يبدو أن ثقافة الهيافة قد انتشرت وكنّا نظن أنها سلوك موسمى يأتى على فترات متباعدة، لكن يبدو أنه أصبح متوافرًا طوال أيام السنة، والهيافة أنواع وأشكال وألوان، تم استحداث أنواع جديدة لم تكن معروفة من قبل على يد مجموعة من خبراء الهيافة، حيث لم نكن نعرف من الهيافة إلا القليل من نوادر جحا، لكن هذا الزمان شهد طفرة نوعية هائلة فى استنباط أنواع وسلالات جديدة تلائم البيئة المصرية وتلبى الطلب المتزايد على جميع منتجات الهيافة، بدءًا من الهيافة الخام إلى الهيافة تامة الصنع، ويقوم على ملف الهيافة نخبة من الأساتذة والمتخصصين الذين يعدون فقهاء فى عالم الهيافة.
والذين نجحوا فى رفع منتج الهيافة المصرية من درجات متدنية على مؤشر الهيافة العالمى إلى درجة متقدمة جدًا جعلت مصر تتبوأ مكانة الصدارة، لقد نجح هؤلاء فى تصدير منتجات الهيافة بشكل سريع وبدون مجهود، وساعدهم فى ذلك العديد من وسائل الإعلام التى كانت بمثابة راع رسمى للهيافة دون مقابل تشجيعًا لمنتج الهيافة النادر والذى نتميز فيه بمزايا مطلقة وليست نسبية.
نجح هؤلاء فى نشر مصطلحات الهيافة فى كل الأوساط حتى انتشرت مؤخرا كافيهات لا تقدم إلا منتج الهيافة، وبالطبع قام بعض العباقرة بتدشين محطات فضائية لا تقدم إلا منتج الهيافة واستطاعت هذه القنوات جذب نسبة من المشاهدين جذبت بدورها العديد من المصالح والإعلانات، فللهيافة فى مصر سوق رائجة لها قواعدها وقوانينها.
لقد حل منتج الهيافة محل القطن طويل التيلة والأثاث الدمياطى والملابس والمنسوجات وكذلك العمال المهرة، حلت منتجات الهيافة مكان كل هذه المنتجات، وللصدفة البحتة فقد تزامن رواج تجارة وصناعة الهيافة مع دخول التوك توك إلى مصر المحروسة، فساعد التوك توك فى توصيل الهيافة إلى كل مكان فى أرض مصر ودخلت صناعة الميديا على الخط لتخدم تلك الصناعة الرائجة فكان الانتشار السريع وغير المسبوق.
(تعالى فى الهايفة واتصدر) أصبح شعار المرحلة بلا منازع، واختفت شعارات عقيمة مثل شعارات (صنع فى مصر ) و(الراجل مش بس بكلمته) و(الحق فوق القوة) و(مصر أولاً)، وتمت صناعة بادجات بهذا الشعار وتوزيعها على الأعضاء، خاصة الخبراء والباحثين فى تطوير استراتيجيات الهيافة الذين ينظرون ويتحدثون أمام الشاشات ووسائل الإعلام.
لكن هناك محطات نجاح وتفرد لعالم الهيافة لا تنسى حيث تحققت نجاحات سيقف التاريخ أمامها طويييييلا طويلا وسنجلس يوما نتحاكى ونتحاكى أمام الأجيال القادمة لنروى ونحكى كيف تحولنا إلى أساتذة وخبراء فى دنيا الهيافة صناعة وتجارة، واستطاع هؤلاء أن يتكتلوا وقاموا بتاسيس حزب سموه (حزب الهيافة الحلزونية) واتخذ الحزب شعارا تاريخيا (نحمل الهيافة لمصر) فتح الحزب عضويته أمام كل من يحمل فكرا يتميز بالهيافة الشديدة أو المتوسطة، وبعد ساعات قليلة من فتح باب العضوية كانت المفاجأة التى وضعت قادة الحزب فى مأزق وهى زيادة عدد المتقدمين لعضوية الحزب إلى أرقام خيالية.. كانت الإدارة مضطرة إلى البحث عن آلية لانتقاء الأعضاء فوضعت نظاما يشبه نظام المسابقات فمن يحمل قصة أو حكاية تتميز بالهيافة الشديدة تكون له الأولوية فى العضوية.. وبدأت مواهب السادة الهايفين تبهر السادة قادة الحزب الحلزونى، تحدث أحدهم عن إمكانياته الهائلة فى تهييف الأمور والمواقف الجادة وتحويلها إلى موضوع للسخرية وضرب مثلا بإنجازاته الهايفة التى أحدثت دوشة فى المجتمع والتى أطلق عليها (موقعة الهيافة الكبري) فى موقع السجادة الحمرا، حيث ضرب المثل والقدوة فى تطبيق كافة قواعد الهيافة بمهنية وحرفية وموضوعية غير مسبوقة ورفعوا شعار (تعالى يا ابنى فى «السجادة» واتصدر) وكان هذا ضربة معلم تحسب لقادة الهيافة.
نجح هؤلاء فى تحويل أنظار العالم من مشروعات تم تنفيذها بعشرات المليارات إلى السجادة الحمرا وطفاية السجاير اللى كانت على الشمال ولون شراب أحد المدعوين الذى كان أحمر مسخسخ، نجح هؤلاء فى إنتاج بذرة جديدة للهيافة، والتقطها مقدمو البرامج الليلية خاصة أصحاب الحوارات الهايفة وليس الهادفة وحققت مصر فى هذه الليلة أعلى درجات الهيافة.
وفى النهاية عزيزى القارئ.. عاوز تتعلم الهيافة؟.. لا تقرأ هذا المقال، هتقولى ما أنا خلاص قريته.. أقولك: بلاش هيافة.