لا شك أن هناك دوائر متعددة تبذل مجهودات متنوعة مستخدمين حرب الجيل الرابع، موظفة أدوات تلك الحرب سواء من قنوات الاتصال الحديثة وكذلك علم النفس والإعلام لخلق انقسامات وإحداث شيء من عدم الرضا بمصر من الداخل.
فاستهداف مصر من دوائر عالمية لعرقلة المسيرة عن طريق خلق الاضطرابات قد يؤدى فى نهاية المطاف إلى إحداث تغييرات حتى لو على حساب حرق البلد!!
الملفت أن هناك انقساما واختلافا هيكليا حول هذه الخطة وهو ما يظهر من خلال ما ينشر على شبكة التواصل الاجتماعى وفى النقاش العام والخاص.
وببساطة شديدة.. ومن خلال تجربتى الطويلة فى الإعلام يمكن أن نلاحظ أن محور الشر عبارة عن دوائر إخوانية وأصدقاء مؤازرة لها فى الدول الخارجية، وليس هذا فحسب بل يمتد الأمر إلى بعض المسئولين فى دوائر صناعة القرار بأمريكا وفى مقدمتهم أوباما وهيلارى كلينتون، فهؤلاء لن يغفروا لمصر والرئيس السيسى تحديدًا مسئوليته عن إجهاض المخطط والجهد الذى بذله أوباما وتركيا وإسرائيل فى إدخال تغيير على الدول العربية ينسجم مع أهداف الثالوث بأن يسمح بتمزيق الدول العربية ودخولها حروباً أهلية لسنوات ممتدة قد تفقد منها مساحات من الأرض وفى النهاية تنحصر العملية فى تلك المرحلة بتوجيه كل جهود تلك الدول ومقدراتها نحو تلك الحرب ومن يفوز بها.. وهو ما يحجم من أولويات تلك الدول ويمنح الدول الثلاث فرصة النمو والتطور الهادئ على حساب عدم ديناميكية اقتصاديات الدول العربية لانشغالها بمحاولة رأب صدع مفككاتها الشعبية!!
أوباما تحديدًا وإدارته السابقة لم يكن متحمسًا فى بداية يناير ٢٠١١ للتحول فى مصر.. ولكنه استجاب ووافق على إقامة الدولة الإسلامية فى سيناء مع منح حماس مساحات منها تعتبر كمنفذ تعويضًا عن مطالبتها لإسرائيل بفك الحصار عنها ومنح مصر مساحات من ليبيا.. وضمن الخطة كان إضعاف الكيانات المسلحة فى سوريا وأيضًا الجانب الآخر المتمثل فى بشار الأسد.. ثم بعد ذلك سيتم تقسيم السعودية وإعادة تقسيم اليمن ما بين الحوثيين والسنة.. هذه ملامح الخطة.
ولا أكشف سرًا أن الإدارة الأمريكية كانت وراء دخول الإخوان المسلمين انتخابات الرئاسة بعد حصولهم على ضوء أخضر منها بالحماية والرعاية والتدخل إن لزم الأمر.
أوباما من جانبه ومن خلال موافقته على تلك الخطة كان يريد أن يقول للعالم الإسلامى من خلال تأييده للإخوان المسلمين إنه يؤيد الإسلام السياسى والدليل على ذلك تأييده لتأسيس الدولة الإسلامية فى سيناء.
الرئيس السيسى أفسد هذا المخطط فى «٣٠/٦»، لذلك حتى آخر لحظة فى حكم أوباما كان الرئيس الأمريكى يشعر بالمرارة لهزيمة مشروعه المتفق عليه مع الإخوان.
محور الشر لا يمكن أن يمرر موقف السيسى المؤيد لزيادة القدرات المسلحة لجيش مصر من العتاد أو التدريب.. فى الوقت الذى كانت المخابرات الأمريكية قد بدأت التجهيز والإعداد لإرسال قوات تدريب أمريكية لمصر.. لتدريب كوادر إخوانية تأسيسًا لقيام شرطة جديدة ووصل عدد منهم لتأدية المهمة الجديدة.
وأيضًا بداية تسويق وترويج مصطلح إعادة هيكلة القوات المسلحة على لسان قيادات إخوانية، وهى مصطلحات أمريكية سبق أن روجت فى العراق عقب الغزو الأمريكى وأدت إلى تسريح الجيش والشرطة وكانت إدارة أوباما تسعى للسيطرة عن طريق الإخوان على الجيش والشرطة.
ولكن السيسى فى «٣٠/٦» أوقف هذا المشروع تمامًا وأجهض الفكرة.. وموقفه أضعف أوباما وأظهره أمام الحلفاء والعالم أنه رئيس مهزوم لدولة كبرى.
وزير خارجية أوباما هيلارى كلينتون حملت معها ملف حقوق الإنسان وحاولت الحصول على صمت مصر والسسيسى على ممارسات خاطئة لجماعات حقوق الإنسان وبالتالى منع نشر حقائق دورهم فى تأجيج الصراع فى يناير ٢٠١١ والدور التخريبى الذى لعبوه، وهو ما أكدته أشرطة برنامج الإعلامى عبدالرحيم على.. لكن الرئيس السيسى أعطى مؤشرًا مخالفًا لما يتمناه الغرب وسياسته الاستعمارية التوسعية ورفض الخضوع لوجهات النظر الأمريكية.. وقدم كل من ارتكب خطأ فى هذا الشأن للقضاء.
هذا الموقف أظهر للعالم أن أمريكا لا تساعد الشعوب على التحرر ولا تساند استقرارها وازدهارها.. لكنها تعمل لصالح سياستها.
السيسى فى «٣٠/٦» أعلن تحرير القرار المصرى بأن جعل مصالح البلد هى البوصلة التى تحدد اتجاهه سواء إلى الشرق أو الغرب، وفتح آفاقا جديدة للاقتصاد والتعاون.
وقاد السيسى عملية تحول مهمة راعى خلالها التوازن وأيضًا مصالح البلد.. فوقع الاتفاقيات مع دول الهند وسنغافورة والصين واليابان وروسيا، هذا التوجه أقلق محور الشر ولا يزال.
السلوك المصرى تجاه قضايا العالم.. سوريا.. ليبيا.. إفريقيا.. وجدناه يراعى ما حدث فى مصر من تجارب لذلك رفض السيسى كلية الموافقة على قرار إرسال قوات مسلحة مصرية بتسليح خليجى/غربى، وبإشراف أمريكى تحت مسمى قوات عربية للمحاربة فى سوريا ضد بشار الأسد فهو مجرد فكرة طرحتها قطر.
رفض السيسى كشف الكثير من المواقف المتناقضة لعدد من الدول التى كانت وراء إطلاق داعش بالعراق لعمل توازن مع الشيعة.
ثم عادت مصر وأعلنت الحرب على داعش وما زالت تحارب فى هذا الاتجاه، وما زال السيسى هنا لا يريد كشف المستور.. ولا إحراج مخابرات بعض الدول.
حاول محور الشر وما زال خنق مصر.. خنقها اقتصاديًا.. تأليب الشارع وتصدير وصناعة الأزمات لها.
وما زالوا يأملون تحرك مجموعات الداخل من الإرهابيين، لكن فى كل الحالات انتصرت مصر.
محور الشر لن يكف عن محاولاته لإلحاق الأذى بمصر والمصريين عقابًا للسيسى، والدعوة للتظاهر اليوم واحدة من تلك المحاولات الهدامة.
إدارة أوباما حاولت عقاب مصر التى كشفت مآرب الدور التحريضى والتخريبى للقوى العظمى وهو الجانب السيئ والاستعمارى وغير العادل حتى لو أظهرت غير ذلك من السلوك الدولى لها.
وبالتالى بدأ الشارع العربى يتفهم الدور الأمريكى الحقيقى المغاير والمناوئ لكل ما يجيء على لسان المسئولين الأمريكان.
محور الشر لن يغفر للسيسى دوره فى إفساد كل خطط التقسيم والحروب الأهلية من أجل إضاعة الثروات وحرق المستقبل لبلدان الشرق الأوسط، لذلك سيستمر محور الشر فى محاولات إلحاق الضرر بمصر والمصريين.