته -كما يرى الملهم- وجوها تتوق للسفر.. تحلم بالرحلة الكبرى وصعود الجبال لبلوغ الطواحين طولا وعرضا.. حماسة رهانها الغد فى وجوه طلبة مدرسة «طبرى روكسى» مدرسته التى شهدت بدايات تفوقه ونبوغه، أما الدارسون فى هندسة عين شمس «جامعته التى يراها لا تقل أهمية عن جامعة هانوفر» فكان شيئا معتما غير منير ظاهرا على الوجوه عله يزول وتتبدل العتمة إلى نور.
وتستمر حوارات الأمكنة والوجوه مع نقيب المهندسين الألمان الحاصل على أعلى وسام استحقاق ألمانى تكريما له ولجهوده فى خدمة العلم والمجتمع والممنوح له من قبل رئيس الجمهورية الألمانى.. إنه النابغة الملهم الدكتور فيكتور رزق الله، الذى علم علماء ومستمر فى عطائه حتى صار مستشارا للرئيس المصرى.
هؤلاء جاءونا مصدرين للطاقات الإيجابية والإلهام.. خذلانهم خذلان لنا وعدم الاستفادة من إلهامهم فقر لنا وعار علينا.. نحن الأولى بهم والأحق.. نحن نستحق.. شبابنا يستحق.. مثلما استحقوا هم تلك المكانة وهذا القدر من التحصيل العلمى مدعوما بجهود بحثية تتقدم بنا للأمام.
بلادنا أولى بإلهامات ونبوغ أبنائها.. وعلى كل جهات العلم والبحث العلمى فى بلادى بدءا من الوزارات المعنية وانتهاء بمراكز الأبحاث حتى المعامل والمكتبات والجامعات وكل من يريد توسيع مداركه العلمية وتطويعها والاستفادة منها.. يجب أن نمد أيدينا ونصافح بل ونعانق أيدى «الملهم» والقائمين على المشروع لتتجه البوصلة للجهة الرابحة.. فالرهان على الغد رهان ركيزته العلم وتاجه الثقافة.