احترت كثيرًا فى سبب اختيار اسم الرئيس الراحل أنور السادات والفريق الراحل سعد الدين الشاذلى ليتم تكريمهما فى أكتوبر ٢٠١٢ بقرار من محمد مرسى رئيس الجمهورية آنذاك، فالشخصيتان متناقضتان، وكان بينهما ما صنع الحداد، والجميع يعرف أن السادات قد أعفى الشاذلى من منصبه أثناء حرب أكتوبر عندما اختلفت وجهات النظر فى إدارة العمليات العسكرية خاصة بعد وقوع الثغرة فى منطقة الدفرسوار صباح يوم السادس عشر من أكتوبر، فقد رأى الشاذلى ضرورة سحب قواتنا من شرق القناة، وهى القوات التى قامت بالعبور ووصلت إلى المضايق وإعادتها إلى الغرب لحصار القوات الإسرائيلية التى تسللت بين الجيشين الثانى والثالث، وقامت بتطويق الجزء المتبقى من الجيش الثالث، ولكن السادات رفض هذا الاقتراح بشدة، لأن سحب أى قوات مصرية من الضفة الشرقية يعنى تراجعًا عن الانتصار الذى تحقق على أرض الواقع، والسادات يريد أن ينهى المعركة وقد حرر جزءًا من سيناء، فهو يعلم أن الحروب تنتهى دائمًا بالمفاوضات ووجود الجيش المصرى على الضفة الشرقية للقناة يعنى إقرارًا بتحقيق النصر، وقد وافقه على هذا الرأى جميع القادة الذين حضروا هذا الاجتماع داخل غرفة العمليات، أما الشاذلى فكان يصر على رأيه الذى رفضه الجميع، وقد قام بعد ذلك بإعطاء أوامر إلى إحدى الكتائب بالعودة إلى الغرب دون موافقة المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع، وهنا تأزم الأمر بين السادات ورئيس أركان جيشه الذى يريد الانفراد بالقرار، وقد اتضح فيما بعد حسن اختيار السادات والقادة لقرار عدم سحب أى قوات من سيناء، أما الشاذلى فقد آثر السفر إلى خارج مصر، رغم تعيينه سفيرًا لها فى لندن وقرر مهاجمة السادات واتهامه بالخيانة، ونعته بأقذر الألفاظ وكان يدعو الشعب للخروج عليه وقتله لا سيما بعد مبادرة السلام، إذن فليس من الطبيعى أن يقوم السيد محمد مرسى بتكريم الرجل وعدوه فى يوم واحد تمامًا مثلما لا يليق أن تكرم السادات صباحًا وتدعو قتلته مساء لحضور الاحتفال بنصر أكتوبر، وهو اليوم الذى يوافق أيضًا ذكرى اغتياله على يد مجموعة من المتأسلمين الذين كفروه وحللوا دمه، وها هم اليوم يجلسون فى مدرجات استاد القاهرة بدعوة من مكتب الإرشاد الذى نظم الاحتفالية مع حزب الحرية والعدالة، وكان من المقصود ألا تتم دعوة من يجب دعوتهم وهم أبطال نصر أكتوبر العظيم، إلى جانب المشير طنطاوى الذى غاب عن الحفل، لأن أحدًا لم يوجه له دعوة، بينما وجهت الدعوة إلى عبود وطارق الزمر وصفوت عبدالغنى وغيرهم ممن لوثت أيديهم بالدماء، وكان من المقصود أيضًا أن تكون هذه الاحتفالية بمثابة رسالة موجهة لمن يهمه الأمر، مفادها أن مرسى يحظى بتأييد جميع التيارات الإسلامية والتى تستطيع وحدها أن تتحرك وتحشد المليونيات على الأرض مما يمثل خطرًا على أى قوة أخرى تعارض الرئيس حتى وإن كانت هذه القوة هى الجيش أو مؤسسات الدولة العميقة، والتى بدأ الإخوان فى ادعاء أنها تقف ضد الرئيس ولا تسانده، مبررة فشله فى تحقيق ما وعد بتنفيذه خلال المائة يوم من حكمه، ودخل مرسى إلى استاد القاهرة مستقلًا سيارة مكشوفة وملوحًا بيديه لمؤيديه الذين علت أصواتهم بالهتاف له وراحوا يرددون «ثوار أحرار هنكمل المشوار»، وكانت أعلام الإخوان ترفرف فى مدرجات الاستاد، وقد استهل مرسى كلمته بقوله «أهلى وعشيرتى الحاضرون فى هذا المكان والوافدون خارجه، ومن يشاهدوننا فى كل بيوتنا فى مصر، والمشاهدون خارج مصر من المصريين وغير المصريين قبل البدء فى الحديث نقول كلنا «ثوار أحرار هنكمل المشوار»، وهتف الآلاف وراء مرسى الذى استمر خطابه لأكثر من ساعتين لم يذكر فيها اسم الرئيس السادات صاحب قرار العبور ولم يذكر شيئًا عن المستقبل ولا عن مشروع النهضة الذى روج له الإخوان أثناء الانتخابات الرئاسية، بل تحدث عن الماضى بكلمات مرسلة هاجم فيها نظام الرئيس مبارك واتهمه بتوزيع ثروة مصر على خمسين أسرة، وتكلم كثيرًا عن الفساد الذى كان موجودًا فى الماضى، ثم تطرق إلى الملفات الخمسة التى كان قد وعد بحلها خلال مائة يوم من حكمه وهى ملفات الأمن والنظافة والمرور والوقود ورغيف العيش، وراح يؤكد أن نسبة الإنجاز فى هذه الملفات قد وصلت إلى ٦٧٪، وتحدث أيضًا عما أثير عن تكلفة تأمين ذهابه إلى صلاة الجمعة كل أسبوع، مؤكدًا أن الرقم الذى يتردد فى وسائل الإعلام لا علاقة له بالحقيقة، وانتهى الاحتفال الذى اكتشف فيه الشعب المصرى أن لمرسى شعبه الخاص وهم أهله وعشيرته الذين كانوا حوله فى ذلك اليوم، وفى العاشر من أكتوبر أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمها ببراءة جميع المتهمين فى القضية المعروفة إعلاميًا بموقعة الجمل، والتى كان يحاكم فيها رموز نظام الرئيس مبارك وعلى رأسهم الدكتور فتحى سرور وصفوت الشريف وعائشة عبدالرحمن. وفى مساء يوم السابع عشر من أكتوبر نشرت صحيفة ذا تايم أوف الإسرائيلية خطابًا وجهه مرسى إلى الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، وهو الخطاب الذى حمله عاطف سالم السفير المصرى الجديد فى إسرائيل، وقد جاء فى نص الخطاب «صاحب الفخامة السيد شيمون بيريز رئيس دولة إسرائيل، عزيزى وصديقى العظيم» وبعد حديثه عن السفير الجديد كتب مرسى «أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة ولبلادكم من الرغد، صديقكم الوفى محمد مرسى».. وللحديث بقية.
آراء حرة
30 يونيو المقدمات والنهايات "18"
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق