خدع الاعلام الامريكى المتصل برجال الاعمال ومؤسسات المال ودول الخليج الغنية الجميع بما فيهم الشعب الامريكى واخفى شعبية الرئيس الجديد دونالد ترامب لتمكين الديمقراطية هيلارى كلينتون من الفوز على حسابه ، صنعوا لها حالة تأييد غير حقيقة استخدموا فيها كل انواع التأثير بداية من استطلاعات الرأى وصولا للسوشيال ميديا ، وجعلوا العالم يعتقد ان الرجل مجنون ولا يمكن له الفوز ، ثم خرج الامريكيين ليكشفوا زيف كل ذلك ويصحوا العالم على خبر تولى ترامب لمهام الرئاسة .
الدولة المصرية وحدها غردت خارج
السرب ووضعت رهانها منذ اليوم الاول على
حصان ترامب الفائز لعده اسباب اهمها دراستها الدقيقة لتوجهات الشعب الامريكى بعد
ثمانية اعوام من حكم اوباما وتأثر هيلارى بإنخفاض شعبية الديمقراطيين ، كانت الاجهزة
المصرية تعلم الخدعة الممولة من مؤسسات ودول خليجية ، ولعل فضيحة تمويل دولة قطر
لهيلارى بـ5 مليون دولار مباشرة وتماهى هيلارى مع سياسات قطر فى الشرق الاوسط أبلغ
دليل على ذلك .
تلاعب الاعلام بالمشهد الامريكى اثار
ازمة من نوع جديد ، فكل مؤسسات المال والاعمال وبيوت التفكير دعمت المرشحة
الديمقراطية وفشلت حملات الفنانين لدعم هيلارى ورفض ترامب فى منع الناخبين
الامريكيين من التصويت له ، اذن نحن امام نخبة واعلام فى أزمة !
نجح الجمهوريون رغم اختلافهم مع ترامب
فى الاستيلاء على الاغلبية من مقاعد النواب والشيوخ مما يعنى شلل كامل
للديمقراطيين فى مقاعد المعارضة ، وبالتالى تصبح السياسة أيضا فى ازمة !
هؤلاء المهملين فى الريف وفى المصانع
المتوقفة والطبقة الوسطى كانوا الحصان الاسود الذى وصل عليه ترامب ترامب الى البيت
الابيض ، فهو يشبههم ، صريح لدرجة الوقاحة ، لم يرتدى ثوب الدبلوماسى ولا الحكيم
لكن تشبه بالمخلص من النخبة الفاسدة فاقدة القدرة على حل المشاكل ..قدم لهم
المعادل العكسى لاوباما المخادع..السياسى اللامع خريج هارفرد ، نجم المسرح القادر
على مخاطبة المثقفين والتأثير عليهم بينما الكواليس مليئة بالالعاب القذرة ، بدا
لنا لوهله انه شخصية مناسبة لتضميد جراح فتره بوش الابن ، والاقتراب من العالم
العربى ، لكنه طبق نظرية الفوضى الخلاقة ودمر الشرق الاوسط بالكامل ، بدا ضعيفا
امام الصين وروسيا ، لدرجة وصول العالم مرة اخرى الى لحظة التدمير النووى المتبادل
بسبب الخلاف حول سوريا .
لم يرحم ترامب نقاط ضعف اوباما
والديمقراطيين واختار فى شعاره عودة امريكا العظيمة مرة اخرى ، نجاح هذا الشعار معناه
ان الامريكيين احسوا بعد ثمانى سنوات من قيادة اوباما ان بلادهم اصبحت ضعيفة وباهتة
، وكان مشهد هبوط اوباما من السلم الخلفى للطائرة والاهانات التى تعرض لها فى
الصين دليل على ان العالم لم يعد يحترم الولايات المتحدة.
حرقت الولايات المتحدة خلال حكم
اوباما اوراق لعب عديدة في الشرق الاوسط ، وحرقت شخصيات اعدتها وكانت تابعة لها في
خضم الصراع على الشرق الاوسط ، واغلبهم من النشطاء وقيادات جماعة الاخوان الذين
شعروا بعد فوز ترامب بنفس شعور الفتناميين التابعين للولايات المتحدة بعد سقوط
سايجون ..لقد باعتهم "ماما امريكا" .
وكان من المضحك ان تردد هذه الشخصيات
عبارات من نوعية كبار السن كانوا السبب فى نجاح ترامب وهو نفس ما قبل عند نجاح
الرئيس السيسى ، ثم عند خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبى "البريكس " ،
وهو ما يعكس انفصال تام عن الواقع ناجم من حشو ادمغتهم طوال الثمانى سنوات الماضية
بمفاهيم ومعلومات مضلله لا اساس لها في الواقع ، كلها من اداوت الدعاية
الديمقراطية الامريكية التى استمالت الاقليات والشواذ جنسيا لها .
هؤلاء النشطاء والتيارات الاسلامية
المتطرفة دعموا هيلارى كلينتون للرئاسة ، وعلى رأسهم جماعة الاخوان المسلمين ، ورد
ترامب بتصنيفها كجماعة ارهابيةبعد تولية السلطة ، مما دفع الجماعة الى استعادة
خطابها القديم الذى توقف خلال حكم اوباما عن الشيطان الاعظم الذى يسكن امريكا ،
وعادوا لنغمة الاقلية المعرضة للاضطهاد بعدما كانت احلام التمكين تداعب خيالهم .
فاز ترامب لانه رجل اعمال ناجح تمكن
من اقناع العمال و الريفيين والطبقة الوسطى بانه المخلص لهم من فاتورة حكم
الديمقراطيين المسئولين عن اوضاعهم الصعبة التى لايعكسها الاعلام ، فهناك مئات
المصانع المغلقة بسبب توجه رجال الاعمال الامريكيين الى الاستثمار فى الصين هربا
من المرتبات المرتفعة والتعويضات الوظيفية فضلا عن الضرائب الضخمة المفروضة عليهم
.
لقد احست الطبقة الوسطى بالسأم من
تلاعب السياسيين بها ولذلك اتجهت لشخص من خارج "المؤسسة " أو المنظومة
السياسية الفاسدة والممولة أملا فى تحسن اوضاعها على يد رجل اعمال نجح فى ايصال
ثروته لأكثر من 4 مليار دولار .
لم تفلح الدعاية المضادة له سوى مع
الاقليات المهاجرة وخاصة المكسيكيين والمسلمين الذين غضبوا من تصريحاته عن الاسلام
والتى صحهها ليؤكد انه ليس ضد الاسلام والمسلمين ولكنه ضد التطرف الاسلامى والارهاب
الذى تجسده تنظيمات مثل داعش والاخوان وقرر مكافحته ومسانده الدول التى تكتوى
بناره مثل مصر ومن هنا كانت نقطة لقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسى وابتعاده عن
السعودية ومذهبها الوهابى الذى يراه مثل كثير من الامريكيين المسئول عن انتشار
افكار الارهاب والتشدد حول العالم ، ومع احتدام الازمة مع السعودية صدر قانون
جاستا الذى فشل اوباما فى منعه وهو ما يعكس غضب فى دوائر امريكية عده من السعودية
ورغبتهم فى تحميلها تكاليف ما تعرضت له الولايات المتحدة من ارهاب .
يمكن ان تقول ان الخوف الذى اعترى كثير من الدول العربية بعد فوز ترامب نابع من نتائج ذلك الكارثية على محور السعودية قطر تركيا والذى يسعى لتقسيم سوريا، ويمول و يجمل وجه الجماعات الارهابية المتطرفة المتقاتله فيها وان هذا التحالف سيكون وحيدا بخروج اسرائيل المتوقع من المعادلة الخاسرة لان التحالفات فى المنطقة ستتغير مع التواجد الروسى المكثف فى حالة انعزال الولايات المتحدة عن الصراع وهو المتوقع بعد وصول ترامب الذى ربما يفكر فى التقليل او التخلص من التواجد العسكرى فى مناطق عديده من العالم مثل اليابان والسعودية تطبيقا لنظريته المتعلقه بتقديم الولايات المتحدة الحماية العسكرية بمقابل لضغط النفقات ومواجهة الديون الامريكية المتزايدة .
مهمة ترامب ليست سهلة سواء على المستوى الدولى او المحلى ، واعتقد ان المرشح ترامب سيختلف كثيرا عن الرئيس ترامب ، ولكنى اتوقع صراعا مبكرا بينه وبين العديد من المؤسسات الامريكية التى سيطر عليها الديمقراطيين ومواجهة الدين الأمريكي الذى تضاعف حتي وصل لـ 20 تريليون دولار في ظل حكم اوباما وكان الاضخم فى تاريخ الولايات المتحدة .
مصر تعلم ان الولايات المتحدة دولة مؤسسات وان رؤيتها فى القضايا الخارجية لا تتغير بين يوم وليلة ، لكن رؤية الرئيس ستنفذ مثلما حدث مع اوباما وقبله بوش الابن ، وكل التوقعات تشير الى تقارب روسى امريكى لانهاء الازمة فى الشرق الاوسط ، والى تفاهم متوقع يرفع عن كاهل الدولة المصرية الضغوط التى كانت تمارسه عليها الادارة الديمقراطية السابقة من اجل المصالحة مع جماعة الاخوان الارهابية .
لا شك ان مصر تأمل فى فتح صفحة جديدة فى العلاقات المصرية الامريكية تكون مفيده للطرفين تبدأ بحصول مصر على حصتها المعطلة من المعونة الاقتصادية التى اوقفها اوباما وحول جزء منها الى تونس ، وان يعود الاستثمار الامريكى مرة اخرى لمصر مستفيدا من التسهيلات المقدمة مؤخرا وان تتعدد مجالاته من اجل مصلحة الدولتين والشعبين .