من حق طوب الأرض أن ينتقد ويشجب ويدين تلك الإجراءات الحمقاء التى قررتها الحكومة يوم الخميس الأسود، إلا هؤلاء الإخوان المتأسلمين.
كان يوم الخميس بالفعل «أسود» على كل الغلابة فى مصر. فى الصباح قررت الحكومة تعويم الجنيه تنفيذا لأوامر صندوق النقد الدولى، وفى المساء قررت رفع أسعار كل أنواع الوقود. وقال المتحدثون الرسميون وغير الرسميين من المطبلاتية ومن على شاكلتهم إنه الحل الوحيد أمام تلك الحكومة الفاشلة على الرغم من مطالبة الاقتصاديين الوطنيين الذين بحت أصواتهم فى طرح البدائل الكثيرة لخروج مصر من أزمتها الاقتصادية، لكن ولأن تلك البدائل تصطدم بمصالح الكبار، تجاهلتها الحكومة وفضلت تحميلها على الغلابة، وزى ما بيقول المثل «اللى تعرف ديته اقتله».
بعد قرارات اليوم الأسود خرجت العديد من الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات العامة وحتى بعض من رجال الأعمال يعلنون رفضهم وانتقاداتهم، مذكرين القيادة السياسية بما سبق أن طرحوه من بدائل تجاهلتها حكومة الفشلة.
وفى الزحمة يأتى صوت من الماضى يحاول الصيد فى الماء العكر، وينسى أو يتناسى الإخوان الكذابون وتوابعهم، أنهم كانوا يفرشون الأرض رملًا فى استقبال ممثل صندوق النقد الدولى، وكادت حكومة الإخوان أن تمنحه قلادة «المرشد العام».
يقول الباحث حمدى عبدالعزيز عضو القيادة المركزية للحزب الاشتراكى المصرى إن عصابات الفاشية الدينية والجماعات الإرهابية، عليها أن تبتلع لسانها وألا تحاول تزييف وعى الشعب المصرى بادعاء معارضتها لإجراءات الخميس الأسود التى صاغها صبيان الرأسمالية المصرية الوضيعة امتثالًا لأوامر المؤسسات المالية الدولية الموظفة لخدمة تكريس التبعية الهيكلية للمركز الرأسمالى الدولى.
فحكومة الجماعة الإرهابية ـ عندما كانت تمسك بالسلطة ـ كانت تعد لصيف أكثر سوادًا من ذلك الخميس الذى أعلنت فيه الحكومة الحالية حزمة الإجراءات التى تمثل حالة الرضوخ التام لشروط صندوق النقد.
هل نسوا أنهم فعلوا نفس الشىء فى ربيع عام ٢٠١٣، عندما أقدمت حكومة هشام قنديل علي إبرام الاتفاق مع لاجارد رئيسة الصندوق على الاقتراض منه مقابل نفس الحزمة من الشروط، وذلك بعدما سبق أن كانت تلك العصابات تقف كعناترة شداد لمعارضة إتمام القرض فى عهد حكومة الجنزورى.
وليذكر حزب النور السلفى الانتهازى الكبير بأنه قد رفع عقيرته ـ عبر قياداته وشيوخه ـ جهرًا بالفتوى بحرمانية القرض فى وجه وزارة الجنزورى باعتباره ربا، ثم عاد فى ربيع ٢٠١٣ فى وزارة هشام قنديل وبصوت أقل حدة وأكثر ليونة للتأكيد على هذه الفتوى بتسجيل موقف منافس ومزايد على حلفائهم فى جماعة الإخوان، ينصح برفض القرض، وتركوا الموقف من القرض لتسجله على استحياء بعض كوادرها الهامشية، بينما ابتلع راسبوتين مصر البرهامى فتواه، وانصرف إلى الدعاء بأن يكفى الله مصر شر الفتن وانصرف الفتى بكار إلى الحديث عن أن القطاع الخاص أكثر كفاءة من الدولة فى تعبئة الموارد.. وهكذا.
ونأتى إلى عام حكم الإخوان الذى يتفاخرون به، ولنُعد عليهم ما كشفته البيانات الرسمية للجهاز المركزى للمحاسبات عن ارتفاع نفقات السفر للخارج فى عهد حكم الإخوان المسلمين بنحو ٤٣١.٢ مليون دولار، وبلغت قيمتها ٣ مليارات جنيه خلال العام وتآكلت أصول البنك المركزى من فائض ٢٨ مليار دولار لتصل إلى سالب ٩.٨ مليار دولار، كما تراجعت الأصول الأجنبية للبنوك من ٤ مليارات و٣٦٥.٧ مليون دولار لتصل إلى ٢ مليار و٦١٫٢ مليون دولار بانخفاض تجاوز ٢.٣ مليار دولار خلال العام مقارنة بالعام السابق له، كما تراجعت الأصول الأخرى بنحو ٠.٣ مليار دولار وبلغت ٢.٩ مليار دولار.
وشهد عام حكم الجماعة تراجعًا شديدًا فى صافى الاستثمار الأجنبى المباشر لم يشهده عام ٢٠١١ الذى شهد انتفاضة يناير، حيث انخفضت الاستثمارات إلى ٣ مليارات و٤.٧ مليون دولار مقارنة بنحو ٣ مليارات و٩٨٢.٢ مليون دولار بانخفاض ٩٧٨ مليون دولار عن العام السابق.
قامت آلة أكاذيب الإخوان بالترويج لعام حكمهم بالرفاهية الاقتصادية وتحسن الأوضاع المالية للدولة المصرية، والحقيقة بعيدة تماما عن هذا حيث إن الارقام تكشف فشل الإخوان «بالثلث». فقد تسبب حكم الإخوان فى كارثة اقتصادية، وهى قيامها بطبع بنكنوت لسد العجز المتواصل لديها فى الموازنة العامة للدولة، وهذا أدى بالطبع إلى الارتفاع الكبير للأسعار فى السوق المحلية والضغط على مستويات معيشة المواطنين والانهيار الاقتصادى للدولة. فقد فاقت كميات طبع النقود بكثير وبأضعاف الكميات التى قام البنك بإصدارها خلال السنوات الماضية حيث تم طبع ٥٦.٦ مليار جنيه فى نهاية يونيو ٢٠١٣، فى حين أن معدلات طبع البنكنوت لجميع الفئات كانت تتراوح بين ١٥ مليارًا و٢٥ مليار جنيه على الأكثر كمتوسط لسبع سنوات ماضية، وبالتالى فإن المبالغ التى قام البنك المركزى بإصدارها فى عهد الإخوان تفوق بكثير معدلات الأمان ومعدلات الإصدار للنقود فى أى نظام اقتصادي.
وقد شهدت فترة حكم الإخوان اللجوء إلى مساعدات من قطر دون غيرها، ولكن كانت بفائدة اعتبرها الاقتصاديون أكبر من المعدلات السائدة فى السوق العالمية حيث بلغت ٤.٥٪، وهذا أدى إلى ارتفاع صافى الالتزامات أو الديون على البنك المركزى المصرى للعالم الخارجى إلى نحو ٦.٥ مليار دولار مقابل ١.٢ مليار دولار خلال العام المالى الأسبق.
وتشير الأرقام إلى أن ميزان التجارة شهد تراجعًا اعتبره الإخوان نجاحًا لحكمهم بمعدل انخفاض ٧.٦٪ ليبلغ نحو ٣١.٥ مليار دولار خلال السنة المالية ٢٠١٣/٢٠١٢ مقابل ٣٤.١ مليار دولار فى العام المالى السابق عليه، وكان نتيجة لارتفاع حصيلة الصادرات السلعية بمعدل ٣.٦٪ ليسجل نحو ٢٦ مليار دولار مقابل نحو ٢٥.١ مليار دولار خلال السنة المالية السابقة عليه، بينما تراجعت المدفوعات عن الواردات السلعية بمعدل نحو ٥٧.٥ مليار دولار مقابل ٥٩.٢ مليار دولار، وكان تراجع الواردات نتيجة مباشرة لإجراءات البنك المركزى فى عدم تلبية اعتمادات الاستيراد من الخارج للحفاظ على ما تبقى من نقد أجنبى، وهذا بالطبع جعل تلبية الاحتياجات الاستيرادية من النقد الأجنبى مقصورة على السلع الاستراتيجية الضرورية وتم ترك جميع السلع الأخرى، وبالتالى فإن حركة استيراد السلع الوسيطة والاستثمارية توقفت وهو ما يضر الاقتصاد والإنتاج القومى وليس فى صالحه، لأن هذا يعنى ببساطة توقف هذا الإنتاج.
وكان أكثر العوامل التى أنعشت ميزان المدفوعات فى عهد الإخوان هو ارتفاع التحويلات، حيث ارتفع صافى التحويلات دون مقابل لتبلغ نحو ١٩.٣ مليار دولار مقابل ١٨.٤ مليار دولار، بفضل ارتفاع صافى التحويلات الخاصة للمصريين بالخارج التى ارتفعت بنحو ٦٩٧.١ مليون دولار وبلغت ١٨.٧ مليار دولار مقابل ١٨ مليار دولار، وقد أدت إلى ارتفاع فائض الميزان الخدمى بمعدل ١٩.٨٪ يصل إلى ٦.٧ مليار دولار خلال السنة المالية الماضية مقارنة بـ ٥.٦ مليار دولار، وذلك بفضل ارتفاع متحصلات شركات الملاحة والطيران المصرية، رغم تراجع رسوم المرور فى قناة السويس بمعدل ٣.٤٪ لتصل إلى ٥ مليارات دولار مقابل ٥.٢ مليار دولار وتراجعت مدفوعات دخل الاستثمار بمعدل ١١.٦٪ نتيجة انخفاض تحويلات أرباح الشركات الأجنبية فى مصر، وكذلك تحويلات الفوائد والتوزيعات على السندات والأوراق المالية.
وتكشف الأرقام أن حكم الإخوان رفع حجم الديون المحلية بأكثر من ٣٠٠ مليار جنيه، كان معظمها أذونًا وسندات على الخزانة وهى معدلات مرتفعة مقارنة بما كانت تصدره الحكومة فى الفترات السابقة لتصل جملة الديون المحلية نحو تريليون و٤٦٠ مليار جنيه، كما ارتفعت الديون الخارجية بنحو ١١.٧ مليار دولار وارتفعت لتتجاوز ٤٥.٥ مليار دولار، وهو ما يصعب على الإدارة المالية للبلاد بشكل صحى ويعمل على استقطاع معظم الموازنات العامة للدولة لصالح سداد الديون وأعبائها سواء من خلال الأقساط المقررة أو الفوائد المستحقة عليها.
وبعد ألا تخرسوا وتلموا أنفسكم خاصة وقد ذهبت بلا عودة حليفتكم وتاج رأسكم السيدة هيلارى كلينتون.