فجأة ودون سابق إنذار اختفى إبليس وأبناؤه وأحفاده وكل أفراد عائلته الشيطانية من على وجه الأرض، وضرب بنو الإنسان أخماسا فى أسداس لحل هذا اللغز، رغم أن عملية الاختفاء لم تؤد إلى القضاء على المعاصى والسلوكيات السيئة والممارسات الشاذة والتفكير العدائى لدى البعض، ولم تنصلح أحوال الناس بسبب عملية الاختفاء المريب لإبليس وعائلته.
وتصور البعض أن إبليس ربما يكون قد حصل على إجازة دون راتب للبحث عن وظيفة أخرى تسهم فى زيادة أعوانه ومريديه من بنى البشر، أو إجازة لرعاية الأسرة بهدف تدريب صغار الشياطين والأبالسة على الوسائل الجديدة للسيطرة على عقول بنى البشر فى ظل التطور التكنولوجى الذى اجتاح العالم، وانشغال الناس بالنت والفيس بوك وشبكات التواصل الاجتماعى، إلا أن عمليات البحث أكدت أن إبليس وجد بديلا يقوم بمهامه على أكمل وجه، بل تفوق عليه فى هذه المهام بكل جدارة وامتياز.
وشيطان العصر الجديد الذى حل محل إبليس هو الفيس بوك الذى تحول إلى ديناصور شيطانى، ليس بهدف نشر الفكر والمعرفة كما يعتقد البعض، ولكنه تحول إلى شيطان مريد ينشر الشائعات، ويحرض على الفتن، ويزيد عدد الأشرار من بنى البشر فى دول العالم، والدليل أن التنظيمات الإرهابية الضالعة فى الإرهاب استخدمت شيطان العصر فى نشر أفكارها وتغيير عقائد الأديان السماوية إلى عقيدة الشيطان الجديد حتى وصلنا إلى ما نحن فيه الآن.
فشيطان العصر الجديد المسمى بالفيس بوك أصبح هو المتحكم الوحيد فى توجهات وأفكار ورؤى وممارسات وتصرفات غالبية سكان الأرض، وخاصة الشباب الذى يطيع هذا الشيطان طاعة عمياء، ويستمع لكل ما يصدر عنه، ويصدق كل ما ينشر على صفحاته من أكاذيب وشائعات حتى تحول الشباب إلى خنجر فى ظهر الوطن، بسبب هذا الشيطان المريد المسمى بالفيس بوك.
فشيطان العصر الجديد الفيس بوك هو الذى نشر شائعة ١١/١١، وأسهم الآلاف من أبناء مصر فى غيبة الوعى والضمير فى نشر هذه الشائعة الشيطانية دون أدنى تفكير فى المعنى الحقيقى من وراء ذلك، ودون أدنى تفكير فى آثار هذه الشائعة اللعينة، وما يمكن أن تكلفه من أموال لمواجهتها كان يمكن إنفاقه على الأسر الفقيرة وعلاج غير القادرين وزيادة معاشات الضمان الاجتماعى وإخراج الغارمات من السجون.
فشيطان العصر الجديد (الفيس بوك) ليس كالشيطان الذى خلد إلى الراحة الآن بعد أن اطمأن أن الفيس بوك يحقق أكثر مما كان يقوم به وتفوق عليه، وسيطر على الجميع دون تفرقة بين المثقفين وغيرهم والمتعلمين وأنصاف المتعلمين، وأبناء الحضر وأبناء الريف وسكان القصور وسكان القبور، فالكل يخضع لشيطان العصر الجديد، ويستسلم له، منفذًا أوامره من أجل خراب الأوطان ودمارها.
ولعل شيطان العصر المسمى بالفيس بوك يذكرنى بمقولة الإمام على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، «لوكان الفقر رجلا لقتلته»، وأنا بدورى أقول «لو كان الفيس بوك رجلاً لقتلته»، لأنه أصبح أداة لنشر وترويج الشائعات وتحريك الغرائز، واقتحام حجرات النوم، حتى أصبح هو الشريك الثالث بين الرجل وزوجته والابن والابنة والأخ وأخته والجد وحفيده، وأصبح هو المعلم الأول والموجه الوحيد لغالبية بنى البشر.
فشيطان العصر الجديد تسبب فى تمزيق المجتمعات وتشريد المواطنين ليصبحوا لاجئين كما هو الحال مع أبناء الشعب السورى واليمنى والليبى والعراقى، ويركز جهوده ونشاطه الآن على مصر وشعبها وأمنها واستقرارها، ويلعب فى عقول بعض شبابها المغرر بهم، مما يفرض علينا أن نرجم هذا الشيطان كما يرجم حجاج بيت الله الحرام الشيطان فى رمية العقبة الكبرى والوسطى والصغرى، وأن تكون البداية بأن نعلن يوما من كل أسبوع لكى نغلق فيه نوافذ هذا الشيطان الجديد ونحرر عقولنا.