سقوط ديفيد كاميرون فى بريطانيا خبر مهم، وانتخاب دونالد ترامب فى الولايات المتحدة رئيسًا أيضًا مهم. لكن قبل أن ننسى هناك انتخابات رئاسية مقبلة فى فرنسا والمتنافسون أكثر من الهمّ على القلب، إلا أننى أختار اليوم أن أتحدث عن مارين لوبن.
هى زعيمة الجبهة الوطنية بعد مؤسسها وأبيها جان مارى الذى طُرِد من الحزب، لأنه بقى يقول إن موت اليهود فى المحرقة النازية مجرد «تفصيل» فى التاريخ.
مارين رئيسة الجبهة منذ ١٦/١/٢٠١١ وحتى ١٦/١/٢٠١٧ وبقاؤها فى القيادة مضمون، فلا منافس يستطيع إلحاق هزيمة بها بعد أن عملت على تحسين صورة الجبهة الوطنية، وتخفيف العداء لها كجماعة فاشستية متطرفة. مارين خاضت معركة الرئاسة سنة ٢٠١٢، ونالت نحو ٢٠ فى المئة من أصوات الناخبين، فكانت ثالثة بعد فرنسوا هولاند الذى هزم نيكولا ساركوزى. حزبها فاز بنحو ٣٠ فى المئة من الأصوات فى انتخابات محلية السنة الماضية.
مارين عضو فى البرلمان الأوروبى، وموقع «بوليتيكو» جعلها ثانية فى النفوذ بعد رئيس البرلمان مارتن شولتز. وكانت مجلة «تايم» اختارتها عامى ٢٠٠٧ و٢٠١٥ ضمن قائمة المئة امرأة الأكثر نفوذًا فى العالم.
ما سبق لا يعنى أن الطريق ممهد أمامها، فهناك مشكلات منها أن البرلمان الأوروبى يطالبها بنحو ٣٠٠ ألف جنيه إسترلينى تلقاها اثنان من مساعديها على شكل مرتب لكل منهما، وهما يساعدانها فى عملها للبرلمان. غير أن قسم المحاسبة فى البرلمان نفسه يصر على أنهما لم يعملا لها كعضو وإنما للجبهة الوطنية، لذلك يريد استرداد المال.
هذا تفصيل وأهم منه أن هناك انتخابات أولية للرئاسة الفرنسية فى يناير المقبل، تتبعها انتخابات لاختيار رئيس فى إبريل. أرجح أن تسجل مارين لوبن أرقامًا عالية بعد شهرين تؤهلها للمنافسة على الرئاسة بعد ستة أشهر من الآن.
هى تزعم أن عندها العلاج لكل العلل السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى فرنسا. برنامجها يتضمن زيادة محاربة الرديكالية الإسلامية وحماية الاقتصاد، وإجراء استفتاء للانسحاب من الاتحاد الأوروبى، من نوع الاستفتاء البريطانى. ربما كان هولاند أكثر قدرة من مارين فى إدارة الشئون الخارجية، وله مواقف واضحة فى الشرق الأوسط وإفريقيا. إلا أننى أقرأ أن الناخب الفرنسى فى إبريل، تهمه القضايا المحلية أكثر من السياسة الخارجية.
أولاند سيُبدى حكمة بالتنحى لرئيس وزرائه المحبوب مانويل فالس، قبل أن يهزمه فى الانتخابات التمهيدية داخل حزبه الاشتراكى المرشح اليسارى أرنو مونتبورغ. قرأت أن هذا الاحتمال ليس بعيدًا.
مارين تلقى تأييد قطاعات مهمة من الشعب تشمل العمال، ما يعنى أنها قد تحصل فى الانتخابات الأولية على تأييد ٣٠ فى المئة من الناخبين لتدخل الدورة الثانية حيث المنافسة على الرئاسة بين اثنين فقط.
زعيمة الجبهة الوطنية عمرها ٤٨ سنة، وهى تعتقد أن حظها فى الرئاسة سيكون أفضل سنة ٢٠٢٢. ربما كان كلامها هذا لا يخلو من صحة، إلا أنه يضر بحملتها للرئاسة السنة المقبلة، طالما أنها تقــول للناخبين إنها ترجح عدم الفوز.
أحاول الموضوعية وأنا أقدم للقارئ العربى ما جمعت من معلومات عن مارين لوبن، فأنا لا أؤيدها ولا أعارضها، لأنها حتمًا أفضل من أبيها المتطرف، ومن كثيرين يطمحون إلى الرئاسة الفرنسية اليوم. قضيت العمر إلى يسار الوسط سياسيًا، ومارين إلى يمين الوسط، إلا أننى أشعر بأنها ستكون أقل ضررًا إذا فازت بالرئاسة من أمثال ساركوزى وأولاند، وميتران قبلهما. ما أستطيع أن أقول اليوم هو أن مارين لوبن لاعــب ســياسى مهم، والرئاســة فى متناول يدها إن لم يكن سنة ٢٠١٧ فربما سنة ٢٠٢٢، ومَنْ يعِش يرَ.
نقلا عن الحياة اللندنية