الفيضان وخطر «غرق» أجزاء من أرض هذا الوطن، وانهيار البنية الأساسية، فضلًا عن تهديد حياة عشرات، بل مئات من المواطنين.
ولا شك أن رعب وخوف المواطنين من أن تهدد السيول حياتهم وحياة أبنائهم، يدفعهم إلى الهرب من بيوتهم وترك أمتعتهم وراءهم أنها صورة تدخل الغضب والقلق إلى نفوس الضحايا، وتدفع أجهزة الدولة إلى بذل الجهود الأمنية لكى لا يتخطى الغضب حدودًا معينة فتهدد الأمن فى الشارع المصرى.
ماذا يمكن أن نفعل؟ أولًا: كمواطنين مطلوب منا رغم الحزن والبؤس أن نقوم بجهد لضبط النفس حفاظا على استقرار أمن هذا الوطن.
ثانيًا: المطلوب من أجهزة الدولة أن تدرس جيدًا ما يجب الاستعداد له عمليًا على أرض الواقع المصرى، أثناء مرور المرحلة الزمنية لعام تقريبًا يفصل بين السيول السابقة والتى تأتى حوالى ١٢ شهرًا بعدها وهى مدة كافيه.. لكى تخطط الوزارات والأجهزة المعنية لنرى الممكن عمله لإعادة النظر فى حالة الأنهار والكبارى والطرق التى تحمينا من السيول.
ثالثًا: مطلوب من الأجهزة الفنية أن تنظر إلى ما تجريه الدول الأخرى التى عانت أو تعانى من السيول والفيضانات، ونجحت فى حماية نفسها فى هذه المخاطر.
السيول ومخاطرها تحتاج إلى دراسة علمية لتطبيق اقتراحات علمائها المتخصصين، وأن تعد الدولة أيضًا اقتصادها لتواجه الأعباء المالية المطلوبة.
وعلينا أن نطرح سؤالًا: ما الدول الأخرى التى عانت من أخطار الفيضانات والسيول والجفاف بجانب مصر؟
وقد انتهى البنك الدولى من دراسة حول قائمة الدول التى هددها الجفاف والسيول والعواصف بحكم التغير المناخي، وكانت ملاوى التى تعتبر من أكثر الدول فقرًا فى إفريقيا وأكثرها تعرضًا أيضا للجفاف والسيول. أما بنجلادش فهى على رأس الدول التى تعانى من السيول، وتأتى أيضا فيتنام بعدها بين الدول التى يهددها ارتفاع مستوى المياه عن المنسوب الطبيعى فى المحيطات.
وعودة إلى مصر لكى نذكر القارئ بالأمطار الغزيرة التى سقطت فى ٢ نوفمبر ١٩٩٤ والنكبة التى تبعتها ولنقل إن الخبراء سجلوا وقتها عجز الأجهزة المختصة المصرية عن إنقاذ الأهالى وضحايا هذه النكبة.
وكل ذلك يؤدى إلى عجز المواد الغذائية المتاحة وتعرض الأهالى لعدم تأمين احتياجاتهم الغذائية.
أما مالاوي فهو أيضا بلد يعيش بدخل ضئيل جدًا، إذ إن دخل الفرد لا يتخطى ٩٧٥ دولارًا فى العام ومعرض دائما للجفاف وخلال العشرين سنة الماضية تعرض هذا البلد مرتين إلى جفاف شديد فضلًا عن جفاف استمر مدة طويلة فى عام ٢٠٠٤.
ومن البلاد أيضًا التى تعانى من الغرق بنجلاديش التى تعتبر على رأس قائمة الدول المهددة بالفيضانات نتيجة ارتفاع درجة الكرة الأرضية والتى تؤدى إلى غرق من ٣٠ إلى ٧٠٪ من هذا البلد.
أما فيتنام فهى المهددة أكثر من غيرها بسبب ارتفاع مستوى المياه فى محيطاتها والمعروف، حسب دراسة للبنك الدولى، فإن ١٦٪ من مساحة أراضى هذا البلد و٣٥٪ من سكانها وكذلك ٣٥٪ من ناتجها المحلى، يمكن أن يتأثر بدرجة كبيرة لا سيما إذا ارتفع مستوى البحر أكثر من خمسة سنتيمترات.
أما السودان وهو يعتبر أكبر بلد فى إفريقيا، فهو مكون فى غالبيته على جانب آخر من أراضٍ جافة وصحراوية، وهو بالتالى معرض لنقص فى المواد الغذائية بسبب سخونة الجو وأثرها على الزراعة.
ويأتى دور الفلبين الذي يعتبر بلدا دخله متوسط وهو مكون من ٧٠٠٠ جزيرة من بين البلدان المهددة أكثر بالعواصف المتعددة العنيفة وفى ٢٠٠٨ كانت النتيجة أنه اعتبر من بين ثلاثة بلدان معرضة بقوة إلى عدد هائل من النكبات.
إلى أين نحن ذاهبون؟
بعد الكلام من مخاطر الغرق والجفاف، نستطيع أن نتفق فى الرأى أن كل ذلك يأتى من تقلبات الطبيعة، بآثار يختلف على تقدير حجمها ودرجة مخاطرها.
والأكيد أن بيت القصيد كان وسيظل مرتبطا بسياسة الدولة كما ذكرنا فى بداية المقال، فى أخذ كل الاحتياطات خلال سنة فى إعداد بلدنا للتصدي لأخطار الغرق القادم، وهذه الاحتياطات تشمل الكبارى والطرق والأنهار بشكل يحمى هذا البلد من الكوارث والنكبات. أما بعد ذلك فلنفكر سويا فى كلمات الله تعالى «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا»، لن يأتى ذلك إلا بالاستعداد العلمى والعملى والتصدى لمثل هذه النكبات.